أمينة زيدان قدمت أمينة في روايتها الأحدث" شهوة الصمت" تجربة جديدة في مسيرة إبداعها، فهي رواية شكلت فيها الشخصية الرئيسية " شهوت" تمازجا بين كونها شخصية حقيقية أو رمزا للوطن: بالفعل شهوت شخصية رمزية، وهي شئ كنت واعية له أثناء الكتابة، هي شخصية يلتف حولها العديد من الشخصيات، وفي ذات الوقت تحمل اسقاطا ما علي ( الوطن)، قشهوت وغموضها في الرواية مرتبط بالرمز الذي تشير إليه، فالشخصيات التي تعاملت معها بداية من الأم والأب المفترضين، اللذين لم يعيشا معها، وكذلك إنجابها لإبنتها التي جاءت علي عكسها تماما، تتكلم، تبتسم، تمتلك صوتها، تخطط لمستقبلها، لم تنجب شهوت شخصية عاجزة، فمستقبل مريم محدد وواضح). هل ضبابية الشخصية المحورية وإحباطاتها هو ما جعل من " الموت" التيمة الرئيسية للرواية ؟ الحقيقة لما بدأت في الكتابة، كنت أود فقط أن تكون روايتي عن الموت، فأنا أتعلم من الأشياء والمفردات، فدائما أتساءل مع نفسي والقارئ الذي أفترضه ، فمع الجدل الذي أظنه غير حقيقي أصل إلي إجابات، الكتابة أحيانا تعطيني الإجابات، فهي تمثل معرفة جديدة، فالموت هو أصل الحياة. بمعني؟ الكتابة الجادة تحمل بلاشك شكلا من أشكال البحث الإنساني، والوصول إلي داخل النفس الإنسانية بما تحمله من تناقضات وأحلام وتساؤلات، وحينما يجيب العمل عن أسئلة تهم القارئ يكون قد نجح، او علي الأقل حينما يحفز العمل القارئ علي طرح تساؤلات يكون هنا لعب دورا تحفيزيا لا غني عنه في أي عمل هادف. الصحراء هي الموتيفة التي استخدمتيها مكانا لعملك هل هي في هذه الرواية بديلا عن المدينة التي طالما كتبت عنها؟ صحيح الرواية قائمة علي حقيقة علمية، وهي أن الدلتا ستغرق خلال خمسين عاما، وبالتالي الصحراء ستصبح حينئذ ليست صحراء، فلديّ رغبة في أن نتذكر تاريخ الصحراء جيدا، ففيها مات محاربون، حققوا لنا أنتصارات خالدة، فهي مرتوية بدمائنا، فالصحراء ليست بعيدة عني، ففسحتي أنا وجيلي طوال إقامتي في السويس أن نزور جبل ( أبو زنيمة) ونتخيل المعارك والناس التي قتلت في هذه الصحراء، من أجل أن نعيش نحن. حملت الرواية رؤية سياسية مباشرة، لدرجة أنه بدت بعض الصفحات قريبة من المباشرة في الرأي، بشكل أقرب إلي التقريرية. ما حكمني هو منطق الحكي، وأنا دائما مشغولة بذلك، وهو الذي جعل الخطاب أقرب إلي المباشرة، فأنا هنا أذكر حقيقة مجردة أريد أن أقولها وهو أن هناك فرقا بين الموقف الرسمي من إسرائيل والموقف الشعبي، الحوار الذي أشرت إليه جاء ببساطة الرؤية الشعبية لإسرائيل، التي نراها تستعمر شعبا وأرضا ووطنا. إذا اقتربنا من فكرة تصنيف الرواية، البعض نظر إليها بوصفها رواية أجيال، فهي تدور زمنيا في حوالي خمسين عاما، ما رأيك؟ لا أعرف إذا كنت سأوافق علي هذه التقسيمة أم لا، فهي أيضا- تقبل أن تكون رواية تاريخ.. حرب.. صحراء، تحتمل كل هذه التسميات، فالرواية مرتبطة بالبيئة والمكان الذي تدور فيه، كما أنها مرتبطة بالأجيال التي تحمل رؤاها. زمن الرواية يبدو ممتدا عبر أكثر من نصف قرن، هذا الامتداد الزمني حمل الرواية الكثير من المواقف.. أليس كذلك؟ الرواية تبدأ بأحداث ثورة يوليو، مرورا بأحداث تراتبية: الحرب .. الهزيمة.. الانتصار.. الانفتاح الاقتصادي.. وما ترتب علي ذلك من انتشار آفات أضرت بالشباب مثل المخدرات، التي جعلت بعض أبناء جيل يعيشون في هلوسة، بالفعل كان عندي انشغال بالزمن، ليس من أجل رصد الماضي، بل همي الأساسي هو المستقبل والغموض المحيط به ، نتيجة لأوضاع اجتماعية وسياسية، فالزمن في هذه الحالة لعبة مغرية للاشتغال عليه واللعب معه. الإحساس بالزمن والخوف من المستقبل المجهول، أعتقد أن ذلك أثر علي رؤيتك لشخصيات الرواية، فكان فقد الشخصيات أقرب من تنميتها، هذا الفقد أخذ أشكالا متعددة مثل ضياع هوية الشخصية أو وفاتها؟ الفقد والضياع مرتبطان بتجارب عاشتها شخصيات الرواية، فكرة الناس التي تخرج من حياتنا، إلي أين تذهب، بعد أن كانوا يعيشون معنا طوال الوقت، الموت كائن أو كيان موجود بيننا ، لكننا نتعامل معه بتجاوز شديد جدا، لا نراه إلا حينما يتحقق علي أرض الواقع، هذا الجيل الذي يمثله في العمل " يوسف"جيل منكوب، جيل ينسحب من الحياة بمختلف الأشكال: الموت، التوحد مع فكرة المخدرات.. السفر في المجهول، حالة موت تمس المجتمع بشكل دائم وعنيف، الموت في واقعنا أصبح يمثل تراجيديا غير مفهومة، الآلاف يموتون بأمراض انتشرت بشكل غير مفهوم، الانتحار أصبح يتكرر لدي الشباب بشكل أصبح شبه يومي، فكرة الموت في المجتمع المصري تستحق الدراسة، الموت يبدو بشكل جماعي في سن صغيرة يحتاج لوقفة. ما إحساسك بعد خروج روايتك من التصنيف ال16 رواية المرشحين للقائمة القصيرة للبوكر؟ ضحكت، جائزتي أن تتم قراءة روايتي بشكل جيد ، الجوائز مثل القدر.. وهي تعتمد في تقييمها في المقام الأول علي ذائقة لجنة التحكيم، المسألة كلها حسبة صعبة. بعد أن عاد أشرف الخمايسي للإبداع مرة أخري إثر توقف 8 سنوات، صرح بأنه لم يجد أي جديد قدمه أبناء جيله، وأنت بدأت معه رحلة الإبداع، بعد فوزكما في المسابقة الأولي لأخبار الأدب في بداية التسعينيات.. ما رأيك؟ أشرف محتاج لوقت لقراءة المشهد الإبداعي، قبل أن يطلق هذا الحكم، إذ أري فعلا كتابات مفارقة لجيل الشباب، الذي يمتلك القدرة علي المغامرة، والحالة النقدية والإعلامية لم تقيم الحركة الإبداعية الحالية بما يليق بقوة المشهد الإبداعي. ما العمل الجديد المنتظر صدوره في الفترة القادمة؟ انتهيت من 4 قصص طويلة سيضمها كتاب واحد، إذ تجمعهم فكرة تقييم الأجنبي الذي يعيش بيننا للحياة في مصر، أي كيف يري الأجنبي بلدنا.