بجمل محددة وصف الشاعر شعبان يوسف الكتابة عند أمينة زيدان بأنها ذات عالم مغلق ويحتاج إلي وقت من الاستغراق، وأنها تتميز بدقة كبيرة في كتابتها، ولكنها تحتاج لبعض الوقت والقراءة أكثر من مرة ليتضح مغزي ما تكتبه، وكذلك يظهر لديها الرغبة في كتابة الشعر داخل روايتها، لأن هناك العديد من المواقف الشعرية التي تظهر في الكتابة أو في سرد الشخصيات، وتطغي فيها حالة التأمل علي الحالة السردية. بهذه الكلمات تحدث شعبان يوسف عن رواية "شهوة الصمت"، للكاتبة أمينة زيدان الصادرة عن دار "نهضة مصر" للنشر، والتي ناقشتها "ورشة الزيتون" بحضور كل من الناقد الدكتور حسين حمودة، والناقد عمر شهريار، والكاتبة هويدا صالح. واتفقت هويدا صالح مع شعبان قائلة: هذه الرواية تحتاج للقراءة أكثر من مرة، وفي كل مرة نخرج منها بمستوي معرفي وتأملي وجمالي، ومثل هذه الكتابات تعد من النوع المعطاء، تقوم الكاتبة بمراجعة التاريخ والمخزون المعرفي للذات الساردة لتعطي القارئ قدراً من المعرفة، والفكرة الرئيسية للرواية تدور حول شخصية "شهوة" تلك المرأة التي علي الرغم من أنها بكماء صامتة إلا أنها تؤسر كل من يقترب منها مثل ضوء قوي يجذب الفراشات لتموت بين فراغاته، كل من يقترب من "شهوة" من الرجال يحبها، استخدمت الكاتبة عدة ضمائر لتقوم بدلا منها بنبش الذاكرة، وقدمت لنا تعدد الأصوات، ومنحت الكاتبة فرصة للشخصيات أن تحكي حكايتها بصوتها هي، ولكننا لم نسمع مرة صوت "شهوة" ربما بسبب أنها بكماء، ولكن الكاتبة استطاعت أن تلعب بالشخصية بحيث تجعلها غائبة ولكنها كانت الغائبة الحاضرة طوال الوقت في الرواية، وتعود ابنة "شهوة" من بلاد الغربة لتبحث في التاريخ السري لأمها البكماء. ولفتت هويدا إلي أن أمينة استطاعت أن تستخدم قيمة الحلم والكوابيس وتحدث تمازج بين الحلم والواقع لم يكن هناك حد فاصل بينهما، والسرد بالنسبة للمؤلفة كان يقوم بدور المقاومة واسترجاع الحلم الذي ضاع في عهد جمال عبدالناصر. ومن جانبه أكد الدكتور حسين حمودة أن هذه المحاولة التي تشير لبعض النقاط المتناثرة هي جزء من طريقة الكتابة للنص نفسه، وهو النص الذي يؤسس عالمه علي نوع من التراكم المختلف، لا يهتم بعلاقات الأسباب والمقدمات والنتائج، ولا يهتم بتقديم خطوط واضحة في مسارات مختلفة يمكننا أن نري بدايتها وآخرها، بما يجعلنا في النهاية قادرين علي أن نلم بأطراف الشخوص، والأهم من ذلك أن نلم في دوره المتصل وتعدد الأصوات مصاغ هنا من تقنية البوح أو المناجاة الداخلية وكأننا إزاء حركة شفاة صامتة. وأضاف حمودة: الفصول الثلاث للرواية كلها توصيف لحالات سردية من الأساس، فهي ليست متصلة بالشخصيات ولكنها متصلة بنبرات في الحكي والعناوين الجانبية أكثر التصاقاً بالشخصيات، وتشير للكثير من الخيوط الخفية. وأكد الكاتب عمر شهريار أن قراءته للنص الذي يعتبر معقد ومجهدا ولفت نظره طبيعة المكان داخل الرواية فلا نجد علي مستوي الأمكنة أنه لا توجد روايات توجد داخل غرف مغلقة وشخوص منعزلين طوال الوقت، ولا يوجد سوي في الصحراء فهي عبارة عن أماكن مغلقة تشعرك بالاختناق طوال الوقت، ويوحي بالوحدة والانعزال وكأن الشخصيات تعيش في سجون طوال الرواية وكذلك فكرة الاعتماد علي تعدد الرواه فهناك شخصيات عديدة تحكي عن نفسها وعن أزماتها ما بين السرد والتأملات ومن ثم نجد الأجواء الكابوسية وحالات الشجن التي تحتل مكانة كبيرة في روايات أمينة، وذلك نتيجة تحولات سياسية واجتماعية ضاغطة علي هذه الشخصيات الذين يعيشون في معزل عن الآخرين، كما تحدث أيضا عن تفاوت الأجيال داخل الرواية، حيث نلاحظ وجود أكثر من مستوي عمري مختلف، وإن كنا هناك بعض الغموض في أسماء الشخصيات وعدم الوضوح في تحديد الشخصيات بشكل مباشر، والذي قد يشعر القارئ إنه أمام خطأ مطبعي أو خطأ غير مقصود.