تقدم الكاتبة أمينة زيدان في روايتها الثالثة شهوة الصمت الصادرة أخيرا عن مؤسسة نهضة مصر للنشر والتوزيع محاولة لتشكيل واقع مأزوم في نص سردي مكون من ثلاثة فصول تتابع فيه ما بدأته في روايتيها السابقتين من محاولة رصد وقائع ما تم قبل وبعد نكسة يونيو67 من أحوال لحقت بالشخصية أو الذات المصرية, فهي كما تقول مهتمة جدا بتفنيد مفردات الواقع, لفضحها والوقوف علي السلبيات التي أدت إلي تحول ذواتنا إلي كيانات مهزومة, يغلبها الصمت.ابنة السويس التي لمعت منذ ان نشرت كتابها الأول لا تنظر إلي الكتابة كوسيلة للترف أو عبء جمالي وتراهن علي ان تبتكر علي الأقل حلا يلائمها لكي تتوازن, ولدت أمينة في مدينة السويس عام1966, وكان فوز مجموعتها القصصية القصيرة حدث سرا التي نشرت في سلسلة الكتاب الأول بالمجلس الأعلي للثقافة بالجائزة الأولي في مسابقة نظمتها جريدة أخبار الأدب عام1994, دافعا لتكمل مشوارها الأدبي. وفي عام1995 حصلت علي جائزة مهرجان القاهرة الدولي للكتاب لأفضل مجموعة قصصية قصيرة, ونشرت المجموعة بالانجليزية في مجموعة تحت السماء العارية وترجمها قسم النشر بالجامعة الأمريكية كنماذج لقصص قصيرة من العالم العربي, وحصلت روايتها الأولي هكذا يعبثون, علي جائزة باسن لدول البحر الأبيض المتوسط في عام1997 وترجمت للغة الايطالية, روايتها الثانية نبيذ أحمر حازت علي جائزة نجيب محفوظ التي تمنحها الجامعةالأمريكيةبالقاهرة عام.2008 توضح أمينة في حوارها معنا أنها معنية بتجاوز هذه الحالة السلبية وتعتبر كتابتها آلية للمقاومة ولكن علي طريقتها, فالصمت كما تراه بطل سلبي في حياتنا يجب التصدي له. وهنا نص الحوار. *لماذا اخترت الصمت بطلا لروايتك؟ **ربما كان الصمت بطلا مجازيا لرواية شهوة الصمت ولكنه لم يكن بطلا إيجابيا وبناء عليه كانت الفكرة الأساسية هي مقاومة هذا الصمت المعشوق بالافصاح عن المسكوت عنه, أي أن الصمت بطل لكن بطرح آخر يقوم علي مقاومته وابتكار فعل مناقض له. *ولماذا جعلت الصمت متجسدا في امرأة؟ **بطلتي شهوت كانت شخصية رمزية صماء وبكماء ولذلك كان الكل يفضي إليها بدواخله ظنا منه ان أحدا لن يسمعه ولن يعرف بما في سره, بينما كانت ترسم داخلها كل ما تراه وتسمعه لأن في استطاعة الانسان ان يجد أكثر من طريقة للتعبير وأن يخرج من صمته ولا يستسلم لما هو سلبي, وكانت شهوت معشوقة بسبب صمتها لأن الإنسان عادة ما يحتاج إلي شخص صموت يفضي إليه بما في سريرته, أما لماذا كانت امرأة فتلك كانت ضرورة فنية لكي تتجمع كل تلك النماذج الذكورية والنسائية حولها وتكون هناك مساحة من البوح بدون قلق. *كيف جعلت الصمت يصل أحيانا لحد الصخب؟ ** في أحداث الرواية إذا رجعنا إليها فسنجد أن الصمت عادة ما يتبدد عند حدوث كارثة, تحدث الصخب الذي أعنيه وهو صخب لا يفضي إلي أي تغيير وكأنه صخب صامت لا جدوي من ورائه, هو زوبعة في فنجان كما يقولون حتي نعود إلي الصمت انتظارا لكارثة أخري, وهذا لا يعني أن الصمت تم كسره. *يري البعض أن الرواية مكتوبة بأسلوب يعتمد علي الرمزية والغموض؟ ** اتفق مع مسألة الاسقاط الرمزي وأختلف مع مسألة الغموض لأن الرواية لم تتناول احداثا أو شخصيات اسطورية. وأعتقد أنها تحتاج إلي قاريء جاد قادر علي استيعاب الكتابة الجادة. * لماذا لجأت في الرواية لاستخدام الأحلام والكوابيس؟ ** الحلم والكابوس من التيمات الأساسية في حياة كل إنسان وهما في الكتابة الإبداعية عنصران يتم توظيفهما لإبراز ملامح خاصة بالشخصيات وربما لفهم الأبعاد النفسية والتاريخية لهذه الشخصية أو تلك. بمعني أن الحلم والكابوس جزء من الحكاية, فأحيانا يمكن أن يوصل الحلم الفكرة أو الحالة النفسية للشخصيات الموجودة داخل النص أفضل من سردها علي لسانه أو علي لسان الراوي. * لماذا يظهر معظم أبطال أعمالك مهزومين؟ ** أقول لمن يسألني سؤالا كهذا وأنت تمشي في الشارع حدق في الوجوه من حولك وأمعن النظر بداخلك وستدرك أن الشعور بالهزيمة يهيمن علي الجميع وليس علي أبطال أعمالي فقط, فما أقدمه هو جزء من هذا الواقع وصورة لوجوه أعرفها.