خرجت علينا الروائية أمينة زيدان براويتها شهوة الصمت التي تصور فيها أشخاصها وهي يعيشون الحاضر بتجارب الماضي وقد تملكتهم شهوة عدم القدرة علي الكلام فتكلمت هي بروايتها وركزت علي كل مواجع الحاضر كاشفة عن حوادث الموت الحديث, سواء كان هذا الموت من عبارات الهجرة للخروج من الموطن أو من الدجاج والخنازير أو موت الثقافة حين انتهت مسارح الدولة وقد رأت الكاتبة أن هذا الموت الجماعي لايقل عن الموت في الحروب وكأنها مازالت قائمة الي الآن لافرق. حول الرواية وما تعنيه كان لنا هذه الحوار مع المؤلفة: * ماذا كان الدافع وراء خروج ذه الرواية وأي صمت تعنين منها؟ ** المقصود هو وجود حالة من الصمت علي كل الأوضاع تجاه تردي حالتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. ومن خلال استعراض التاريخ السابق والتنبؤ بما سيحدث في السنوات القادمة تساءلت إلي أين سنصل بسبب حالة الصمت هذه وعدم الوقوف ضد ممارسات الهدف منها في النهاية تدمير الشخصية المصرية والقضاء علي قدرات هذا الشعب. * هذا بشكل عام وماذا عن الرواية بشكل خاص وقد استخدمت الرمز في التعبير عن رأيك وتحدثت عن الأزمنة الثلاثة الحاضر والماضي والمستقبل فيها..؟ ** بشكل خاص الرواية تدور حول المقابر الفاقدة النطق وقد اظهرت نماذج عديدة من الشخصيات التي تدور حول شهوة وكأنها أرواح وليست شخصيات حقيقية من لحم ودم مع أنها هي بالفعل شخصيات حقيقية وتمثل نماذج معينة في المجتمع مثل المحارب والعالم والمثقف والحارس للوطن.. كل هذه النماذج تتحرك حول شهوة وعالمها الذي من المفترض أن ينتهي في الفترة الحالية.. وبعد ثلاثين عاما تظهر بنت شهوة التي اتصورها فكرة الجيل القادم لمجتمعنا وقدر احباطاته ورغبته في الخروج من وطنه لتحقيق حياة أفضل بالخارج خاصة أن الشخصية المصرية صارت الاستهانة بها أمرا شبه عادي * ماذا كنتي تعنين حين جعلتي مريم أبنة شهوة امتدادا لأمها الصامتة الخرساء ولأنها صامتة تكلمت ابنتها مريم وكانت امتداد لها ولكنها تنطق؟.. ** شهوة هي القيمة المشتهاة من الجميع وعلي قدر اشتياقهم لها يصيبها الأذي من جميع المحيطين بها.. وقد تعمدت التأكيد علي فكرة الرمزية في شخصية شهوة نفسها أما مريم فقد عانت من فكرة مغادرة الوطن والاغتراب وارتباطها بالمدن الكبري التي تم بشكل من اشكال لتواطئ علي المستقبل الخاص بمصر. * الم تكن هناك مصادرة من جانبك علي القارئ حين حولت النص لدلالة رمزية خاصة أن البعض رأي أن الرواية تحتاج ليقظة تامة ونوع من التركيز عند القراءة..؟ ** شهوة تمثل الشخصية أو الكيان الذي لايستطيع التعبير عن ذاته من خلال الكلام ولكن تعبر عن طريق الفنون والرسم فهي رسامة رائعة وهذا مبني علي قصة حضارتنا المبنية علي النحت والفنون التشكيلية.. وهي بقدر صمتها تري وتعكس الاحداث التي تحدث حولها في الواقع الي لوحات تمثل وحدات فردية تميل إلي اللوحات التاريخية.. وشهوة هذه يشتهيها الكل وبقدر هذا يوقعون بها الأذي وبقدر كبير. * قصدت التعبير عن مصر من خلال شهوة المرأة الصامتة التي تعبر عما بداخلها من خلال لوحاتها.. لماذا المرأة تحديدا؟ ** هذا كان جزءا من توجهي في الكتابة فأنا لا اعبر عن شهوة كشخصية نسائية وانما اعبر عن كيان إجتماعي يشكل مصر ونحن تعودنا تأنيث مصر كما كانت قبل ذلك بهية وكذلك حين شبهها محمود ختار كامرأة تعبر بمضامينها الكاملة عن مصر. * كيف قوبلت الرواية من النقاد..؟ ** شهوة الصمت قوبلت بالصمت من النقاد.. هذا ما حدث بالفعل.. الرواية بها شغل تجريبي جديد وفنيات جديدة وهي تقوم علي عالم من الذكريات وهذه الذكريات يشترك فيها الأحياء والموتي والشخصيات جاءت بتلقائية بدون تحضير لها وكنت أفاجأ وأنا اكتب بحضور بعض الشخصيات وكأنها روح تأتي لتقول ماذا فعلت.. بعض النقاد قال عنها أنها صعبة ولكن الغريب أن القراء العاديين استوعبوا الرواية وفهموها جدا وشعروا بها وكثيرون قالوا أن الرواية تعبر عنهم وقد كان هذا بالنسبة لي مرضيا خاص وأنا اتوجه حين أكتب للقارئ وليس الناقد..