عامان مرا على قرار البنك المركزى، إعفاء البنوك من إيداع نسبة 14% من ودائعها لديه، حال منح قروض للمشاريع الصغيرة، غير أن العديد من الخبراء والمتابعين للشأن المصرفى، أكدوا أن البنوك مازالت تحجم، رغم هذا القرار التحفيزى من قبل المركزى، عن إقراض هذه النوعية من المشاريع التى ترصد الكثير من التقارير أنها تستحوذ على نحو 80% من القوى العاملة فى مصر. ففى ورشة عمل عن «تنافسية المشاريع الصغيرة والمتوسطة» نظمها المجلس الوطنى للتنافسية فى الإسكندرية على مدار اليومين الماضيين، طالب المشاركون بضرورة البحث عن حلول للتغلب على مشاكل التمويل التى تواجه المشاريع الصغيرة. محمد زكريا، مستشار وحدة المشروعات الصغيرة بالمعهد المصرفى، أرجع أغلب المشاكل التى تواجه المشروعات الصغيرة فى الحصول على التمويل إلى الثقافة السائدة لدى أغلب البنوك فى أهمية هذه المشاريع ودورها فى تحقيق التنمية ومعدلات النمو الحكومية المستهدفة. من جانبه، طالب هشام عبدالدايم، مدير برامج الدعم الفنى فى مركز تحديث الصناعة، بضرورة البحث عن حلول ملائمة للتغلب على مشاكل التمويل التى تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة، خاصة أن بعض البنوك لا تضعها ضمن أولوياتها، بخلاف تمويل الشركات والأفراد الكبار. وقال عبد الدايم: «رغم قيام المركز بمساعدة بعض المنشآت الصناعية على تقديم دراسات جدوى ملائمة لأغلب طلبات البنوك، فإننا نفاجئ برفض البنوك دون سبب واضح». وأضاف أنه، حسب استطلاع للرأى أجراه مركز تحديث الصناعة فى 2008 على أكثر من 600 من عملائه من بين 5 آلاف عميل، فإن الاحتياجات التمويلية، جاءت فى المرتبة الأولى، حيث أشارت العينة المبحوثة إلى حاجتهم إلى نحو 10 مليارات جنيه لتطوير كياناتهم وتوسيع حجم أعمالها. ولفت إلى أن هذا الرقم ليس بالكبير، مقارنة بما يمنحه الجهاز المصرفى سنويا للشركات والمستثمرين الكبار، مؤكدا أنه رغم هذه العقبات، فإن المركز التابع لوزارة الصناعة نجح فى توفير تسهيلات ائتمانية لعملائه تجاوزت مليار جنيه من خلال برنامج تيسير الاستثمار حيث حصل نحو 502 عميل عليها من خلال برامج محددة من عدد من البنوك. من جانبه أكد الدكتور سمير رضوان، مستشار هيئة الاستثمار، ضرورة الإسراع فى إقرار البرلمان قانون تنظيم الائتمان متناهى الصغر، نظراً لزيادة الاحتياج إليه حاليا فى ظل معاناة هذا القطاع من ضعف التمويل المتاح له، مشيرا إلى أن القانون من اختصاص هيئة الرقابة المالية التابعة لوزارة الاستثمار وليس للبنك المركزى علاقة به. وقال رضوان الذى استعرض التجارب الناجحة فى دول العالم المختلفة فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إن هذا القانون سيوفر آليات سهلة لتمويل المشروعات. وفى هذا السياق، اقترح عمرو العبد، رئيس منتدى رائدى الأعمال، تطبيق ما يسمى بأسلوب «ملائكة الاستثمار» السائد فى الخارج، والذى يساعد أصحاب المشروعات على الحصول على التمويل بطريقة موازية للجهاز المصرفى ولكن عبر قنوات أخرى. وأوضح العبد أن طريقة «ملائكة الاستثمار» تعتمد على توفير التمويل، وكذلك الخبرة لقطاع المشروعات الصغيرة من خلال مساهمة عدد من رجال الأعمال تعرض عليهم أفكار الشباب غير التقليدية وفى حال الموافقة عليها، يكون مسؤولاً عن تمويلها ومد هؤلاء الشباب بخبرته حتى تنجح التجربة. ورغم محوريتها ودورها البارز فى تحقيق التنمية، فلا تسهم المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى التكوين الرأسمالى بنسبة لا تتعدى ال10%، لمواجهتها معوقات مالية وغير مالية تحول دون زيادة قدرتها التنافسية، حسب تأكيد الدكتورة منى البرادعى، المدير التنفيذى للمجلس الوطنى. وأكدت «البرادعى» أن نسبة مساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى إجمالى الصادرات المصرية لا يتجاوز 4% فقط، مقارنة بنحو 60% فى الصين، و56% فى تايوان، و70% فى هونج كونج، و43% فى كوريا.