وجدت نفسى مربوطاً بالحبال من قدمى على ارتفاع 60 متراً وحولى الجبال الخضراء، ومن فوقى السماء الصافية ومن تحتى نهر تجرى فيه المياه بسرعة لتتدفق بين الوديان والشلالات، إنه الخيال فى نيوزيلندا وكأننى فى حلم أنها الجنة، وتذكرت زمان فى اختبارات القبول بكلية البوليس «قفزة الثقة» شرط القبول بالكلية، وهى أن ترمى بنفسك من ارتفاع 10 أمتار من برج القفز إلى حمام السباحة تأكيداً للثقة بالنفس، ومن يتراجع يرسب ولا يستحق القبول ليكون ضابط بوليس، والحمد لله اجتزت هذا الاختبار واستمتعت بمتابعة زملائى وهم يقفزون والرعب يتملكهم فى الهواء، تطورت قفزة الثقة فى اختبارات كلية البوليس إلى مشروع مغامرة للشباب والفتيات فى العالم، وبدأت فى نيوزيلندا جنة الله فى الأرض من أعلى مكان فوق الماء (بانجى جامب) والموقف له نظام واحترام ورهبة وطقوس تطلب منى التوقيع بأننى المسؤول عن نفسى، ولا أرجع على أحد بالتعويض فى حالة الوفاة، إنها المغامرة والشجاعة وحب الخروج عن روتين الحياة، بنات فاتنات باسمات يتمتعن بروح رياضية عالية وجدتهن يقمن بربط الأرجل بالحبال من أسفل مع محاولة منهن لإضفاء روح المرح والمداعبة قبل القفز- إنها لحظة لن أنساها فى حياتى، وجدت نفسى وحيداً بين جمال الطبيعة والرعب يتملكنى إنها قفزة العمر أن تقهر الخوف بداخلك، وتأخذ القرار منفرداً ولا يلمسك أحد لتشجيعك، نظرت فى عيون الواقفين خلفى.. إنه مناخ كله نشاط وحيوية، وبمجرد القفز يصبح الرأس إلى أسفل والأرجل مربوطة بالحبل إلى أعلى حتى ملامسة مياه النهر فى نهاية نشوة السعادة حتى فك القيد وركوب اللنش إلى البر. إن التدريب على روح المغامرة بين الشباب فى جميع دول العالم أمر يتم رصده بحرفية بالغة، إن مغامرة الشباب جزء من المجتمع، حيث النجاح فى التجارة والصناعة والسياسة يكمن فى حلاوة ومتعة المغامرة، رأيت شباباً وفتيات من أنحاء العالم لا تهزمهم مصاعب الحياة، ولا يقدر أحد على قهرهم أو اغتيال عقولهم بالدجل والخزعبلات، إنهم يراعون ربهم فى كل شىء وينجحون فى أن يكونوا قيمة مضافة لإثراء البشرية، ولا يتركوا عقولهم لغيرهم ليفكروا لهم بها تحت أى مسمى. بمناسبة العام الجديد ازدادت الطوابير على المغامرات الرياضية فقد ذهب كثير من الشباب إلى أعالى الجبال الخضراء يرمون أنفسهم عليها ويتدحرجون من القمة إلى القاع فى دعابة مع الطبيعة التى وهبهم الله إياها، وآخرون يتزحلقون بالزحافات من أعالى جبال الثلج، ورأيت مغامرين فى الأنهار والوديان فى جراند كانيان إحدى عجائب الطبيعة التى وهبها الله للبشرية، وأيضاً تأملت شباباً ورجالاً يتحدون الأمواج العالية بالتزحلق عليها واختراقها والوقوف بين طياتها، إنها أمور تبعث على الأمل وتخلق شعوباً لها أحلام وطموحات لا نهاية لها تختلف كثيراً عن شعوب أعلى طموحاتها أن يجلس الناس أمام شاشة 20 بوصة لتدمير عقولهم ببرامج الكلام... والسلام.