وجدت نفسى مسترجعاً ذكرياتى فى كندا التى سبق لها استضافة دورة الألعاب الأوليمبية بأكبر مدنها مونتريال سنة 1988 وذلك بمناسبة إعلانها من أيام قليلة عن نفاد جميع تذاكر مشاهدة دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية التى ستقام على أرضها فى مدينة فانكوفر سنة 2010. وكنت قد ذكرت فى إحدى مقالاتى السابقة أن الرياضة لن تتأثر بحالة الركود والأزمة المالية التى فاجأت العالم كله لأن الرياضة أكبر من أى أزمات فهى متعة فى الممارسة والمشاهدة وقدرات فذة وهبها الله سبحانه وتعالى لبنى البشر بمختلف ألوانهم وجنسياتهم ودياناتهم. ورغم أن عاصمة كندا هى مدينة «أوتاوا» إلا أن المنافسات الرياضية العالمية تستضيفها مدن كندية أخرى. إن دورة الألعاب الإوليمبية الشتوية تقام كل أربع سنوات بعد سنتين من الأليمبياد الصيفية وتقام على الثلوج وفوق أعالى الجبال المغطاة بالثلوج وتفرز الدول والمدن الثلجية أبطالاً للأوليمبياد فى جميع المسابقات على الثلوج. إن مدينة كالجورى وفانكوفر من أبرد مدن كندا حيث تصل درجة البرودة فيها إلى 18 درجة تحت الصفر وعندما تغطيها الثلوج يخرج شبابها ونساؤها للجرى والقفز والتزلق عليها. إن العام القادم 2010 استعدت له كندا لترفع صوتها للعالم: هنا دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية، هنا كندا وسيتم التسويق للحركة الاقتصادية والتجارية والسياحية فى هذه القارة، 32 مليون نسمة، ولن أنسى أبداً المكان الذى تطل عليه كندا وهو من عجائب الطبيعة التى حبا بها الله سبحانه وتعالى البشرية.. إنها شلالات نياجرا من الجانب الكندى. متعة وصفاء نفسى وجمال أن ترى نفسك واقفاً فى كندا على حافة شلالات نياجرا وتتجمد مياه الشلالات المتدفقة فى الشتاء وتخمد حركتها ويسكن تدفقها وتصبح ألواحا ثلجية ويتوقف الرذاذ الذى ينطلق فى السماء أعلى هذه الشلالات صيفاً. العالم يتابع بعد أسابيع قليلة فى كوبنهاجن اجتماع اللجنة الأوليمبية الدولية لاتخاذ قرار باسم المدينة الفائزة لاستضافة أوليمبياد 2016. لقد قدمت مدريد وشيكاغو وريودى جانيرو واليابان وموسكو رغبة كل منها فى استضافة هذه الأوليمبياد بملف يصفونه بأنه يحمل مفاجآت جديدة مذهلة لترجح اللجنة للتصويت لها، وقد تفانت كل دولة من هذه الدول المتنافسة فى تقديم شىء فريد فى الملف وقامت أذكى العقول بالتفانى فى إبراز قدرات مدينتهم على تحقيق هذا الحلم، ولا ننسى أن بعضا من هذه الدول قد سبق له تنظيم دورة أوليمبية منذ أكثر من أربعين وخمسين سنة مثل إسبانياواليابان وأمريكا وأيضاً إنجلترا التى تستضيف الدورة الأوليمبية القادمة 2012 بلندن وسبق لها استضافة نفس الدورة سنة 1948. أن جميع القارات ماعدا القارة الأفريقية حظيت باستضافة إحدى الدورات الأوليمبية على مدى أكثر من مائة عام عام وكثير من الدول فى هذه القارات تحصل على حق الاستضافة للمرة الثانية مثل اليونان وإنجلترا، وقد التفت العالم أخيراً إلى القارة الأفريقية فى إسناد كأس العالم لكرة القدم إلى جنوب أفريقيا 2010 والذى خرجت مصر منه بصفر المونديال الشهير. وعندما تتجه الانظار فى العالم للقارة الأفريقية لاستضافة الأوليمبياد، وعندما يأتى هذا اليوم فهل تحظى مصر بمكانتها الأفريقية بشرف حق الاستضافة أم أننا سنكون ضيوفاً على دولة أفريقية أخرى تسبقنا فى هذه الفرصة التى لن تتكرر. هتسألونى يا جلال هل لدينا أمل لتحقيق هذا الحلم حتى لو بعد 20 سنة؟ وإجابتى أن آباءنا وأجدادنا لم يفعلوا شيئاً للتخطيط لليوم الذى نتفوق فيه وتكون لنا الأولوية فى استضافة أوليمبياد وبالتالى نحن لم نفعل شيئاً للأجيال القادمة لمساعدتهم فى المطالبة بحق الاستضافة، ونسأل أنفسنا أين مكان القرية الأوليمبية الجديدة بعد 20 أو 28 عاماً وقد استنفدت هيئة المجتمعات العمرانية كل مالديها من أراض مميزة لبيعها لتكون بلوكات خرسانية متراصة ليس بها أى جمال وأعطت الأندية مساحات لبناء فروع لها لتكون حدوتة مجالس الإدارات فى إعادة انتخابهم. وأين التخطيط للمستقبل لبناء ملاعب أوليمبية بجوار قرية أوليمبية يتم التخطيط لها من الآن لمستقبل مصر. إن اليابان قدمت الملف وركزت على أن وسائل النقل ستكون صديقة للبيئة بالكهرباء أملاً فى الفوز.. فماذا نحن الآن فاعلون لمستقبل مصر بعد 20 سنة، أخشى أن تكون قدرتنا على الحلم قد ماتت.