وسط موجة الغضب العارم من قرار حكومة إسرائيل ضم الحرم الإبراهيمى ومسجد بلال (قبر راحيل) فى الضفة الغربية إلى المواقع الأثرية اليهودية، أصيب عدد من الفلسطينيين فى محافظة الخليل بحالات اختناق، إثر مواجهات اندلعت أمس. وأشارت وكالة «وفا» الفلسطينية للأنباء، إلى أن المواجهات تركزت فى جبل جوهر، ومفرق طارق بن زياد، شرق المدينة، فيما شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلى - التى تواجدت بشكل مكثف فى المنطقة - فى إطلاق الأعيرة النارية والغاز المسيل للدموع صوب المواطنين وطلبة المدارس، مما أسفر عن إصابة عدد منهم بحالات من الاختناق، وقامت طواقم الإسعاف بعلاجهم ميدانيا. ووسط تعالى الأصوات الفلسطينية والعربية والإسلامية المنددة بقرار حكومة إسرائيل ضم الموقعين المقدسين فى الضفة الغربية إلى المواقع الأثرية اليهودية، تظاهر مئات الفلسطينيين فى مدينة غزة أمس الأول احتجاجاً على القرار الإسرائيلى. وردد المشاركون فى المظاهرة التى دعت إليها حركة المقاومة الإسلامية «حماس» شعارات مناهضة لإسرائيل وسياستها بحق المقدسات الإسلامية والعربية ورافضة لضم مواقع إسلامية، معتبرة القرار الإسرائيلى «مقدمة لاعتداء كبير بحق المسجد الأقصى»، وجابت المسيرات عدداً من شوارع مدينة غزة بحضور مسؤولين فى الحركة. وقال يوسف فرحات المتحدث باسم «حماس» فى كلمته للمتظاهرين، إن «حركة حماس مقيدة فى الضفة الغربية ولكن الصمت لن يطول»، مهدداً بأن هذا الصمت «هو ما يسبق العاصفة»، مطالبا قادة القمة العربية المقبلة المنعقدة فى طرابلس بإعطاء ملف المقدسات الأولوية. واستمراراً للاستفزازات الإسرائيلية، زعم الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز اليوم إن بلاده «غير معنية» بفتح مجابهة مفتعلة مع الفلسطينيين بشأن المواقع المقدسة، وادعى بيريز فى تصريحات نقلتها الإذاعة الإسرائيلية خلال لقائه روبرت سرى، منسق الأممالمتحدة الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط، أن «ما حصل ليس إلا سوء تفاهم»، فى إشارة منه إلى قرار الحكومة الإسرائيلية اعتبار أسوار البلدة القديمة فى القدس والحرم الإبراهيمى فى الخليل ومسجد بلال بن رباح فى بيت لحم مواقع تراثية إسرائيلية. وأضاف أن «إسرائيل تحترم كل موقع مقدس لأبناء الديانات السماوية الثلاث، وأن الخطة التى يدور الحديث بشأنها تهدف إلى تثقيف أبناء الشبيبة الإسرائيليين تاريخيا ودينيا، وهذا الأمر لا يتنافى مع حق المسلمين فى أداء طقوسهم الدينية». وبينما لقى القرار الإسرائيلى إدانة فلسطينية وعربية وإسلامية واسعة، اعتبر بيريز أن حماس «تحاول افتعال نزاع مصطنع، وإسرائيل لا تكترث بتلك النزاعات». وفى الوقت نفسه، أعربت تركيا عن أسفها للقرار الإسرائيلى، معتبرة أنه سيخلق أزمة ثقة خطيرة تؤثر على عملية السلام فى الشرق الأوسط. ودعت وزارة الخارجية التركية، إسرائيل فى بيان إلى «عدم اتخاذ مبادرات أحادية واستفزازية» بشان المواقع التى تعتبر تاريخيا من «التراث الثقافى الإسلامى». ورغم أن تركيا كانت لفترة طويلة أكبر حليف إقليمى لإسرائيل، فإن العلاقات بين البلدين تدهورت كثيرا بعد الهجوم الإسرائيلى على غزة الذى انتقده بشدة رئيس الوزراء التركى طيب رجب أردوجان. وفى خضم أزمة المواقع الأثرية، كشف استطلاع للرأى أجراه معهد «جالوب» أن 63% من الأمريكيين أبدوا تعاطفهم مع إسرائيل.. وهى أعلى نسبة من التعاطف مع الدولة اليهودية بين الأمريكيين منذ عام 1991. وذكر الاستطلاع أن نسبة الأمريكيين الذين يتعاطفون أكثر مع الفلسطينيين لا تتجاوز 15%، بينما أبدى 23% تعاطفاً مع الجانبين أو عدم انحياز لأى منهما. ووجد الاستطلاع أن آراء الأمريكيين بشأن عملية السلام فى الشرق الأوسط لم تتغير كثيراً، إلا أنها بدت أكثر تشاؤماً عن ذى قبل، حيث أبدى 67% منهم تشككاً فى التوصل إلى سلام، بينما توقع 30% أن يصل الطرفان عند نقطة معينة إلى تسوية. وفى المقابل، أعلنت شخصيات فلسطينية مستقلة أمس الأول من العاصمة اللبنانية بيروت، إنشاء «الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق الثابتة» للشعب الفلسطينى. ومن بين الشخصيات التى أنشأت هذه الهيئة الدكتور عزمى بشارة والدكتورة بيان نويهض الحوت ومحمد أبوميزر وماجد الزير ومنير شفيق وصلاح الدباغ وبلال الحسن. وأعلن بلال الحسن إنشاء هذه الهيئة «من أجل بلورة حالة النهوض ووضعها فى سياق حراك شعبى جماهيرى مستقل.. ولقناعتنا بأن قضية فلسطين قضية عربية.. ولقناعتنا بأن خطر إسرئيل هو خطر على العرب جميعا.. ولقناعتنا بأن النصر على إسرائيل لن يكون إلا بتلاحم فلسطينى عربى».