تنفق الولاياتالمتحدة ملياراً و750 مليون دولار يوميا على قواتها المسلحة فى شراء أسلحة حديثة وكبيرة، على الرغم من أن هذه الأسلحة ليست مطلوبة لربح حروب هذه الأيام، ولكنها أيضا الأدوات الخاطئة لخوض الحروب فى المستقبل، خاصة أنه من الواضح فى الوقت الحالى أن أعداء أمريكا يسبقونها بخطوة دائما. وبات من الواضح أن جميع الأساليب التى استخدمتها القوات الأمريكية فى محاربة شبكات المقاتلين فى العراق وأفغانستان لم تكن مجدية، وأن كلاً من القوات الجوية والزيادة التقليدية للقوات على الأرض غير مطلوبة. وتطورت الحروب كثيرا خلال القرن الماضى، ففى الحرب العالمية الأولى بدت الحرب وكأنها لاتزال كما هى منذ اختراع البارود، فالجنود يقتربون كثيرا ليشتبكوا مع بعضهم البعض فى الخنادق، والمشاة هم من يحسمون الحروب، ولذلك كان الأمر أشبه بحمام دم تم ذبح ملايين الجنود فيه. أما فى عصرنا الحالى، فيقول الكثيرون إن القواعد التكنولوجية الحديثة ستفرض تغيير قواعد الحرب، وكانت الولاياتالمتحدةالأمريكية سباقة فى هذا الصدد، من خلال سن قاعدتى «الصدمة والرعب» و«عقيدة باول»، وتعتمد هاتان العقيدتان على استخدام قوة نيرانية متفوقة للغاية وبكثافة ودقة عالية، بما ينزل بالخصم صدمة نفسية شديدة تساعد على هزيمته بسهولة، وكان هذا المبدأ السائد فى تسعينيات القرن الماضى، وكان ملخصه أنه «كلما كانت المطرقة أكبر كان تأثيرها أشد». إلا أن النتائج المخيبة التى ظهرت فى أفغانستان والعراق توضح أن هذه النظريات كانت بعيدة عن الحقيقة تماما. ويبدو فى وقتنا الحالى أن عدم الفهم لايزال قائما بالنسبة للولايات المتحدة، ففى الوقت الذى تطورت فيه الصواريخ فوق الصوتية التى تستهدف السفن، فإن الولاياتالمتحدة أنفقت مليارات الدولارات من أجل بناء سفن حربية يمكن جعلها رماداً فى دقائق معدودة. وتواصل الولاياتالمتحدة تطوير الطائرات الحديثة والمتطورة، على الرغم من أنه لم يسقط لواشنطن إلا طائرة واحدة مقاتلة بسبب معركة خلال ال40 سنة الأخيرة، وبالتالى تم إنفاق مليارات الدولارات على تطوير ال«إف-22» ثم ال«إف-35»، دون حاجة واقعية لذلك لأن الولاياتالمتحدة متفوقة بعقود من التكنولوجيا على الدول الأخرى فى هذا الإطار. وما تفتقده الولاياتالمتحدة هنا هو فهمها لمفهوم العلاقات الشبكية، فعلى الرغم من أن هذا المفهوم يبدو مائعاً إلا أنه ملىء بالحيوية، فجمعيات المجتمع المدنى أدت لأهداف الحرية أكثر مما فعلت الولاياتالمتحدة من خلال غزوها للعراق وأفغانستان، كما أن شبكات الإرهاب العالمى نجحت فى الاستفادة من شبكات العالم من خلال تجنيد العملاء، فاليوم العالم ملىء بأمثال عمر عبدالمطلب (شخص حاول تفجير طائرة أمريكية وتم إلقاء القبض عيله) إلا أنهم لن يفشلوا جميعا. ولاشك أن الحرب هذه الأيام أصبحت أكثر تعقيدا من الماضى، ولم يعد كافيا لربحها استخدام الدبابات الكبيرة على سبيل المثال، ويمكن القول إن هناك 3 قواعد لربح الحرب هنا: 1- الوحدات الصغيرة المتعددة أفضل كثيرا من القليلة الكبيرة: ولا شك أن هذا يتضح من خلال التغير فى نتائج حرب العراق الذى حدث عندما بدأت القوات تستخدم استراتيجية الفرق الصغيرة التى لا يزيد تعدادها على 50 شخصا، ويكون كل شخص فيها مسؤول عن شىء محدد وبينهم اتصال دائم بما يسهل من مهمتهم التى تكون فى النهاية جزءاً من استراتيجية أكبر وهكذا. 2- ليس المهم حصار العدو، الأهم إيجاده أولا: ويتضح هذا من خلال الفشل الأمريكى فى التعامل مع متمردى القاعدة الذين نجحت قوات القبائل (الصحوة) فى استهدافهم بكفاءة أعلى نظرا لتوغلهم فى الأرض ومعرفتهم بها. 3- الضرب المتنوع أفضل من زيادة القوات: الإرهابيون هم من اخترعوا هذا الأسلوب، حيث يعرفون يقينا أنهم لن يتمتعوا بأى زيادة عديدة على محاربيهم، لذا فهم يعمدون إلى أن يشنوا هجومهم من أكثر من اتجاه كما يقومون بشن عدد من الهجمات فى نفس التوقيت، مما يوقع التأثير المطلوب بالحد الأدنى من القوة. ولاشك أن حزب الله فى 2006 قدم درسا فى استخدام تكنيكات الحرب ال3 التى ستتحكم فى حروب المستقبل، ولاسيما فكرة الهجوم من المحاور وتقليل عدد أعضاء الوحدات وتقوية الاتصال بينهم، كما تقوم الصين بالمثل فى وحداتها البحرية، وروسيا فى وحداتها البرية، لتبقى الولاياتالمتحدة الوحيدة التى تقوم على القوة الضاربة والمكثفة.