ازدادت الأجواء توتراً وسخونة داخل مجلس الدولة عقب قرار المجلس الخاص، أمس الأول، باستكمال إجراءات تعيين الإناث فى وظائف قضائية بالمجلس رغم رفض أغلبية أعضاء المجلس الخاص، وما انتهت إليه الجمعية العمومية لمستشارى المجلس التى عقدت يوم 15 فبراير الجارى، بالرفض أيضا. سادت حالة من الاستياء بين قضاة مجلس الدولة عقب قرار المستشار محمد الحسينى، رئيس المجلس، ووصفته الأغلبية بأنه يضع مجلس الدولة بأكمله على صفيح ساخن، ويفتح الباب أمام من قال عنهم «الحسينى» ذاته «الذين يحاولوا النيل من هيبة مجلس الدولة». وفى أول رد فعل على قرار «الحسينى» عقد مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة اجتماعاً طارئاً فى الرابعة عصر أمس الأول، استمر حتى الساعات الأولى من صباح أمس، برئاسة المستشار يحيى دكرورى، نائب رئيس مجلس الدولة رئيس النادى، وانتهى إلى إصدار بيان رسمى تضمن عدة قرارات على رأسها إقامة دعوى قضائية للطعن على قرار رئيس مجلس الدولة رقم 92 لسنة 2010 باستكمال إجراءات تعيين خريجى وخريجات دفعتى 2008 و2009 بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، وكذلك تبنى الدعوة إلى عقد جمعية عمومية لمستشارى مجلس الدولة، وعمومية غير عادية للنادى لعرض الأمر عليها لتقرير ما تراه فى هذا الشأن، وإعداد مذكرة قانونية للعرض على المجلس الخاص تتضمن «المخالفات الصارخة» التى حدثت والرد عليها فيما يتعلق بتعيين الدفعتين المذكورتين. كما انتهى مجلس إدارة نادى قضاة مجلس الدولة فى بيانه إلى دعم كل من المستشارين محمد عبدالغنى، النائب الأول لرئيس مجلس الدولة رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع، وعادل فرغلى، رئيس محاكم القضاء الإدارى، ومحمد أحمد عطية، رئيس التفتيش القضائى بالمجلس، وعبدالله أبوالعز - وجميعهم أعضاء بالمجلس الخاص - فيما أبدوه من رأى بإرجاء تعيين المرأة فى الوظائف الفنية بمجلس الدولة، وتأييدهم فى كل ما يتخذونه من إجراءات لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وفقاً لأحكام القانون. واستنكر مجلس إدارة النادى ما سماه «الكيل بمكيالين» فيما يخص الإدلاء بالتصريحات لوسائل الإعلام والصحافة والإعلام، حيث سمح به رئيس المجلس لمتحدثه الرسمى - وهو أحد مؤيدى تعيين المرأة قاضية بالمجلس - وحجبه عن معارضيه ومخالفيه فى الرأى. وأكد مجلس إدارة النادى أنه فى حالة انعقاد دائم ومستمر لمتابعة ما تسفر عنه الأحداث فى هذا الشأن. وعلمت «المصرى اليوم» أن هناك عدة طلبات قُدمت لمجلس إدارة النادى بعد صدور قرار الحسينى، باستكمال إجراءات تعيين الإناث لإسقاط عضوية كل من رئيس المجلس المستشار محمد الحسينى، والمستشار محمد عزت السيد، رئيس قسم التشريع، والمستشار معتز كامل مرسى، الأمين العام لمجلس الدولة، المتحدث الرسمى، واستندت هذه الطلبات إلى نص المادة 17 من لائحة النادى التى مفادها أن لمجلس الإدارة الحق فى إسقاط عضوية كل من أساء إلى النادى أو لأحد أعضائه، واعتبرت طلبات إسقاط العضوية أن قرار الحسينى أساء لجموع قضاة المجلس خاصة أنه تجاهل رأى الجمعية العمومية التى رفضت بأغلبية أعضائها عمل «قاضيات» بمجلس الدولة. وفى السياق ذاته، وصف عدد كبير من المستشارين نواب رئيس مجلس الدولة قرار «الحسينى» بأنه تجاهل لرغبة جموع قضاة المجلس، وقالوا إن أسوأ ما فى الأمر أنه سبق واتخذ رأى الجمعية العمومية التى انتهت بأغلبية 88٪ من المصوتين بها إلى التريث فى تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة، بل وأيد أغلبية أعضاء المجلس الخاص قرار الجمعية العمومية، إلا أن الحسينى نأى بنفسه عن كل ذلك وأصدر قراره باستكمال السير فى إجراءات التعيين. ووصفت مصادر قضائية بارزة بمجلس الدولة أن ما يقال عن أن رأى الجمعية العمومية مجرد توصية غير ملزمة هو قول لا سند له من القانون، وأن الجمعية العمومية تملك الصلاحيات فى إصدار قرارات ملزمة فى المسائل العامة المتعلقة بمجلس الدولة وذلك وفقاً لنص المادة 47 من اللائحة الداخلية للمجلس. وأيد عدد من شيوخ قضاة مجلس الدولة ما ذكره مجلس إدارة نادى قضاة المجلس فى بيانه من أنه إذا كان هناك وضع سائد على مدار 60 عاماً يؤكد أن المرأة لا يلائمها العمل القضائى والفنى بمجلس الدولة، وبالتالى فلا يجوز العدول عما استقر عليه فقهاء القانون إلا بعد مناقشات مستوفاة ومتزنة. وأشارت المصادر إلى أن قرار الحسينى شابه عيب جسيم تمثل فى تجاهله سلطة المجلس الخاص وقيامه بحصرها فى شخصه فقط، وأن ما ذكره من أن اعتلاء المرأة منصة القضاء هو حق دستورى لها لا يجوز الاستفتاء عليه يختلف تماماً عن الاستفتاء على اختيار الوقت الملائم لمباشرة هذا الحق. وأبدت المصادر استياءها لما أورده الحسينى فى قراره بتوقيع عقوبات تأديبية على أى من قضاة المجلس الذين يدلون بآرائهم لوسائل صحفية أو إعلامية، وقال بعضهم كيف تكون هناك ديمقراطية فى إعطاء المرأة حقها فى اعتلاء منصة القضاء، ويكون هناك اعتداء على حق الإدلاء بالرأى، فى أهم شأن داخلى لمجلس الدولة.