محافظ الشرقية يستقبل مفتي الجمهورية بمكتبه بالديوان العام    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    وفد من جامعة نوتنغهام يشيد بالإمكانيات العلمية لجامعة المنصورة الجديدة    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    الرقابة المالية تجدد تحذيرها للمواطنين بعدم التعامل مع جهات غير مرخصة بما يعرضهم لمخاطر مالية جسيمة    الرئيس السيسي يتلقى اتصالاً هاتفيًا من رئيس الوزراء اليوناني ويؤكدان دفع العلاقات الإستراتيجية بين البلدين    فتح باب التقدم والحجز إلكترونيًا عبر منصة مصر الصناعية الرقمية خلال الفترة من 1 إلى 15 يونيو 2025    فيدان: محادثات إسطنبول أثبتت جدوى التفاوض بين روسيا وأوكرانيا    وصمة عار في جبين الحضارة.. أستاذ قانون دولي يطالب بمقاطعة شاملة لإسرائيل فورًا    فرنسا: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي ومطلب سياسي    «عشان زيزو يسافر» خالد بيبو مفاجأة بشأن موعد نهائي كأس مصر.. وعبد الواحد السيد يرد    محافظة الجيزة تنهي استعداداتها لاستقبال امتحانات نهاية العام الدراسي للشهادة الإعدادية    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل تنفيذ حملة " بلدك معاك " لدعم الأسر الأولى بالرعاية    حسن حسني.. «القشاش» الذي صنع البهجة وبصم في كل الفنون    مفتى السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة    قافلة طبية مجانية بقرية البرشا بملوي تقدم خدمات لأكثر من 1147 حالة    أسامة نبيه: أثق في قدرتنا على تحقيق أداء يليق باسم مصر في كأس العالم    الرئيس السيسي يؤكد لليونان التزام مصر الكامل بالحفاظ على المكانة الدينية والفريدة لدير سانت كاترين    فيلم سينمائي يشاهده 4 أشخاص فقط في السينما الخميس    8 مصابين في تصادم سيارتين أعلى محور 26 يوليو    خطيب المسجد الحرام: الحج بلا تصريح أذية للمسلمين والعشر الأوائل خير أيام العام    مصطفى شوبير يتعاقد مع شركة تسويق إسبانية    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    في لفتة إنسانية.. بعثة القرعة تعيد متعلقات حاجة فقدتها في الحرم    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    ترامب يتحدّى أوامر القضاء.. وواشنطن تُخفي الأزمة الدستورية تحت عباءة القانون    بعد «come back to me» الشعبية.. يوسف جبريال يشكر تامر حسني عبر السوشيال ميديا (فيديو)    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    ضبط تشكيل عصابي تخصص في تزوير راغبي الحصول على مستندات رسمية بالقليوبية    تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    وزير الزراعة يستعرض جهود قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة خلال مايو الجاري    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    نائب وزير الصحة يتفقد عددا من المنشآت الصحية فى البحر الأحمر    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يستقبل وفد اتحاد المستشفيات العربية    مونديال الأندية وكأس العالم 2026.. ماذا قال ترامب عن "الولاية الرياضية"    سعر الخضار والفاكهة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 فى المنوفية.. الطماطم 12جنيه    جيش الاحتلال يعلن انضمام لواء كفير إلى الفرقة 36 للقتال في خان يونس    بحضور محافظ القاهرة.. احتفالية كبرى لإحياء مسار رحلة العائلة المقدسة بكنائس زويلة الأثرية    رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    بنيامين نتنياهو يدخل غرفة العمليات.. ومسؤول آخر يتولى إدارة إسرائيل    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    3 ساعات حذِرة .. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم : «شغلوا الكشافات»    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    نجاحات متعددة.. قفزات مصرية في المؤشرات العالمية للاقتصاد والتنمية    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتح الله كولن.. أضابير الدين والمال والسياسة قراءة فى التجربة التركية
نشر في المصري اليوم يوم 22 - 12 - 2009

حدثنى أستاذى الأثير، علامة التاريخ الإسلامى المعاصر، الدكتور عبدالحليم عويسغير مرة عن التجربة التركية، كان حديثه فى كل مرة يتدفق بحماسة غير عادية،
بينما أتابعه بفتور أشد من حماسته تلك، وأشعر بهمومى وأعبائى من خلال الحركةالتى أدور فى ركابها كساقية تلتهم الوقت والجهد حتى تكاد لا تبقى منه وأنا أرددمأثورة حسن البنا، رحمه الله «الواجبات أكبر من الأوقات»، حدثنى عويس عن شعور كولن «بالهم» وقدرته على نقل هذا الإحساس المرهف بالهم لأتباعه ورواده وتلامذتهالمخلصين، حدثنى عن مفهوم «الخدمة» وكيف يقومون بها فى تفان وإخلاص وتجرد،
ربما كنت أردد فى نفسى ذلك وأنا أستمع منه لمثل تلك العبارات وأشاهد أصدقاءهالأتراك يدخلون ويخرجون ذهاباً وجيئة عليه لأنه يرتبط بهم بعلاقة ما ويقومون علىخدمته باعتباره عالماً وداعية ممن ندر وجود مثله حالياً، فالزمن زمن قبض العلماءوالصالحين حتى لا تقوم الساعة إلا على أشرار الخلق.
وفوجئت فى أكتوبر الماضى بدعوة وصلتنى من مجلة «حراء» - وهى مجلة تركية تصدربعدة لغات خارج تركيا وتصدر باللغة العربية توزع ملايين النسخ فى كل عدد - لحضورندوة تخصصية انعقدت فى جامعة الدول العربية بالتعاون مع كلية الاقتصاد والعلومالسياسية تبحث محاولات الإصلاح السياسى فى العالم الإسلامى وفى التجربة التركية.. «فتح الله كولن نموذجاً».
غير أنى لاحظت اهتماماً غير مألوف بهذه الندوة فى الدوائر الثقافية والإسلاميةكأن القاهرة كلها كانت هناك، ورغم حرصى على حضورها فإن سفراً مفاجئاً لى خارجالبلاد حرمنى من المشاركة فيها والاستماع إلى الأصدقاء الأتراك والباحثين الذينأدلوا بدلوهم فيها وطالعت ما نشر عنها من مقالات وأبحاث وأخبار صحفية،
غير أن القدر ادخر لى أن أطالع التجربة من خلال الواقع المعايش والمعاينة وليسفقط من خلال حضور ندوة أكاديمية متخصصة تتحدث عن التجربة، والبون شاسع جداً بين أنأسمع عن «تجربة» وبين أن أعايشها وأبصرها عن كثب، نلتقى أصحابها والذين يصنعونأحداثها بمستوياتهم المختلفة فى ميادينهم،
وهكذا وجهت لى مجلة «حراء» دعوة كريمة مع صفوة من العلماء والمفكرين من دولعربية شتى وسافرت، السبت الماضى، والتقيتهم هناك وها أنا أكتب سطورى الأولى مباشرةمن استانبول تأثراً بأحاسيس ومشاعر وعواطف جياشة ومشاهد وحكايات ومشروعات وعناصركلها تدغدغ القلب وتحمله قسراً على إخراج الزفرات ساخنة وتدفع الدموع إلى طريقها منالمقل فرحاً وسروراً حيناً وحزناً ونكداً أحياناً أخرى.
«فتح الله كولن».. ذلك الرجل الغامض – هكذا بدا لى – الذى لا يقدر لك أن تلتقيه،فهو منذ عام 1999 يقيم فى بلاد العم سام، مرقد الشيطان الأكبر، الولايات المتحدةالأمريكية، فالرجل لا يلتقى هناك بالأجانب مؤثرا السلامة له ولهم ومضيقاً الخناقعلى كل الذين جل مهمتهم رصد الناس بالدسائس والمؤامرات، يلتقى فقط ببعض أنصاره منالأتراك يحملهم تعاليمه ويجيب على أسئلتهم وينقل نصائحه لدوائره «الخادمة» فىالداخل التركى، يظهر أحيانا قليلة فى بعض البرامج المتلفزة المسجلة بواسطة مريديهأيضاً، غير أن كتبه ودراساته تنهمر حاملة أفكاره هنا وهناك فى كل مكان من أنحاءالمعمورة.
عجيب أمر هذا الرجل.. سُجن غير مرة فى عقود مختلفة من حكم العسكر فى تركيا،وعندما سافر أواخر التسعينيات كان بفعل المرض الذى داهم قلبه المسكين «المهموم» واحتاج إلى العلاج فى «مركز كليفلاند الطبى» الشهير بأمريكا وأجريت له جراحة كبيرةبالقلب احتاج معها إلى البقاء للعلاج ثلاثة أشهر كاملة داخل المستشفى وبدلت لهثلاثة شرايين،
وبينما هو يعانى آلام المرض شيدت ضده حملة دعائية عدائية فى تركيا تطالب برأسه،كان العسكر فى تركيا عام 97 تقريباً قد نجحوا فى الإطاحة بنجم الدين أربكان وقد كانرمزاً تركياً من رموز التنوير الإسلامى، وبقى الرمز الاجتماعى الإنسانى السلمى، فتحالله كولن، وقدم المدعى العام التركى قضيته وأدلته الواهية ضد رجل أعزل لم يوجهيوما كلمة نابية، أو صراخاً عنيفاً، لم يسع لتأليف حزب سياسى يمارس من خلاله عملاًسلمياً كأربكان وغيره من الساسة الأتراك الذين يحملون «الهم السياسى»، فهو لا يعرفالسياسة ولا يمارسها فقد تركها طائعاً مختاراً، رغم كل مسالميته هذه قدموه إلىالمحاكمة بتهمة المؤامرة الكبرى،
واستغرقت محاكمته خمس سنوات كاملة بينما المتهم غائب عن قفص الاتهام هناك فىأمريكا، ربما لهذا السبب وجهوا الاتهام ليمنعوه من العودة، من حق العودة، كما يحرمالشعب الفلسطينى الأبىّ من حقه فى العودة لأرضه ودياره وبعد خمس سنوات حكمت المحكمةحكماً غريباً ببراءته براءة مشروطة!!
أى لا يرجع ففى رجوعه إعادة للمحاكمة، ولكن المدعى العام لم يرضه الحكم فأعادالدعوى من جديد فنظرت أمام محكمة التمييز التى أيدت الحكم وحسمته أعلى هيئة قضائيةهناك تتشكل من 23 قاضياً عام 2008 عندما ألغت الحكم وألغت مشروطيته وجعلته بريئاًتماماً براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
غريب أمر هذا الرجل مرة أخرى.. لم يحنق ضد العسكر مثلما نحنق نحن فى بلادناالعربية! لم يسع إلى تكوين ميليشيات مسلحة كالتى اعتاد شبابنا تكوينها كلما شعروابغصة فى حلوقهم من مظالم أو فساد!
غريب أمر هذا الرجل الذى لم يأمر بشن الغارات فى وجه الذين يمنعون النور ويغلقونالأفواه وينزعون أمارات الهدى والإيمان!
إن أقواماً منا دخلوا فى صدام مسلح مع الحاكم، ورغبة فى إذعانه قتلوا عسكرهواغتالوا ضباطه وقادته، فلم يفلحوا، فاستهدفوا السياح الأجانب رغبة فى لى يدهوإضعافه، فلما لم يفلحوا زرعوا القنابل فى البنوك ليدمروا اقتصاده!! لم يزرعوا بسمةفى الوجوه، ولم يغرسوا زرعا فى الحقول.
فتح الله كولن.. بكّاءٌ بامتياز، لا يتكلم إلا وهو يبكى، لا يقرأ القرآن إلا وهويبكى، استمعت لبعض كلماته عبر برنامج مسجل أنتجه المنتدى العالمى للوسطية يذاعقريباً على إحدى القنوات الفضائية الشهيرة وهو يبكى، هكذا قال لى بعض تلامذته.
آمن به كثيرون.. تزايدوا يوماً وراء يوم، سعى الرجل إلى تدعيم الإيمان فىالقلوب.. قلوب الناس من حوله، تسامع به شيوخ كبار وأجيال مختلفة من مراحل عمريةمتباينة يشدون الرحال إليه فى أزمير حيث كان يقيم قبل مغادرته، التقيت واحداً منالشيوخ الذين زاملوه وتعرف عليه فى أواسط السبعينيات قص علىّ من القصص ما يثيرالعجب فانتظرونى أكمل لكم قصة رجل أظنه دخل كل بيت فى تركيا الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.