اقعد يا «جنزورى» اسكت يا «كتاتنى»!

الذين يعرفون «الجنزورى»، والمقربون منه، كانوا يعلمون أنه مكتئب، يوشك أن يستقيل.. والذين يعرفون الإخوان حق المعرفة، يعلمون أنهم لا يريدون إقالة حكومة الجنزورى.. والذين يعرفون المشير طنطاوى، يعلمون أن الحكومة مستمرة، وأن الأمر قد صدر، وأن ما يجرى فى البرلمان مجرد بالون اختبار.. جس نبض.. كما يجس المهندسون الأرض تمهيداً للبناء!
يعنى أفلام، لا أكثر ولا أقل.. فمن غير المعقول أن يقوم الإخوان بتشكيل حكومة فى هذا التوقيت.. معناه أنهم يسيطرون على البرلمان، ويسيطرون على الحكومة.. ليست كأى حكومة.. إنها الحكومة التى تشرف على أمرين، غاية فى الخطورة: الأول وضع الدستور، الثانى انتخابات الرئاسة.. وبالتالى يسيطرون على الرئيس القادم، أياً كانت خلفية الرئيس.. إسلامية، أو مدنية!
كنت أعرف أنها تمثيلية، وسوف تنتهى إلى لا شىء.. ليس مجرد إحساس، ولكن بقراءة صحيحة للواقع.. لم تكن هذه هى المرة الأولى، التى يبدى فيها الإخوان استعدادهم لتشكيل الحكومة.. قالوا ذلك منذ أسابيع، ووزعوا الوزارة بينهم وبين النور، وغيرهم.. وأعلنوا أسماء الوزراء الجدد.. وفجأة انتهى كل شىء.. وخرج من يقول: نصبر شوية.. بعد تدخل المجلس العسكرى(!).
قلت ساعتها إنها بلالين الإخوان.. تريد الجماعة أن ترسل رسائل محددة.. تريد أن تقول نحن هنا.. وتريد أن تؤكد جاهزيتها لإدارة الدولة، برلماناً وحكومة ورئاسة، وفى الأيام الأخيرة روّجت من جديد كلاماً عن تشكيل الحكومة.. من باب التغطية على لعبة سفر المتهمين الأمريكان.. فالإخوان هم المتهمون أولاً وأخيراً.. «ماكين» كان واضحاً فى شكره.. فى أمريكا لا يعرفون الكذب!
للأسف إنهم يلعبون بمراهقة شديدة.. فى نظام المخلوع كنا نرى اللعب على كبير.. نصدق من كتر الحبكة.. ليس فيه هذه المراهقة السياسية.. كانت خبرة اللعب واضحة.. تشعرك بأن الحكاية جد.. الآن يلعبون ويكدبون ولا ينطلى الكدب.. يقولون فى الأمثال «كدب مساوى.. ولا صدق منعكش».. كان كدب المخلوع يكاد يقنعك.. كدب الإخوان مكشوف جداً، وربما عبيط أيضاً!
ولأنه كدب، ولأنها تمثيلية، انتهى كل شىء، عندما قال المخرج «استوب».. بكلمة واحدة نزع المشير الفتيل، بين «الجنزورى» والبرلمان، قال: خلاص خلاص نشتغل بقى!.. قال الإخوان: تمام يا فندم(!).. اتصال هاتفى أنهى كل شىء.. اقعد يا جنزورى.. اسكت يا كتاتنى.. قعد الجنزورى، وسكت الكتاتنى.. تمسك العسكرى بالحكومة إلى نهاية الفترة الانتقالية.. لماذا سكت البرلمان؟!
من المنطقى ألا يصمت الإخوان.. حفاظاً على ماء وجوههم.. لازم تعديل السيناريو.. «الحرية والعدالة» يعلن أنه مازال يتشاور مع الأحزاب حول تشكيل حكومة ائتلافية.. تختفى هذه النغمة شوية شوية.. يطلع متحدث رسمى يقول: نصبر شوية.. لعب سياسة فى «كى جى وان».. يتفهم «الكتاتنى» ضرورة استمرار الحكومة فى هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد(!)
سحب الثقة من الحكومة وارد، لكن ما هى شروطه؟.. متى تسحب الثقة؟.. تجديد الثقة وارد، ولكن متى؟.. الشطارة أن تعرف متى تسحب الثقة؟، ومتى تجدد الثقة؟.. لا سحب الثقة يملكه الإخوان وحدهم، ولا تجديد الثقة أيضاً.. كنا ضد تعيين «الجنزورى» أصلاً.. الآن نحن ضد إقالته، لأسباب أخرى، تعرفونها بالتأكيد!