أولا.. تدهور الغناء المصرى: نحمد الله تعالى على ما عاصرناه منذ سنين طويلة من الطرب الجميل. والطرب فى القاموس اللغوى يعنى ما يؤدى إلى الشعور بالسعادة والبهجة خاصة عند الاستماع إلى الموسيقى أو الغناء الجميل كما أنه قد يكون شعورا بالحزن الشديد مع الذكريات وهو ظاهرة ملازمة للموسيقى والشعر لا تظهر إلا فى الفنون التى تعتمد على الصوت.. ومن أبرز مطربى الطرب فى تاريخ الموسيقى العربية سيدة الغناء العربى وكوكب الشرق أم كلثوم وكذا مطرب الأجيال محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ووديع الصافى وغيرهم كثير من الذين أنعم الله علينا بأصواتهم الجميلة والعبارات اللائقة.. وللأسف الشديد وبعد وفاة هؤلاء العمالقة تراجعت بشدة أغانى الطرب وقد تنبأ بذلك قبل وفاته موسيقار الأجيال حين قال إن المستمع للمطرب يستمتع بما يسمعه بأذنه وهو جالس فى حالة من السعادة والنشوة والفكر فى حين أن الأجيال الجديدة من الشباب أصبحوا يسمعوا بأقدامهم التى تتحرك وأيديهم التى تصفق أو تترنح مع أصوات عالية وكلمات غير مفهومة، وهو للأسف ما حدث ويحدث فى السنوات الأخيرة.. كما قال عن رأيه فى الغناء الحديث إن التطور التكنولوجى أثر سلبا على الموسيقى وأن العلاقة بين المطرب والموسيقى قد انعكست حيث أصبح هو من يتبع الموسيقى بدلا من أن تتبعه هى نتيجة لفقدان الأصالة فى الفن. وأشار إلى خطورة دمج الأنماط الغربية فى الموسيقى العربية ورأى أنها تخلق دما جديدا فى الألحان العربية.. وقد نشأنا والحمد لله فى مرحلة الطرب والغناء الهادف الجميل من مجموعة متميزة نفتقدها جميعا إلى أن وصلنا إلى مرحلة ما يسمى بالمهرجانات وهو تعبير لغوى يعنى احتفالات عظيمة تقام فى إطار ثقافى أو فنى احتفالا بمناسبة سعيدة أو إحياء لذكرى عزيزة وغيرها ولكنها للأسف الشديد تحولت إلى كارثة فنية وأخلاقية انتشرت بين شبابنا فى غيبة تامة من وزارة الثقافة ونقابة الموسيقى.. ويكفى أن أذكر بعضا من هذا العبث الذى اخترق عقول أبنائنا وأحفادنا.. (مهرجان براويزه من غناء شحتة كاريكا وتوزيع مادو الفظيع! ومهرجان ياصة غناء هيصة وحليسة وتوزيع الفظيع! ومهرجان باب السجن من غناء مجدى شطة! ومهرجان عم يا جمال من غناء حسن شاكوش واتعلم رجولة من غناء دومة وتوتو ومهرجان المرشد من غناء مجدى شطة ومقام خالتى هوريك وهو المهرجان اللى ها يكسر مصر! وانتو مش جدعان وحبيبتى سابتنى !!).. وسؤالى إلى وزارة الثقافة ونقابة الموسيقى والغناء.. أين أنتم؟ وما رأيكم فى هذا العبث والقذارة والغثاء؟ وماذا ننتظر من شبابنا بعد ذلك؟ وبعد انتشار هذا العبث تراجع حضور الأغنية الشعبية على الساحة الفنية وهى التى بدأت مع فنان الشعب سيد درويش من خلال الأغنيات القصيرة والخفيفة (الطقاطيق) فى عشرينيات القرن الماضى كما تراجع نجوم الموال ومنهم محمد عبد المطلب ومحمد طه ومحمد العزبى ومحمد رشدى وغيرهم وخلت الساحة من الغناء الجميل وأصبحنا نرى الممثل الذى اشتهر فجأة فى مسلسلات العنف والقتل والألفاظ النابية وأطلق على نفسه لقب الأوحد! والذى تحول إلى الغناء وما يصحبه من حركات عصبية ويظهر على المسرح وصدره مفتوح دائما وللأسف سمح له أن يذهب إلى الولاياتالمتحدة لعرض هذا الغثاء واستعراض ما يمتلكه من طائرة خاصة وسيارات حديثة!! ولا أدرى من سمح له بالغناء؟ وما تأثير هذه النماذج الشاذة على شبابنا؟ كما أن هناك بعض المغنيات اللاتى يفتقدن الصوت الحسن ويعتمدن على الرقص والاهتزاز!! ندائى إلى وزارة الثقافة والنقابات الفنية ودار الأوبرا.. مصر غنية بالأصوات المتميزة والمواهب الجميلة ولكنها لا تجد من يأخذ بيدها ويقوم برعايتها وصقل مواهبها وأطالب بعودة الحفلات الشهرية فى التليفزيون المصرى لعرض هذه المواهب ويجب أن تقوم النقابة بدورها فى استعادة الفن الأصيل ورفض كل ما لا يليق بالغناء المصرى الأصيل.. ثانيا.. مصر هى مصر وكفى.. اسم مصر له جذور تاريخية قديمة أشهرها هو ارتباطه ب (مصرايم) بن حام بن نوح كما أن له أسماء قديمة باللغة المصرية القديمة مثل (كيميت) بمعنى الأرض السوداء و(نشرت) بمعنى الأرض الحمراء وباللغة الإنجليزية (ايجبت) وهو مشتق من اليونانية (ايجبتس).. أما اسم مصر فلم يتغير من أيام الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام كما ذكر الاسم فى القرآن الكريم على لسان يوسف (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) وعلى لسان فرعون (أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار).. وبعد إقرار دستور 1971 أصبح اسمها جمهورية مصر العربية.. وقد سعدت كثيرا برسالة مهمة من الصديق العزيز أد أسامة حمدى الأستاذ بجامعة هارفرد قال فيها (سألنى أحد الأجانب هل أنت عربى فأجبته لا أنا مصرى أتكلم العربية والعرب جيرانى الأعزاء فسألنى عن الفارق فقلت له لقد تكلم المصريون عبر التاريخ لغات كثيرة وكتبوها ومنها ما اندثر واخر هذه اللغات هى العربية منذ دخول الإسلام إلى مصر فهى لغة القران أما عادات المصريين فمختلفة تماما عن عادات جيراننا ولنا احتفالات خاصة بنا منذ أيام أجدادنا المصريين القدماء والعامية المصرية بها عشرات الآلاف من الكلمات بلغة أجدادنا المصريين القدماء كما أن مصر الحديثة سبقت كل جيرانها فى التحضر وكانت تواكب أوروبا فى تقدمها منذ مطلع القرن التاسع عشر.. وحين نادى عبد الناصر بالوحدة العربية حول الاسم إلى (الجمهورية العربية المتحدة) أملا فى الوحدة ثم تغيرت فى عهد الرئيس السادات إلى جمهورية مصر العربية وكانت قبل ثورة 1952 على الدوام (مصر) أو (المملكة المصرية) ومن الخطأ الجسيم أن تسمى الدول بدينها أو ببعض أصول حكامها أو بلغتها.. أتمنى أن نعود إلى (الجمهورية المصرية) فحسب أو (مصر) وننزع النسور والصقور من أعلامنا ويستبدل ذلك بالأهرام التى صمدت عبر التاريخ لتذكرنا بهويتنا التى أضاءت حضارتها على العالم أجمع وأن تكون ألوان علمنا تمثل النيل الذى وهبنا الخضرة والحياة..). وأنا أتفق مع الصديق العزيز وأتمنى أن تعود باسم مصر وكفى..