حصاد الزيتون في إيطاليا.. طقس عريق يتعرض لخطر الانقراض

يُعدّ حصاد الزيتون لإنتاج زيت الزيتون طقسًا إيطاليًا عريقًا يتعرض لخطر الانقراض بشكل متزايد، فبسبب استمرار هجرة الإيطاليين إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص اقتصادية، هُجرت مئات الآلاف من بساتين العائلات في العقود الأخيرة في جميع أنحاء المدن الإيطالية، مما جعل الإنتاج الصناعي الضخم لزيت الزيتون هو السائد إذ تأتي ثلاث من كل أربع زجاجات زيت زيتون تُباع في إيطاليا من الخارج، بحسب ما ذكرت شبكة BBC البريطانية.
هل حصاد الزيتون سيكون الوجهة المقبلة للسياحة الإيطالية؟
في السنوات القليلة الماضية، ازدهرت سياحة زيت الزيتون في إيطاليا. وسّعت أعداد متزايدة من مزارعي الزيتون زراعة بساتينهم القديمة أو شراء جزء من الأشجار المهجورة لتلبية احتياجات السياح، إذ يعتبرها بعضهم سياحة زراعية، كما يقدم آخرون جلسات تذوق أو تجارب تتيح للضيوف التجول في البساتين والمشاركة في الحصاد نفسه.
من جانبها، قالت أدريانا كالفاروسو، مسؤولة خدمة العملاء في مزرعة كوارتوس لزيت الزيتون في ألكامو، صقلية وهي فرع من بستان أجدادها، في حديثها ل BBC: «عندما كنتُ طفلةً، كنا جميعًا نجمع الزيتون معًا، كانت لحظةً من المشاركة والاحتفال، جميع أجيالنا متحدة بهذا الشغف، وفي المساء، عندما تشم رائحة الزيتون الذي حصدته بيديك، تشعر وكأنك تستنشق عبير الوطن».
أما كريستيان ريجيولي، من مزرعة Bio Agriturismo Reggioli في مونتيلوكو، توسكانا، فقال: «بالنسبة لي، الأمر يتعلق بالعودة إلى الأرض، نشأتُ في قرية سياحية حيث كان الثلج يتساقط نصف العام، فضاعت الزراعة هناك نوعًا ما، وأردتُ أن أتواصل مع الطبيعة بشكل مباشر أكثر، من خلال هذا النمط من الحياة».
في المزرعة، يقول «ريجيولي»: «أساعد الناس في قطف الزيتون وعصره لإنتاج زيتهم الخاص طوال العام، وبعض الضيوف يمكثون أسبوعًا أو أسبوعين، أو حتى شهرًا. وفي الصباح، نتناول الفطور معًا، ثم نذهب إلى الحقول، حيث يشكّل الناس مجموعات من ثلاثة أو أربعة أشخاص لكل شجرة، ويضعون الشباك تحتها، ثم يبدأون بجمع الزيتون، كما يعتمد طعم زيت الزيتون على نوع الزيتون والتربة وظروف الطقس».
وأضاف ريجيولي: «يختلف الزيت الحقيقي في كل مرة، حيث نحضر الزيتون إلى المعصرة كل بضعة أيام؛ وفي كل مرة، يظهر شيء جديد، مغامرة جديدة، نكهة جديدة، لون جديد».
وتابع ريجيولي: «هذا التقليد في طريقه إلى الزوال بسبب تراجع تقدير الناس له»، موكدًا أنه «حتى قبل 30 عامًا، كانت العائلات التوسكانية التي لا تملك بساتين تشتري 50 لترًا من الزيت مباشرةً من المزارعين».
ووفقا لBBC، قال جياشي، الذي يستقبل الوافدين بمجرفة في يده، إن ضيوفه متحمسون للغاية لتلطيخ أيديهم. وذكر أنه كان من المفترض أن يغادر بعض السياح بعد 3 ساعات، لكنهم مكثوا حوالي 7 ساعات.
وأضاف أن المرشد الخاص بهم استشاط غضبًا، وقال «أنتم لا تلتزمون بالجدول!» مما دفع السياح للرد قائلين: «نريد البقاء».
وأكد جياشي أن السياح يتعلمون أن زيت الزيتون لا يأتي من السوبر ماركت؛ إنه يأتي من شجرة رُعيت بعناية فائقة، فبدون الحب، لا شيء ينمو».