للتقدم نحتاج جهازًا يديره الموهوبون لكشف الموهوبين فى كل التخصصات

ثقافة الشهادة والموهبة سبب تأخرنا، فبلادنا تقدم الشهادة على الموهبة، لكن الدول المتقدمة تقدم الموهبة على الشهادة، والأمثلة لذلك فى كل المجالات، ففى الكرة مثلا فازت المغرب بكأس العالم للشباب لأنها قدمت الموهبة على الشهادة، حينما أتت بمحمد وهبى مدرس العلوم من أصل مغربى، وهو لا يملك مسيرة كروية لامعة، ولا صوراً وهو يرفع كأس بطولة كلاعب، كونه لم يمارس كرة القدم بشكل احترافى، لكن الرجل الذى نشأ فى بلجيكا، يملك موهبة فى اختيار اللاعب المناسب وطريقة اللعب، بعدما ترك مهنة التدريس ليدخل عالم التدريب، أيضا مثال آخر لتفوق الموهبة على الشهادة هم عظماء التمثيل لم يكن لديهم شهادة من معاهد وكليات التمثيل أمثال زينات صدقى وعبد الفتاح القصرى ومحمد المصرى شرفنطح وإسماعيل ياسين ونجيب الريحانى وأنور وجدى وعبد الحليم حافظ وليلى مراد وفردوس محمد وحسين رياض وعلى الكسار وغيرهم.
أيضا كل المحامين دارسون للقانون لكن الناجح فيهم من يملك موهبة المرافعة واستخلاص الثغرات القانونية، أيضا الأطباء كلهم دارسون طب، لكن الناجح فيهم من أحب مهنته وأخلص لها وعالج الناس بسبب حبه للطب وشفاء الناس وليس المال، مثل مجدى يعقوب ومحمد غنيم.
أيضا مهندسى المبانى كلهم دارسون الهندسة لكن الموهوب منهم من يرسم وينفذ مبانى مميزة تصبح علامة بالعالم مثل حسن فتحى، أيضا مهندس ضابط باقى زكى يوسف يوجد مثله آلاف الضباط لكن لأنه أحب تخصصه ويملك الموهبة اخترع طلمبات مضخات المياه التى حطمت خط بارليف وأصبحت نظرية عسكرية جديدة يدرسها العالم، أيضا برع محمد على بالموهبة فى قيادة مصر للتقدم رغم أنه كان مجرد جندى، أيضا لدينا آلاف الكتاب لكن موهبة نجيب محفوظ ميزته وجعلته يحصل على جائزة نوبل، أيضا لدينا آلاف الصحفيين لكن موهبة محمد حسنين هيكل ومصطفى أمين ومحمد التابعى جعلتهم مميزين رغم أنهم لم يدرسوا كليات صحافة وإعلام.
أيضا لدينا آلاف الشعراء لكن الموهوبين تميزوا ونجحوا أمثال أحمد شوقى وحافظ إبراهيم وكامل الشناوى وبيرم التونسى وإبراهيم ناجى وعبد الرحمن الأبنودى، أيضا لدينا آلاف الملحنين لكن موهبة عبد الوهاب وبليغ حمدى ومحمد الموجى وكمال الطويل جعلتهم مميزين، أيضا لدينا مئات المخرجين لكن موهبة صلاح أبوسيف وعاطف الطيب وبركات وحسام الدين مصطفى ويوسف شاهين جعلتهم ناجحين مميزين، أيضا لدينا الملايين من رجال الدين لكن لا نتذكر منهم إلا أصحاب الموهبة فى تجديد الخطاب المواكب للعصر والرؤية الإنسانية، مثل، الرازى، والطبرى، والمعرى، وابن رشد، ومحمد عبده، وابن خلدون، وطه حسين، وعلى عبد الرازق، وأحمد الباقورى، ومحمد طنطاوى، وغيرهم، وهكذا فى كل المجالات تميز أصحاب الموهبة مش أصحاب الشهادة، وهذا لا يعنى الاستغناء عن الدراسة والشهادة، لكن على والحكومة أن يكون لديها كشاف موهوب من كبار الموهوبين فى كل المجالات ليكتشف لنا أصحاب الموهبة، فيكون الشخص الصح فى المكان الصح، لأن إدارة صاحب الموهبة أهم وأنجح ألف مرة من إدارة أصحاب أعلى الشهادات بدون موهبة.
أيضا استكشاف المصريين المهاجرين، ومن ولد من أبنائهم بالخارج، مهم لأن بينهم عباقرة يملكون نقل الخبرة المتقدمة، فتكون خطواط التقدم أسرع، وأنا عن نفسى عشت أكثر من 20 عاما فى أوروبا وأستراليا، لذا أرى غالبية المسؤولين لا يملكون حلولا بسيطة لمئات المشاكل وبدون تكلفة مالية، قد وصل العالم لها منذ زمن بعيد، لذا أطالب الحكومة بإنشاء جهاز يديره الموهوبون لكشف المواهب فى كل التخصصات كما فعلت اليابان والصين وغيرهما.