في خضم موجة احتجاجات عارمة اجتاحت الولاياتالمتحدة رفضًا لما اعتُبر «نزعةً سلطوية» متزايدة من قبل إدارة ترامب، نشر الرئيس الأمريكي مقطع فيديو مصنوعا بأدوات الذكاء الاصطناعي عبر منصة «تروث سوشيال»، يُظهر نفسه فيه مرتديًا تاجًا، ويقود طائرة مقاتلة تُدعى «الملك ترامب»، وهي تُلقي قاذورات بنية على المتظاهرين. ويُظهر الفيديو الطائرة تحلّق فوق ما يبدو أنه ميدان «تايمز سكوير» في نيويورك، بينما تصدح في الخلفية موسيقى أغنية «منطقة الخطر» الشهيرة، في محاكاة ساخرة لسلسلة أفلام «توب جان»، وانتشر المقطع عبر الحسابات الرسمية للرئيس بما فيها حسابات حكومية، ما أثار استياءً واسعًا واتهامات بتصعيد الخطاب السياسي إلى مستوى العنف الرمزي. احتجاجات حاشدة تسبق نشر الفيديو جاء هذا الفيديو بعد ساعات من انطلاق مظاهرات ضخمة نظمتها حركة «لا للملوك»، وشارك فيها قرابة 7 ملايين شخص، وفق تقديرات المنظمين، في كافة الولاياتالأمريكية، وكانت هذه التظاهرات ردًا مباشرًا على ما وصفوه ب«نزعة التتويج السياسي» لدى دونالد ترامب، في وقتٍ يشهد تزايد قلق النشطاء والمدافعين عن الديمقراطية من أساليب الرئيس في استغلال السلطة. وفي المقابل، هاجم عدد من السياسيين الجمهوريين هذه التظاهرات ووصفوها بأنها «مناهضة لأمريكا»، وقال رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، إنها تجسد كراهية للوطن، بينما ذهب وزير النقل السابق، شون دافي، إلى أبعد من ذلك عندما زعم أن بعض المشاركين إما مؤيدين لحماس أو عناصر مأجورة تعمل لصالح حركة «أنتيفا»، التي كانت إدارة ترامب قد صنّفتها سابقًا كجماعة إرهابية محلية. تاريخ طويل من استعراض القوة والرمزية العسكرية يُشار إلى أن فكرة استخدام صور تُظهر الرئيس يمارس السلطة بقوة عسكرية ليست جديدة في خطاب ترامب، إذ سبق له خلال فترة رئاسته الجارية نشر عناصر من قوات الهجرة الفيدرالية في مدن مثل بورتلاند وشيكاغو، متحديًا بذلك اعتراضات محلية ومظاهرات مدنية، بل ذهب إلى المطالبة بنشر قوات الحرس الوطني، الأمر الذي اعتبره البعض خطوة نحو عسكرة الأمن المحلي، بحسب صحيفة «واشنطن بوست». في المقابل، اتهم منتقدو الإدارة البيت الأبيض حينها بالسعي إلى إثارة اضطرابات تُبرر اللجوء إلى قانون التمرد، الذي يتيح استخدام القوة الفيدرالية ضد المواطنين داخل البلاد، وهو ما أثار مخاوف واسعة بشأن تآكل الضوابط الديمقراطية. وعندما تصاعدت وتيرة الاتهامات ضد المحتجين، نفى منظمو مظاهرات لا للملوك علمهم بأي محاولة لربط الاحتجاجات بأعمال عنف، معتبرين أن الفيديوهات والمنشورات الصادرة عن إدارة ترامب لا تعبّر سوى عن محاولات لتشويه صورة الحراك الشعبي، الذي وصفوه بالسلمي والواسع. ويُعتقد أن هذه المظاهرة قد تكون واحدا من أكبر التحركات الاحتجاجية التي جرت في يوم واحد في تاريخ الولاياتالمتحدة الحديث، وهو ما جعل محاولات التشويش عليها، حسب المراقبين، أكثر وضوحًا وحدة. فيديو سابق يُظهر ترامب في شيكاغو المشتعلة يُذكر أن ترامب نشر في سبتمبر الماضي فيديو بالذكاء الاصطناعي، ظهر فيه مرتديًا زي الجيش الأمريكي وقبعة رعاة البقر، مع نظارات طيار، وخلفه طائرات مروحية تحلق فوق مدينة تشتعل فيها النيران، وذلك بينما كان البيت الأبيض يُلوّح مجددًا بإرسال الحرس الوطني إلى شيكاغو.