د. عاطف قبرصى يكتب: هذه الإبادة الجماعية تتعلق أيضًا بالنفط والغاز

لمدة عامين، هاجم الجيش الإسرائيلى مرارًا وتكرارًا المجتمعات المدنية الفلسطينية. بلغ عدد القتلى الفلسطينيين على الأرجح أكثر من 66.000 مع حوالى 200.000 جريح، وكان 70٪ من الضحايا نساءً وأطفالًا. يُخشى أن يكون آلاف آخرون مفقودين تحت الأنقاض أو خارج نطاق سيارات الإسعاف. حتى الآن، تم تدمير أكثر من 90٪ من البنية التحتية السكنية، وكذلك عشرات المستشفيات والجامعات والمدارس والمساجد والكنائس والأعمال التجارية ومكاتب الأمم المتحدة.
رغم أن السياسيين الإسرائيليين ومؤيديهم قد صوروا الهجوم كحرب ضد حماس، إلا أن المراقبين المطلعين فى جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه لا يقبلون هذا التصنيف. إنهم يعتقدون أن مصالح أخرى تقف وراء هذه الإبادة الجماعية. يُعتقد أن بعض العوامل الاقتصادية تلعب دورًا هنا بما فى ذلك النفط والغاز، خاصة تلك فى شرق المتوسط، واليورانيوم، وقناة بن جوريون، والطريق التجارى الجديد الذى يربط الهند بأوروبا عبر إسرائيل والذى تأمل الولايات المتحدة أن يحل محل طريق الحرير الصينى. يبدو أن هذه المشاريع الاقتصادية الكبرى الحاسمة هى الأسباب الأساسية الأكثر احتمالًا وراء هذه المذبحة. إنها ليست بأى حال من الأحوال الأهداف الوحيدة للإسرائيليين، لكنها تشكل مجموعة معتبرة من الأسباب التى تفسر استهداف إفراغ غزة وجعل المنطقة غير صالحة للسكن.
من بين أهم التطورات الاقتصادية الجديدة الأخيرة، الاكتشاف العظيم لرواسب كبيرة من الغاز والنفط فى شرق المتوسط. اكتسبت هذه الرواسب شهرة وقيمة مع أن إمدادات الغاز والنفط الروسى أصبحت أقل توفرًا ووصولًا لأوروبا، خاصة بعد تفجير خط نورد ستريم 2 مع تصاعد الحرب الروسية الأوكرانية فى شدتها.
الاكتشافات الجديدة للنفط والغاز فى حوض الشام تُقدر ب 122 تريليون قدم مكعب من الغاز بقيمة صافية قدرها 453 مليار دولار أمريكى و1.7 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج بقيمة صافية قدرها حوالى 71 مليار دولار أمريكى، توفر فرصة لتوزيع ومشاركة إجمالى 524 مليار دولار أمريكى بين الأطراف المختلفة بالإضافة إلى العديد من المزايا غير الملموسة لكن الجوهرية للأمن الطاقى والتعاون المحتمل بين الخصوم القدامى. مع تصعيد أسعار الطاقة الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية، زادت قيم هذه الرواسب فى حوض الشام بشكل ملحوظ. يُقدر قيمة هذه الرواسب الآن بحوالى 2 تريليون دولار. إسرائيل وحدها هى التى تستغل هذه الاحتياطيات حاليًا.
يستمر المحتلون الإسرائيليون فى منع الفلسطينيين من تطوير حقول الطاقة الخاصة بهم للاستغلال والاستفادة من هذه الأصول. الآن هم ينظرون إلى الاستغلال الكامل لنفط وغاز غزة.
لقد مر الآن سبعة وعشرون عامًا منذ حفر مارين 1 ومارين 2. بما أن السلطة الوطنية الفلسطينية لم تتمكن من استغلال هذه الحقول، فإن الخسائر المتراكمة تبلغ مليارات الدولارات. يفرض استغلال المحتل للموارد الطبيعية الفلسطينية، بما فى ذلك النفط والغاز الطبيعى، على الشعب الفلسطينى تكاليف هائلة تستمر فى التصاعد مع استمرار الاحتلال. هذا ليس مخالفًا للقانون الدولى فحسب، بل مخالفًا أيضًا للعدالة الطبيعية والقانون الأخلاقى. حتى الآن، تراكمت التكاليف الحقيقية والفرصية للاحتلال حصرًا فى مجال النفط والغاز الطبيعى إلى عشرات، إن لم يكن مئات، مليارات الدولارات.
* أستاذ الاقتصاد فى جامعة ماكماستر- كندا