ماذا يعني الاعتراف بالدولة الفلسطينية؟

أثار الاعتراف البريطاني الاسترالي الكندي بفلسطين تطورات لافته، إذ أحدثت الخطوة تباين بين المراقبين، فبين من يعتبرها اعترافًا يحمل قيمة سياسية وأخلاقية ويعزز شرعية النضال الفلسطيني، ومن يصفها بأنها «حليب خالي الدسم» لا يتجاوز البعد الرمزي، يظل هذا الاعتراف مؤشرًا على تحولات في الموقف الدولي، وتمرد على الرواية الإسرائيلية والغطاء الأمريكي لها.
ويشيرالاعتراف بفلسطين بأنها دولة «موجودة وغيرموجودة»، بحسب ما قاله خبراء ل«المصري اليوم»، فهي تتمتع باعتراف دولي واسع، وبعثات دبلوماسية تمثلها في الخارج، لكنها دولة بلا حدود واضحة، وعاصمة حقيقية.
الاعتراف بفلسطين ليس «رمزيًا»
في السياق ذاته، قال الدكتور أحمد رفيق عوض، مدير مركز القدس للدراسات، إن الاعتراف البريطاني الأسترالي الكندي لم يكن «رمزيًا» في طابعه، بل يحمل قيمة سياسية وأخلاقية، ستكون لها تبعات قانونية في المستقبل.
وأوضح «عوض» خلال تصريحات ل«المصري اليوم»، أن العلاقات بين فلسطين والدول المعترف بها ستشهد نقلة نوعية، حيث ستفتح سفارات ويجري تمثيل دبلوماسي، مضيفًا أن هذا الاعتراف يدعم النضال الفلسطيني ويمنحه شرعية أكبر، ويعزل إسرائيل سياسيًا وثقافيًا وتجاريًا، كما من شأنه أن يحرج الإدارة الأمريكية التي تدعم إسرائيل بلا سقف محدود.
وأشار إلى أن هذه الاعترافات تسقط كل الجهود الإسرائيلية التي تهدف إلى إنكار وجود الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقوقه، مؤكدًا أنها تغير الوعي وتبدل وجهات النظر تجاه إسرائيل، وتنسف روايتها بأنها «المظلومة»، مشددًا على أن هذا الاعتراف يضع إسرائيل في خانة الدولة المنبوذة ودولة الإجرام، محذرًا في الوقت ذاته من أن إسرائيل قد تتخذ قرارات متهورة مثل عمليات الضم في الضفة بعد هذا القرار.
الاعتراف بفلسطين «حليب خالي الدسم».. والغرب يريدها دولة «هُلامية»
من جانبه، ذهب الدكتور إبراهيم شير، الكاتب والباحث السياسي، إلى اتجاه آخر، واصفًا قرار الاعتراف بأنه «حليب خالي الدسم»، مضيفًا أن الهدف من الاعتراف كان معاقبة إسرائيل على أفعالها في غزة أو الضفة الغربية المحتلة، لكن مع إصرار السعودية على هذا المشروع وتقديمها مبادرة للسلطات الفرنسية وبدء جمع الزخم حولها، حاولت الدول الأوروبية تحريف الاعتراف، حسب تقديره.
لفت إلى أن الدول الأوروبية تريد الاعتراف بدولة الفلسطينية منزوعة الحقوق، دولة «هُلامية» (وطن بلا ملامح وسيادة مستعارة)، أشبه ب«قالب الجيلي» الذي يُؤكل دون أن يعرف المرء ماذا أكل، بلا أي فائدة!.
وأوضح أن الغرب أخذ مبادرة بالاعتراف بفلسطين وأضاف عليها نكهته، موضحًا: «تريدون الاعتراف بفلسطين؟ سنعترف بها ولكن منزوعة السلاح، لتكون دولة صورية، لا حدود، لا عاصمة، لا جيش، وبالتالي ستكون مكافأة لإسرائيل للقيام بالمزيد من الأفعال العدوانية تجاه غزة والضفة المحتلة».
وأكد «شير»، أنه لو كان الغرب صادقًا في نواياه، لكان اعترف بدولة فلسطينية على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مع تفاصيل دولة حقيقية لها جيش يدافع عنها.
اعتراف رمزي يعكس تمرد العالم على الواقع
أما الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، فقد رأى أن هذه الاعترافات عمليًا «رمزية» ومعنوية أكثر منها واقعية، ولا يمكن أن تغير شيئًا في ظل إنكار الاحتلال لحقوق الشعب الفلسطيني والدعم الأمريكي المتواصل لإسرائيل.
وتابع «الرقب» أن هذه الاعترافات قد تكون قاعدة يُبنى عليها تحرك دولي، عبر ممارسة المجتمع الدولي مزيدًا من الضغوط، معتبرًا أن هذا الاعتراف يعكس قرار العالم التمرد على الواقع وكسر الصمت، مشددًا على أنها خطوة يمكن البناء عليها مستقبلًا، لكنها تحتاج إلى تحركات واسعة كي تتحول إلى قرارات ذات تأثير ملموس.
بريطانيا وأستراليا وكندا يعترفون بالدولة الفلسطينية
وكانت بريطانيا وأستراليا وكندا، أعلنت اليوم الأحد، رسميًا الاعتراف بدولة فلسطين، في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق حل الدولتين، وفقًا لما نقلته صحيفة «الجارديان» البريطانية.
وقال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز: إن بلاده اعترفت رسميًا اليوم بدولة فلسطينية «في إطار جهد لإحياء زخم حل الدولتين الذي يبدأ بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين هناك»، مشددًاعلى أنه ينبغي ألا يكون لحركة "حماس" أي دور في فلسطين.
من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، أن بلاده تعترف الآن بدولة فلسطينية، مضيفًا: «تعترف كندا بدولة فلسطين وتعرض العمل في شراكة من أجل المضي قدما في بناء مستقبل سلمي واعد لكل من دولة فلسطين ودولة إسرائيل».
بدوره، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في بيان مصور على حسابه في منصة «إكس» الاعتراف الرسمي أيضا بدولة فلسطين.
Today، to revive the hope of peace for the Palestinians and Israelis، and a two state solution، the United Kingdom formally recognises the State of Palestine. pic.twitter.com/yrg6Lywc1s
— Keir Starmer (@Keir_Starmer) September 21، 2025
وقال: «اليوم، ولإحياء أمل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والتوصل إلى حل الدولتين، اعترفت المملكة المتحدة رسميا بدولة فلسطين»، متابعًا:«وجهت بالعمل على فرض عقوبات على شخصيات أخرى من حماس في الأسابيع المقبلة، الأمل في حل الدولتين يتلاشى، لكن لا يمكننا أن ندع هذا النور ينطفئ».