انقسام أوروبي حول فرض عقوبات على تل أبيب

أقرت رئيسة الدبلوماسية فى الاتحاد الأوروبى، كايا كالاس، بأنها ليست «متفائلة جدًا» حول إمكانية أن يفرض الاتحاد الأوروبى عقوبات على إسرائيل، وذلك رغم الوضع الإنسانى الكارثى فى قطاع غزة، فى الوقت الذى دعا فيه علماء 50 دولة إلى ضرورة إقامة تحالف إسلامى لمواجهة جرائم الإبادة الجماعية التى تمارسها إسرائيل، محذرين من أن خذلان فلسطين من شأنه أن يفتح الباب أمام إسرائيل الكبرى.
وقالت كالاس قبيل اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى ال27، فى كوبنهاجن: «لست متفائلة للغاية، وبالتأكيد لن نتخذ أى قرار»، مضيفة: «هذا يبعث برسالة مفادها أننا منقسمون».
كما أشارت إلى أن المفوضية الأوروبية اقترحت تعليق التمويل الأوروبى للشركات الناشئة الإسرائيلية، لكن «حتى هذا الإجراء» الذى وصفته بأنه «متساهل»، لم يتم اعتماده بسبب الانقسامات بين الدول الأعضاء.
فى حين أعربت الدنمارك، التى تترأس حالياً مجلس وزراء الاتحاد الأوروبى، عن تأييدها لإيجاد حل يتجاوز قاعدة الإجماع التى تحكم السياسة الخارجية للاتحاد.
وقال وزير الخارجية الدنماركى، لارس لوك راسموسن: «يجب على الاتحاد أن ينتقل من الأقوال إلى الأفعال»، مقترحاً حظر الواردات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية. وأوضح أن هذا القرار، باعتباره جزءاً من السياسة التجارية، يمكن اتخاذه بالأغلبية المؤهلة.
بينما وصف وزير الخارجية الفرنسى جان نويل بارو، الوضع فى غزة بأنه «مأساة مطلقة».
يأتى هذا الانقسام الأوروبى فيما تتفاقم الأوضاع الإنسانية فى قطاع غزة المدمر والمحاصر، مع ارتفاع معدلات سوء التغذية والجوع.
وتعارض عدة دول فى الاتحاد الأوروبى، مثل ألمانيا والمجر وسلوفاكيا، اتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، فى حين أن دولاً أخرى مثل أيرلندا وإسبانيا تؤيد ذلك بشدة.
إلى ذلك، طالبت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» برفع حظر السلطات الإسرائيلية وصول المساعدات الإنسانية التى تقدمها إلى غزة.
وقالت «أونروا» فى منشور عبر منصة «إكس» أمس: «نحن مستعدون لمواصلة عملنا، ومخازننا فى مصر والأردن ممتلئة وجاهزة لاستيعاب حوالى 6 آلاف شاحنة»، مضيفة: «لدينا نظام فعال لتوزيع المساعدات بأمان وعلى نطاق واسع».
وشددت على وجوب السماح لها بإدخال المساعدات المنقذة للحياة عبر الطرق البرية.
ومنذ 2 مارس الماضى، تغلق سلطات الاحتلال جميع المعابر المؤدية إلى غزة مانعة أى مساعدات إنسانية، ما أدخل القطاع فى مجاعة رغم تكدس شاحنات الإغاثة على حدوده.
لكنها سمحت قبل نحو شهر بدخول كميات محدودة من المساعدات لا تلبى الحد الأدنى من احتياجات المجوعين، فيما ما تزال المجاعة مستمرة.
فى السياق نفسه، أكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون أن الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة غير مقبولة.
وشدد على أن المجاعة التى أعلنتها الأمم المتحدة نتيجة مباشرة لعرقلة «إسرائيل» وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وذلك خلال انعقاد مجلس الوزراء المشترك الفرنسى - الألمانى فى مدينة تولون جنوبى فرنسا، الجمعة، بمشاركة المستشار الألمانى فريدريش ميرتس.
وأوضح ماكرون أنه بحث مع ميرتس الوضع فى الشرق الأوسط، قائلاً: «أريد أن أقول إن الكارثة الإنسانية فى قطاع غزة غير مقبولة».
وأضاف أن الوضع الذى أعلنته الأمم المتحدة باعتباره مجاعة هو نتيجة مباشرة لعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشدداً على أن إنهاء الهجمات الإسرائيلية وإيصال المساعدات الإنسانية، وعقد مفاوضات بمشاركة جميع الأطراف، أمور ضرورية لتحقيق السلام.
وتابع: «إلى جانب وقف إطلاق النار الفورى فى قطاع غزة، فإن السلام الدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يمكن أن يتحقق إلا فى إطار حل الدولتين».
إلى ذلك، وجه عشرات العلماء المشاركين من 50 دولة فى مؤتمر «غزة: مسؤولية إسلامية وإنسانية» نداء عاجلاً للأمتين الإسلامية والدولية لتحمل مسؤولياتهما الأخلاقية والقانونية تجاه الإبادة الجماعية التى تنفذها إسرائيل فى غزة، وذلك فى البيان الختامى الذى حمل عنوان «إعلان إسطنبول»، الذى شدد على أن القضية الفلسطينية لم تعد شأناً محلياً يخص الفلسطينيين وحدهم، بل باتت مسؤولية شرعية وإنسانية تقع على عاتق الأمة الإسلامية والضمير العالمى بأسره.
وأكد إعلان المؤتمر الذى عقد فى مسجد آية صوفيا، على ضرورة تعبئة الجهود كافة لوقف العدوان الإسرائيلى المتواصل على القطاع المحاصر وفتح الممرات الإنسانية دون تأخير.
كما دعا إلى تأسيس تحالف إسلامى إنسانى موحد يواجه جرائم الإبادة ويحول دون التوسع الاستيطانى، عبر إحياء روح «حلف الفضول» الإنسانى كإطار دولى لملاحقة مجرمى الحرب وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.