اختل توازنه وفارق الحياة أمام أعين المئات.. مصرع أشهر لاعبي «فلاي بورد» بالغردقة (القصة الكاملة)

في لحظة صمت مفاجئ، تحوّل عرض استعراضي مائي إلى مأساة حقيقية هزّت مدينة الغردقة، عندما سقط نجم رياضة الفلاي بورد المصري محمود عبدالغني من السماء إلى الأرض، ليفارق الحياة أمام أعين المئات الذين جاءوا للاستمتاع بعرضه المذهل بمنطقة سهل حشيش، أحد أشهر منتجعات البحر الأحمر.
كانت الأجواء مفعمة بالحيوية، والعيون شاخصة نحو السماء تتابع حركاته البهلوانية المدهشة فوق سطح المياه مستخدمًا تقنية الدفع المائي النفاث التي طالما أبدع بها، لكن فجأة اختل توازنه وسقط سقوطًا عنيفًا من ارتفاع شاهق، على الأرض الصلبة المجاورة لحمام السباحة، وسط صدمة لم يستوعبها الحاضرون للحظة. تحول التصفيق إلى صراخ، والدهشة إلى بكاء، وسرعان ما ساد الذهول والارتباك، وهرع فريق الإنقاذ المتواجد بالمنتجع إلى الموقع ليجدوا جسد اللاعب ممددًا بلا حركة، فاقدًا للوعي تمامًا، وسط صمت مشوب بالحزن لم يعرف أحد كيف يفسّره.
البلاغ وصل إلى غرفة عمليات النجدة في دقائق، وعلى الفور انطلقت سيارة إسعاف إلى الموقع، برفقة طاقم طبي، بينما انتقلت قوة من قسم شرطة السياحة والمعنية بتأمين المنطقة، حيث جرت محاولة يائسة لإنقاذه، لكن الأوان كان قد فات.
نُقل الجثمان إلى مستشفى الغردقة العام، حيث أكدت المصادر الطبية أن اللاعب وصل مفارقًا للحياة، وأن السبب المباشر للوفاة كان كسرًا في قاع الجمجمة ونزيفًا داخليًا أدى إلى توقف عضلة القلب، نتيجة السقوط المباشر على الرأس، ووقوعه في منطقة صلبة لا تخضع لتأمين كافٍ حول منطقة العرض.
وأكدت التحريات الأولية عدم وجود أي شبهة جنائية، وأن الحادث عرضي ناتج عن فقدان التوازن أثناء العرض.
كان محمود عبدالغني، البالغ من العمر 44 عامًا، واحدًا من أوائل المصريين الذين دخلوا عالم الفلاي بورد، ولم يكن لاعبًا عاديًا، بل موهبة استثنائية استغل قربه من البحر ليحوّل رياضته إلى عرض فني مبهر، حيث جذب الأنظار بعروضه في الغردقة وشرم الشيخ والعين السخنة، حتى ارتبط اسمه برياضة الفلاي بورد في ذاكرة السائحين والمنظمين. سُمي «نجم الفلاي بورد»، ولم يكن هذا اللقب مبالغة، فقد عمل لسنوات بتفانٍ، وتعاقد مع منتجعات سياحية راقية لتقديم عروض مائية احترافية صُنّفت من بين أقوى الفعاليات الترفيهية على شواطئ البحر الأحمر.
كان محمود ينتمي إلى محافظة المنوفية، وبحسب أصدقائه المقربين، فقد قرر منذ عدة سنوات الاستقرار بالغردقة رفقة شقيقه مجدي، حيث وجد في البحر ملاذًا ومنصة لصناعة حلمه، وقدّم عروضًا نالت إعجاب آلاف السائحين، واكتسب شعبية كبيرة في الوسطين السياحي والرياضي، حتى صار وجهًا مألوفًا في الحملات الترويجية للأنشطة البحرية المصرية.
ومنذ ظهوره الأول، لم يكن مجرد لاعب، بل سفيرًا غير رسمي لرياضات البحر النادرة في مصر، والتي لا تزال تفتقر إلى إطار تنظيمي واتحادات رسمية تدعم مواهبها.
غيابه ترك فراغًا في قلوب محبيه، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تسابقت كلمات الرثاء، وانهالت صور عروضه الأخيرة ومقاطع استعراضية له وهو يحلّق فوق الماء كطائر حر.
ونعاه الأصدقاء والمتابعون بكلمات مفعمة بالأسى، مشيرين إلى تواضعه وإنسانيته، وأنه لم يكن يسعى للشهرة بقدر ما كان يسعى للإتقان والإبهار. وقد أبدى عدد من منظمي الفعاليات السياحية بالغردقة حزنهم الشديد، مؤكدين أن المدينة فقدت أحد أعمدة العروض المائية، وأن غيابه سيترك فراغًا حقيقيًا في المشهد السياحي، خاصة مع الإقبال المتزايد على الفلاي بورد من السائحين الأجانب خلال المواسم.
جرى نقل الجثمان إلى قريته بمركز تلا في محافظة المنوفية، حيث تشيع جنازته وسط دموع الأهل والأصدقاء.