رحلة لم تكتمل.. تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة ضحايا ميكروباص كفر السنابسة

لم يكن صباح اليوم الجمعة كأي صباح عادي في قرية كفر السنابسة التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية. فبينما يستعد أغلب سكان القرية لقضاء يوم عطلتهم، كانت مجموعة من الفتيات والشبان يستقلون ميكروباص متجهين إلى عملهم المعتاد بشكل يومي.
كانت الساعة تقترب من السادسة صباحًا، عندما انطلقت السيارة من نقطة التجمع المعتادة، محملة بآمال 22 راكبًا أغلبهم من الفتيات اللاتي خرجن لتحسين ظروف أسرهن المعيشية. كان الطريق الإقليمي المار بالمنوفية هو المسار الذي يسلكونه يوميًا دون أن يتوقع أحد أن يصبح هذا اليوم هو الأخير في حياة أغلبهم.
بحسب روايات الأهالي وبعض شهود العيان الذين تصادف وجودهم قرب موقع الحادث، فإن سيارة نقل ثقيل (تريلا) كانت تسير بسرعة جنونية، حاول سائقها تفادي مركبة أخرى فاصطدم مباشرة بالميكروباص الذي لم يترك له الحظ فرصة للهروب. حدثت الكارثة في لمح البصر. أصوات التصادم كانت مرعبة، وتحول الميكروباص إلى كومة خردة.
الأهالي من القرى المجاورة هرعوا إلى المكان قبل حتى وصول سيارات الإسعاف. المشهد كان مأساويًا، صراخ وبكاء ومحاولات لفك الجثامين العالقة داخل المركبة المحطمة. خلال نصف ساعة كانت عربات الإسعاف قد بدأت في نقل الجثث والمصابين إلى أقرب المستشفيات، وهي مستشفيات أشمون العام، سرس الليان، قويسنا، والباجور التخصصي.
في تمام الثامنة صباحًا، بدأت أسماء الضحايا تتسرب إلى أهل القرية، وكان وقع الخبر صادمًا. يقول الحاج عبدالفتاح رزق، أحد أقارب الضحايا: «إحنا كل يوم بنودع ولادنا الصبح وهما رايحين الشغل.. عمرنا ما اتخيلنا إننا هنستقبلهم تاني جثث ملفوفة في أكفان».
كانت الضحايا من أعمار تتراوح بين 14 و22 عامًا، أغلبهم فتيات خرجن للعمل في مصانع المنطقة الصناعية بالسادات. بعضهن المعيلات الوحيدات لأسرهن، وبعضهن لم يكملن تعليمهن من أجل مساعدة أسرهن.
في مستشفى أشمون، تجمّعت عشرات الأسر بحثًا عن أبنائهم. في لحظة واحدة، انهارت الأمهات وراح الرجال يبكون بحرقة. لم يكن المشهد عاديًا، ولم يكن الألم قابلًا للوصف. المشهد بأكمله بدا وكأن الحياة توقفت في القرية، التي تحولت إلى سرادق عزاء كبير.