على بعد 45 كيلومترًا من مدينة سفاجا، وسط صحراء قاسية الجغرافيا وغنية بالتاريخ، تقع مدينة ومحجر «مونس كلوديانوس» الأثرية، أحد أهم وأكبر المواقع الرومانية في الشرق الأوسط، التي تنتظر قرارًا حاسمًا من رئاسة الوزراء ليعلن حمايتها رسميًا، ويحمي ما تبقى من معالمها الفريدة والتاريخية. وكانت مدينة الرخام الإمبراطوري «مونس كلوديانوس » مركزًا حيويًا للإمبراطورية الرومانية، حيث يعمل آلاف العمال تحت إشراف الجيش الروماني في تقطيع الرخام والأحجار الضخمة، التي شُحنت من سفاجا إلى روما لبناء أفخم معابدها وقصورها، مثل فيلا الإمبراطور «هادريان » و«معبد فينوس» بعض الأعمدة التي خرجت من هذه المحاجر لا تزال قائمة في قلب العاصمة الإيطالية حتى اليوم، تحمل توقيعًا غير مكتوب لصحراء مصر. و تفتقر المدينة والمحجر الروماني لأي سياج أو حراسة، وتتعرض معالمها لتعديات متكررة، وسط تجاهل رسمي استمر لعقود، وفي عام 2017، زارها وزير الآثار الأسبق الدكتور خالد العناني، وأوصى بخطة عاجلة لتأمينها وتطويرها، لكن كل التوصيات بقت حبيسة الأدراج، في انتظار توقيع طال انتظاره من رئيس الوزراء منذ أكثر من 6 سنوات، لضم المدينة ضمن قائمة المناطق الأثرية المحمية. وتضم المدينة بقايا معمارية نادرة: أعمدة رخامية ضخمة يتجاوز طول الواحدة منها 20 مترًا، ووزنها 200 طن، بقايا مساكن العمال، أبراج مراقبة، إسطبلات للثيران، كنائس من الجرانيت الوردي، وآبار مياه معدنية، ونصوص رومانية منقوشة، لا تزال تتحدى عوامل الزمن. وان إعلان ضم المدينة إلى الآثار سيمنع التعديات، ويؤهلها لتكون ضمن برامج السياحة الأثرية"، مشيرًا إلى أن استغلالها كمقصد سياحي قد يوفر مصدر دخل لحمايتها ذاتيًا. من جانبه، يؤكد محمود صابر، رئيس اللجنة الثقافية بنقابة المرشدين السياحيين بالغردقة، أن «مونس كلوديانوس» تُعد أضخم مدينة رومانية للعمال في الشرق، وأنها تُمثل فرصة نادرة لإعادة إحياء مسار الرخام الإمبراطوري من مصر إلى أوروبا، مشددًا على أن تأخر القرار الرسمي يحرم مصر من كنز أثري وسياحي عالمي. اليوم، يسكن المدينة والمحجر الروماني صمت عميق، لا تكسره سوى الرياح التي تلهو بين الأعمدة المحطمة والمنازل المهجورة، فيما ينتظر العاملون في السياحة والآثار، لحظة صدور قرار رئيس الوزراء، الذي سيمنح هذا الموقع التاريخي الحماية القانونية، ويعيد له الاعتبار الذي يستحقه في خريطة السياحة العالمية.