الداخلية تضبط شخصًا بحوزته بطاقات رقم قومي وأموال للتأثير على الناخبين بسوهاج    مواعيد وضوابط التقييمات النهائية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    الذهب يواصل ارتفاعه الصاروخي.. وعيار 24 يلامس 7000 جنيها للجرام    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    وزارة الزراعة: تشديد الرقابة على المبيدات ولا خسائر بسبب النمل الأبيض    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    وزير الإعلام الصومالي: اجتماع للجامعة العربية لدعم موقف الصومال    جيش الاحتلال الإسرائيلي يفرض حظر تجول ويغلق طرقا رئيسية يعتقل عددا من الفلسطينيين    بلديات شمال غزة: قوات الاحتلال الإسرائيلية دمرت 90% من الآبار.. والمنطقة تعيش كارثة    منتخب الفراعنة ضد جنوب أفريقيا.. محمد الشناوي حارس المواعيد الكبرى    أمم أفريقيا 2025| رامي بن سبعيني : مواجهة بوركينا فاسو صعبة ..والجزائر يتطلع لتحقيق نتيجة إيجابية    انطلاق مباراة بنين وبوتسوانا بأمم أفريقيا 2025    إصابة 3 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    المشدد 15 سنة وغرامة 100 ألف جنيه ل3 متهمين بالاتجار فى المخدرات بسوهاج    الداخلية تضبط شخص يوزع أموالا بمحيط لجان في سوهاج    وفاة المخرج السينمائي داود عبد السيد عن عمر يناهز 79 عاما    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "الملحد" ل أحمد حاتم    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على "إعلام وراثة" لرمضان 2026    حضور قوي لمتطوعي صناع الخير فى احتفالية اليوم العالمي للتطوع بجامعة القاهرة لعرض تجاربهم الناجحة    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    12 رقما من فوز مصر على جنوب إفريقيا    برئاسة محمد سلامة.. انتخاب مجلس إدارة جديد ل الاتحاد السكندري    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    سعر كرتونة البيض اليوم السبت في بورصة الدواجن    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    القبض على أجنبي لتحرشه بسيدة في عابدين    انهيار جزئي لعقار قديم في منطقة رأس التين بالإسكندرية    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    المشاط: نعمل على وصول النمو لمستويات 7% لزيادة معدلات التشغيل وتحقيق تنمية تنعكس على المواطن    القوات الإسرائيلية تنفذ عملية تهجير قسري بشمال الضفة الغربية    وزير الإسكان يؤكد خلال تفقده مشروع «حدائق تلال الفسطاط»: نقلة حضارية جديدة    وزير الصحة: بدء الاستعداد للمرحلة الثالثة من التأمين الصحي الشامل    متحدث الوزراء: توجيهات بتخصيص الموارد لتطوير التأمين الصحي الشامل و«حياة كريمة»    وزارة الدفاع العراقية: 6 طائرات فرنسية جديدة ستصل قريبا لتعزيز الدفاع الجوي    روسيا: تنفيذ ضربة مكثفة ضد البنية التحتية للطاقة والصناعة الدفاعية الأوكرانية    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    تحرير 108 آلاف مخالفة مرورية على الطرق السريعة    بسبب خلافات أسرية.. التصريح بدفن شاب تخلص من حياته في عين شمس    إصلاح كسر خط مياه بشارع 17 بمدينة بنى سويف    خلال جراحة استمرت 8 ساعات.. نجاح الفريق الطبي في إعادة بناء وجه كامل بمستشفى شربين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    عندها 100 سنة.. معمّرة في قنا تدلي بصوتها في انتخابات النواب على كرسي متحرك    انطلاق جولة الإعادة لانتخابات النواب بدوائر الفيوم وسط تأمين أمني    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    مفتي مصر بدين الهجوم على مسجد بحمص السورية    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    جيسوس يعزز قائمة النصر بثلاثي أجنبي قبل مواجهة الأخدود    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انفجار الواحات.. عجوز تفحمت داخل السيارة وحفيدتها بين الحياة والموت: «مين هيرجع ناهد؟»
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 05 - 2025

في ظهيرة يوم الأربعاء الماضى، بدت شوارع مدينة السادس من أكتوبر ساكنة أكثر من المعتاد.. عاصفة ترابية حجبت الرؤية، والقرار الحكومي بتعطيل المدارس والجامعات جعل المدينة تتنفس ببطء. لم يكن أحد يتوقع أن هذا السكون سيكسره انفجار ضخم يهز طريق الواحات، ويحوّل سيارة إلى كتلة من اللهب، ويترك جدة متفحمة، وحفيدة بين الحياة والموت.
«الرسالة الأولى جاءت من بعيد»
ثروت فتحي الطويل، رجل سبعيني، ملامحه غارقة في الحزن، عيناه محاطتان بسواد الدموع والسهر، يستقبل العزاء من الجيران وأقارب أسرته، لكنه لا يرد التحية، كل ما يقوله بصوت خفيض: «فين منة؟ وراحت ناهد؟».
في تلك الليلة، كان الجد يظن أن حفيدته «منة الله»، طالبة طب الأسنان بالفرقة الثالثة، في طريقها لحضور درس خاص، لم يكن يعلم أن ثواني قليلة على الطريق ستقلب حياة الأسرة رأسًا على عقب.
«أنا ماكنتش أعرف إنهم حصلهم حاجة، كنت قاعد في الشقة، فجأة جالي تليفون من زوج بنتي من قطر، أيمن، بيعيط، وبيقولي: منة وناهد عملوا حادثة»، يقول «ثروت»، محاولًا ترتيب كلماته وسط زخم الذكريات.
الرسالة الأولى جاءت من بعيد، من الدوحة، «أيمن»، والد منة، يعمل هناك منذ سنوات، وكان قد سافر قبل أسابيع قليلة، ترك ابنته في رعاية والدي زوجته، وهو مطمئن أن الأمور ستكون بخير.
لكن ما حدث على طريق الواحات لم يكن متوقعًا. «الناس قالت فيه انفجار في خط غاز، وإن عربية اتفحمت بالكامل»، يقول «ثروت»، الذي استمع لأحد شهود العيان ممن تجمعوا حول موقع الحادث في اللحظات الأولى، إذ أفاد: «سمعنا صوت عالي، وبعدين نار كبيرة مولعة في الطريق».
«كانت هتبقى دكتورة»
سائقو السيارات القريبة حاولوا الاقتراب، لكن اللهب كان يحاصر المركبة، وصراخ الفتاة كان يعلو، قبل أن يتلاشى.
في مستشفى الشيخ زايد التخصصي، وصل الجد مهرولًا. «لقيت حفيدتي على تروللي، الأطباء بيعملوا لها تنفس صناعي، جسمها كله محروق، ماكنتش أعرف إن ناهد ماتت»، يقول «ثروت» بصوت منكسر.
لم يتركوا «منة» هناك طويلًا، تم تحويلها إلى مستشفى «أم المصريين»، ثم إلى مستشفى «أهل مصر» للحروق حالتها خطيرة، 60% من جسدها مصاب بحروق من الدرجة الثالثة، والرئة متضررة بفعل استنشاق الدخان.
«دي آنسة، بنت، طالبة متفوقة، كانت هتبقى دكتورة، ليه يحصل فيها كده؟»، يقول الجد بينما ينظر إلى صورة قديمة تحتفظ بها العائلة، تظهر فيها منة بملابس التخرج من الثانوية العامة، وهي تبتسم.
«معقول شاب سايق لودر.. يعمل اللي عمله ده»
لم تمر ساعات طويلة حتى تم إبلاغ الأسرة بأن الجدة، ناهد أحمد عبداللطيف، توفيت متفحمة داخل السيارة.
«مراتي كانت كل حياتي، عشنا مع بعض 55 سنة، راحت في ثانية»، يقول الرجل السبعيني متماسكًا للحظة قبل أن يجهش بالبكاء. «أنا اللي روحت مشرحة زينهم، أنا اللي طلبت من بنتي الكبيرة تعمل تحليل دي إن إيه علشان يتعرفوا على الجثة، لأن مافيش ملامح».
بحسب التحقيقات الأولية، الانفجار نتج عن اصطدام لودر بخط غاز أثناء تنفيذ أعمال حفر تابعة لإحدى شركات المقاولات. لا يزال الجدل دائرًا حول مدى التزام الشركة باشتراطات الأمان، أو غياب التنسيق بينها وبين جهاز مدينة 6 أكتوبر.
«معقول شاب سايق لودر، يعمل اللي عمله ده، ويتسبب في انفجار؟»، يتساءل الجد غاضبًا، مشيرًا إلى ما وصفه بالإهمال الجسيم من الجهات المسؤولة.
النيابة العامة أمرت بفتح تحقيق فوري، واستدعت مسؤولي الشركة وجهاز المدينة، وطلبت تحريات أجهزة الأمن حول الواقعة. في الوقت نفسه، لا تزال طالبة طب الأسنان على جهاز التنفس الصناعي، والأطباء يؤكدون أن الساعات المقبلة «حاسمة».
«مين هيرجع لي ناهد؟»
أما الأسرة، فتعيش بين الأمل واليأس. «مش عارفين حتى هتدخل امتحانات إزاي، ولا هل هيعرفوا ينقذوا وشها، دي عروسة كانت على وش جواز»، يقول الجد.
في أحد أركان البيت، جلس «ثروت» يكتب رسالة مناشدة بخط يده، وجهها لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي. «أنا أناشدك كرئيس وإنسان.. حفيدتي بنت، صغيرة، لازم تتعالج على نفقة الدولة، لازم يتعمل تحقيق شامل في اللي حصل».
الورقة ربما يحملها إلى مقر مجلس الوزراء، ويتركها في مكتب الشكاوى، ويأمل أن تصل للرئيس، وفق قوله.
«أنا مش بتسول، أنا بطالب بحقنا، ده إهمال واضح، لو الطريق مؤمن، لو فيه رقابة، ماكنش حصل كده»، يقول بثقة لم تنكسر رغم حزنه، بينما تستمر التحقيقات، ووارى جثمان «ناهد» الثرى، لا تزال «منة» تحارب للبقاء على قيد الحياة.
وفي منزل الأسرة، ساد صمت ثقيل، الحوائط تحمل صور العائلة، ولكن لا أحد يضحك.. وفي كل زاوية، صوت الجد يتردد: «هتقوم.. إن شاء الله هتقوم.. بس مين هيرجع لي ناهد؟».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.