رغم تباين المواقف فى جدول أصحاب القرار فى تل أبيب تجاه أولويات الحرب الإسرائيلية فى غزة، ما بين السياسية التى تضع القضاء على «حماس» هدفًا، والعسكرية التى تضع إطلاق سراح الأسرى المحتجزين فى مقدمة أهدافها، أفادت مصادر سياسية إسرائيلية بأن كلا الطرفين متفقان حاليًا على مبدأ أنه «ما دام لا يوجد تقدم فى مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى فإن الحرب ستستمر وستتصاعد». الأمر الذى دعا جيش الاحتلال إلى الشروع فى استدعاء قوات الاحتياط. وقال مسؤول عسكرى فى تل أبيب إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو صادق خلال جلسة مشاورات «مغلقة» أمس الأول على خطة للجيش، وسيطرحها على الكابينت «المجلس الوزارى المصغر فى الحكومة للشؤون السياسية والأمنية»، اليوم. لافتًا إلى أن جيش الاحتلال يستعد لاستدعاء عدد كبير من جنود الاحتياط خلال الفترة المقبلة لتوسيع الهجوم فى غزة «بشكل كبير»، وذلك من خلال تنفيذ عمليات تصفها المصادر بأنها «محدودة» فى مناطق جديدة فى قطاع غزة، مشيرة إلى مصادقة نتنياهو أيضًا على استدعاء الاحتياط وتحريك القوات ما بين الضفة وسوريا ولبنان. وادعى أن استدعاء هذه القوات يتم فقط «بدافع اعتبارات موضوعية وعملياتية بحتة»، فى الوقت الذى لم يتجاهل فيه ازدياد عدد الرسائل الموقعة من قِبل قدامى المحاربين، والتى بلغت نحو 200 ألف، يدعون فيها إلى التوصل لاتفاق يعيد الرهائن، حتى لو تطلّب الأمر إنهاء الحرب. من جهته، قال المسؤول العسكرى إن أبرز مهام الجيش تبقى إعادة الأسرى ال59 الذين لا يزالون محتجزين لدى «حماس» فى غزة، والتى يُعتقد أن نحو 24 منهم على قيد الحياة، طبقًا للمعلومات الاستخباراتية، بينما تأتى مهمة إسقاط حكم «حماس» فى المرتبة الثانية، بخلاف موقف رئيس الوزراء نتنياهو. ووفق ما نقلته صحيفة «إسرائيل هيوم» عن مسؤول أمنى، لم تذكر اسمه، فإن خطة الجيش تأخذ بالاعتبار البقاء فى قطاع غزة حتى نهاية السنة على الأقل. واعتبرت الصحيفة أن الموعد يمثل توافقًا من قيادة الجيش الجديدة مع موقف نتنياهو لإنهاء الحرب كما يريد، بينما يرى المسؤول الأمنى «أنه إذا تهيأت الظروف وتحققت الأهداف فإن الحملة ستنتهى قبل ذلك الموعد». وقالت وسائل إعلام عبرية إن مجلس الوزراء الأمنى وافق على خطط لتوسيع العملية العسكرية فى قطاع غزة، مما يزيد من الدلائل على أن محاولات وقف القتال وإعادة الرهائن الذين تحتجزهم «حماس» لم تُحرز أى تقدم. وامتنع متحدث باسم مكتب نتنياهو عن التعليق على هذه التقارير التى أفادت بأن القرار سيوافق عليه مجلس الوزراء بكامل هيئته اليوم. ميدانيًا، أفادت مصادر طبية باستشهاد 30 فلسطينيًا، بينهم 3 أطفال، إثر قصف إسرائيلى للقطاع منذ فجر أمس، كما ذكرت المصادر استشهاد طفلة نتيجة سوء التغذية والجفاف فى مستشفى الرنتيسى غربى مدينة غزة. بينما أعلن الدفاع المدنى فى غزة استشهاد 11 فلسطينيًا، بينهم ثلاثة أطفال رضع، فجر أمس فى غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا فى مخيم خان يونس جنوب القطاع. فى الأثناء، قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارجريت هاريس فى مقابلة مع الجزيرة إن أعدادًا كبيرة من الأطفال سيموتون فى غزة بسبب التجويع، وأضافت أن مئات الآلاف فى غزة لا يمكنهم الوصول إلى المستشفيات القليلة العاملة. فى الوقت نفسه، قالت «حماس» إنها قدّمت رؤية تقوم على اتفاق شامل ومتزامن لوقف إطلاق النار يمتد ل5 سنوات، بضمانات إقليمية ودولية، قابلها نتنياهو بالرفض. وأكدت الحركة أنها تبذل جهودًا واتصالات مكثفة من أجل الضغط لفتح المعابر ورفع الحصار، مشددة على أن «المقاومة جاهزة لإبرام صفقة تبادل مشرّفة»، وأن «الكرة اليوم فى ملعب العدو». على الصعيد ذاته، أفاد مكتب الإعلام الحكومى بقطاع غزة بارتفاع عدد الوفيات بسبب سياسة التجويع إلى 57 شهيدًا، مضيفًا بأن العدد مرشح للزيادة، وأدان استمرار الاحتلال فى استخدام الغذاء سلاح حرب، ما يعكس جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان واستمرار الواقع الكارثى فى القطاع. ودعا المجتمع الدولى إلى تحرك فورى لفتح المعابر وضمان إدخال الغذاء والدواء للقطاع. بينما دقت مؤسسات الأسرى ناقوس الخطر الشديد بسبب الانتهاكات المروعة التى يرتكبها الاحتلال بحق الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، والتى ستؤدى إلى استشهادهم فى أى لحظة، وكان آخرها تعرّض القيادى الأسير حسن سلامة للتعذيب والتهديد.