لماذا توقف الرجال عن ارتداء الكعب العالى؟

فى مارس الماضى، شهد أسبوع الموضة فى باريس تألق الرجال بأحذية الكعب العالى على منصة عرض «فيفيان ويستوود»، وللوهلة الأولى قد يبدو هذا تطورًا فى قواعد اللباس إلا أن ذلك كان سائدًا فى الماضى، فعلى الرغم من أن علاقة النساء بالأحذية ذات الكعب العالى تعود إلى القرن السابع عشر، إلا أنها قبل ذلك كانت حكرًا على الرجال، وكانت رمزًا للرجولة والمكانة الاجتماعية الرفيعة.
وبحلول سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، كان الرجال الذين يريدون زيادة طولهم يفعلون ذلك غالبًا فى السر، من خلال إخفاء الإضافات فى أحذيتهم الرسمية. واليوم يُنظر إلى الاستثناءات على السجادة الحمراء ومنصات عروض الأزياء على أنها تخالف الأعراف الجنسية.
وفى عالم يعتبر الطول سمة جذابة، يذهب بعض الرجال إلى تجميل طولهم على تطبيقات المواعدة أو الخضوع لعمليات جراحية مؤلمة لإطالة الساق، وهو ما يطرح السؤال: لماذا لا يتم قبول الكعب العالى على نطاق أوسع من قبل الجنسين؟ وتقول كبيرة أمناء متحف باتا للأحذية فى تورنتو، إليزابيث سيميلهاك، إن تاريخ الكعب العالى يعود إلى غرب آسيا فى القرن العاشر، عندما صُممت لمساعدة فرسان الخيل على إبقاء أحذيتهم فى ركابهم.
ومنذ البداية، كان ارتداء الكعب العالى دلالة على المكانة الاجتماعية، وكان مفهوم الكعب مرتبطًا جدًا بأفكار الفروسية، وفى العقل الأوروبى بالرجولة. وفى القرن السابع عشر، كان الرجال الأوروبيون الأثرياء يرتدون نوعين من الأحذية ذات الكعب العالى: أحذية جلدية مكدسة (مثل أحذية ركوب الخيل العملية) وأحذية مغطاة بالجلد (لأزياء البلاط الأكثر فخامة). وانتقل هذا النوع الأخير فى نهاية المطاف إلى ملابس النساء، حيث نراه اليوم، وكانت الأحذية ذات الكعب العالى تدل على مكانة أعلى للرجال، لأنها كانت غير عملية للمشى لمسافات طويلة أو العمل. ويمكن رؤية أحد أشهر تصويرات الكعب المزخرف للرجال فى صورة لويس الرابع عشر الرسمية التى رسمها هياسنت ريجو عام 1701، إذ يظهر الملك الفرنسى متألقًا فى ثياب الزنبق الذهبية والزرقاء والجوارب البيضاء، ويرتدى أحذية بيضاء أنيقة ذات كعب أحمر.
وتُعرف الأحذية ذات الكعب الأحمر بالفرنسية باسم «Les talons rouges»، وكانت رمزًا للمكانة الملكية، واقتصر استخدامها على فئة مختارة من النبلاء، وفقًا لمتحف جيه بول جيتى، حيث تُعرض اللوحة. وتُظهر أعمال أخرى من تلك الحقبة نساءً نبيلات يرتدين تنانير داخلية تحجب الأحذية، بينما يُمدد الرجال أرجلهم لإظهار أحذيتهم المرغوبة.
ويواجه الرجال معايير مزدوجة؛ فرغم الصفات الإيجابية المرتبطة بطول القامة، فإن متوسط طول الرجل حول العالم أقل من 170 سم، وحافظ بعض قادة العالم والشخصيات العامة على هذا الوهم من خلال رفع الأحذية، وصعود السلالم، وحتى وضع حشود أقصر بعناية، متجاوزين بذلك الحدود للحصول على طول أطول قليلًا. وقد تكون الأحذية ذات الكعب العالى حلاً أكثر أناقة، وفقا لبعض الخبراء.