قال الدكتور دينج لونج، الأستاذ بمعهد الدراسات شرق الأوسطية في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، إن المؤتمر السنوي للبرلمان الصيني لعام 2025 تحت عنوان«الابتكار التكنولوجي»، يعد بوصلة نحو التنمية المستقبلية خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي. وأشار لونج في تصريحات ل «المصري اليوم»، إلى أن المؤتمر السنوي للبرلمان الصيني لعام 2025، يعد حدثا سياسيا كبيرا في البلاد، وهي مناسبة هامة لتخطيط مسار التنمية الاقتصادية والتكنولوجية مما وفر نافذة مهمة للعالم لمراقبة اتجاهات التنمية في الصين، وبات الابتكار التكنولوجي عنوانا رئيسيا، من الذكاء الاصطناعي إلى السيارات الكهربائية، كما تتركز المداولات في أروقة المؤتمر وتحت قبة قاعة الشعب الكبرى تم التركيز على أهمية الابتكارات وإيجاد سبل تعزيز استدامة التقدم التكنولوجي سعيا لاكتشاف قوة دافعة جديدة للتنمية الصينية وتقديم خبرة لدول الجنوب العالمي. ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي أصبح موضوعا ساخنا في مداولات المؤتمر السنوي، كون الصين رائدة بهذا الصدد بعد صعود نموذج «ديب سيك»، قمة الذكاء الاصطناعي عالميا وبفضل طبيعته مفتوحة المصدر ومنخفضة التكلفة، إذ يتم تطبيقه بسرعة في التصميم الصناعي والطب والمجالات الأخرى، ليصبح قوة جديدة لزيادة الإنتاجية، وعلى سبيل المثال، في مجال التنقيب عن المعادن، زادت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من كفاءة الاستكشاف بأكثر من 30% من خلال تحليل البيانات آليا، وفي الوقت نفسه، ازدادت شعبية الهواتف المحمولة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والروبوتات الذكية التي تؤدي أدوارا متعددة بحيث يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل العديد من الصناعات والخدمات وأسوق الاستهلاك. وأشار إلى أن الحكومة تعمل على دعم التطبيق المكثف للذكاء الاصطناعي ووضع هدف زيادة القيمة المضافة للاقتصاد الرقمي بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المقبل، خلال المؤتمر، أصبحت التكامل بين الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الحقيقي كلمة مفتاحية، في قطاع التصنيع، أعطت 29 مقاطعة من أصل 31 مقاطعة الأولوية للذكاء الاصطناعي، وركزت 14 مقاطعة على الروبوتات، مما أدى إلى زيادة بنسبة 9.2% في الاستثمار في التصنيع الذكي، مضيفا أن تطبيق الروبوت وبناء «مصنع المستقبل» على أن الصناعة التحويلية في الصين تتحول من اقتصاد الحجم إلى الاقتصاد الذكي، ويمكن للدول النامية الاستفادة من التجارب الصينية لتحويل قطاع التصنيع وتطويره من خلال التكنولوجيا الرقمية. وأشار لونج إلى أن انتشار الوسائل الجديدة في المجالات الناشئة مثل الخدمات اللوجستية في الآونة الأخيرة في الصين بفضل التقدم التكنولوجي، حيث تم تطبيق خدمات التوصيل ب «المسيرات» في 10 مقاطعات صينية، ومن المتوقع أن يصل حجم السوق عام 2025 إلى 860 مليار يوان صيني، وقد أدت شبكات الخدمات اللوجستية التجريبية بالمسيرات إلى تقصير وقت التسليم بنسبة 50%، مؤكدا أن هذه الصناعات الناشئة لا تخلق قوة تنمية جديدة فحسب، بل تحفز تطور الصناعة التحويلية التقليدية من خلال الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والملاحة عالية الدقة وغيرها من التقنيات، مما يشكل دورة إيجابية تتمثل في «التكنولوجيا- الصناعة – السوق». وتابع: لمواجهة التحديات العالمية مثل أخلاقيات الذكاء الاصطناعي وأمن البيانات، تعهدت الصين خلال المؤتمر السنوي بتحقيق اختراقات تقنية من خلال «الابتكار المسؤول» إذ اقترح نواب البرلمان دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية الجديدة لتأهيل المواهب ذات الصفات التقنية والأخلاقية على حد سواء، ويدعون إلى تنظيم وتقنين التقدم التكنولوجي، بحيث يمنح الشركات مجالًا للتصحيح الذاتي، وتتناقض فكرة تشجيع الاختراقات مع الحفاظ على المحصلة النهائية بشكل صارخ تفاديا للنمو غير الأخلاقي في التقنيات الناشئة، مما يخلق مسارًا صحيحا للتطور التكنولوجي وتحقيق الإدارة الفعالة للقطاعات التكنولوجية. وحول دور المؤتمر في الرؤية العالمية وصنع المستقبل من خلال التعاون بين دول الجنوب، قال الخبير الصيني، إن المؤتمر السنوي للبرلمان، أظهر اليقين الاستراتيجي للصين أن إطلاق العنان للإمكانات التكنولوجية من خلال الابتكار المستمر، وأنه لا يمكن تضخيم فوائد الابتكار إلا بالانفتاح والتعاون مع دول العالم خاصة دول الجنوب، حيث وفرت تجربة الصين الناجحة نموذجًا تنمويًا جديدًا يمكن تكراره في بلدان الجنوب العالمي، وفي الوقت الحاضر، يمثل الحجم الاقتصادي لمجموعة ال «بريكس» 40٪ من إجمالي حجم الاقتصاد العالمي، ومن خلال البناء المشترك ل «طريق الحرير الرقمي»، ومثلما تم التوصل إلى توافق في قمة البرازيل لمجموعة العشرين، لا يمكن للجنوب العالمي أن يصبح دعامة أساسية للاستقرار الاقتصادي العالمي إلا من خلال الالتزام بتعزيز التعاون الدولي وتوسيع السوق وإيجاد المساحات المشتركة بصدر رحب بغرض تحقيق التنمية المشتركة في التكنولوجيا العالية.