«جوجل» في خطر.. هل انتهى عصر محركات البحث التقليدية أمام الذكاء الاصطناعي

سنوات طويلة تربع فيها جوجل على عرش البحث والمعلومات، من أبسط الأسئلة اليومية إلى أعقد المسائل العلمية، جميعنا اعتمدنا على جوجل كالوجهة الأولى لأي استفسار، لكن هل هزت تقنيات الذكاء الاصطناعي هذا العرش سريعًا؟
دراسة حديثة، أجرتها Future Publishing على أكثر من 1000 أشارت إلى أن 27% من المستخدمين الأمريكيين بدأوا بالاعتماد على روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بدلًا من محركات البحث التقليدية. وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد نشهد مستقبلًا يتجاوز فيه البحث التلقائي حدود الروابط الزرقاء نحو حوار تفاعلي، يفهم احتياجات المستخدم، ويتطور وفقًا لها.
وتوقعت دراسة أجرتها Gartner أنه بحلول عام 2026، سيتم تنفيذ 30% من عمليات البحث على الإنترنت بواسطة المساعدات الذكية بدلًا من محركات البحث التقليدية.
هل انتهى العمر الافتراضي لجوجل؟
خبير الذكاء الاصطناعي محمود صفوت يشير إلى أن الإقبال بالفعل سيقل على استخدام محركات البحث التقليدية، لكنها لن تنتهي أبدًا لأن الكثيرون يفضلون البحث بأنفسهم عن المعلومة من مصادرها الأصلية وتبحث حول المزيد والمزيد من التقارير والمقالات، والأبحاث العلمية الكاملة، وليست مجرد الاختصارات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي كقشور للمعلومات.
جوجل تحارب التطور بالتطور
وفي حديثه ل «المصري اليوم» يرى «صفوت» أن جوجل تبحث حلول هذه التغيرات بإضافة حالة دمج بين محرك بحثها وموديلات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، حتى تواكب التحولات السريعة الجارية لهذا التطور. بمعنى أنه سيعطيك الإجابة المختصرة السريعة كما تفعل تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وبجانبها سيطرح البحث المعتاد لجوجل كما السابق، لفت أن Gemini بالفعل أضافت ذلك ولازالت تتطور في صور الدمج.
ويضيف أن لم تقف جوجل مكتوفة الأيدي بل بدأت في إعادة ابتكار البحث من خلال إطلاق ميزة AI Overviews، التي تعتمد على تقديم ملخصات ذكية للإجابات بدلاً من مجرد عرض قائمة من الروابط.
ويتفق «صفوت» مع الدراسة قائلًا أن الاعتماد الأكبر سيصبح لدردشات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، وأن الغالبية العظمى من المستخدمين تميل للإجابات السريعة، مُتابعًا أن ميزة التطبيقات تكمن في السرعة في النتيجة والقوة في التنبؤ ومعالجة، وتقديم اللغة الطبيعية أو الإنسانية للمستخدمين وينجذبون إليها أكثر، لكن أغلب النماذج لم تتعلم حتى الآن الدقة في الإجابة في مقابل الاهتمام بأن تكون مبدعة في الرد والسرد والتنسيق والتنبؤ.
لكن ما يعتقده صفوت أن الفترة القادمة سيتم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على أن تكون أكثر دقة لأنها بالفعل نجحت في التجربة السابقة، مُشيرًا إلى أن أنها في النهاية تعتمد على طريقة التدريب فعلى سبيل المثال «جوجل سكولر»، سيُجيب أفضل كثيرًا وبدقة أكبر مقارنة ب ChatGPT، لأن كلًا منهما يعتمد على مصدر تغذية مختلف.
لماذا يتجه المستخدمون نحو الذكاء الاصطناعي بدلًا من محركات البحث التقليدية؟
وفقًا للدراستين السابقيتن فإن المستخدمون يفتقدون عدة تفاصيل في محركات البحث لذا يفضلون سؤال نماذج الذكاء الاصطناعي نظرًا إلى:
1. البحث أصبح أكثر ذكاءً وأقل إرهاقًا
سابقًا كان البحث عبر جوجل يشبه التنقيب عن إبرة في كومة من القش، حيث يجد المستخدم نفسه أمام عشرات الروابط ويضطر إلى التنقل بينها للوصول إلى المعلومة المطلوبة. أما اليوم، فإن روبوتات الذكاء الاصطناعي تقدم الإجابة مباشرة، مستبعدةً الحاجة إلى البحث بين عدد لا نهائي من الصفحات.
مثال: إذا كنت تبحث عن سبب ارتفاع درجة حرارة هاتفك، سيقترح لك جوجل مقالات ومنتديات، بينما سيخبرك ChatGPT أو Perplexity بالأسباب المحتملة فورًا، بناءً على طراز هاتفك وإعداداته الحالية، مع اقتراحات لحلول سريعة.
1. فهم أعمق، إجابات أكثر تخصيصًا
محركات البحث التقليدية تعتمد على الكلمات المفتاحية، بينما تعتمد أدوات الذكاء الاصطناعي على فهم سياق السؤال. هذا يعني أنك لم تعد بحاجة لصياغة استفسارك بشكل مثالي، بل يمكنك التحدث مع الذكاء الاصطناعي كما لو كان خبيرًا شخصيًا، أو صديق مقرب.
مثال: إذا كنت تخطط للسفر إلى اليابان في أبريل، سيعرض لك جوجل صفحات عن أفضل الوجهات السياحية في اليابان. أما روبوتات الذكاء الاصطناعي، فستوفر خطة مخصصة تناسب تفضيلاتك، سواء كنت تبحث عن أماكن هادئة، معالم تاريخية، أو مغامرات غير تقليدية.
1. أكثر من مجرد بحث.. بل تنفيذ مهام
مستقبل البحث عبر الإنترنت لا يتوقف عند استرجاع المعلومات فقط، بل يمتد إلى تنفيذ المهام نيابةً عن المستخدم.
مثال: بدلًا من البحث عن أفضل الفنادق على محركات البحث، قد يتمكن روبوت الذكاء الاصطناعي قريبًا من حجز الفندق لك بناءً على ميزانيتك وتفضيلاتك، بل وربما يقترح لك الأنشطة المناسبة خلال رحلتك.
عقبات أمام البحث المدعوم بالذكاء الاصطناعي
رغم المزايا الهائلة التي توفرها تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك بعض التحديات التي تجعل جوجل لم يفقد معركته بعد:
دقة المعلومات: أحيانًا قد تقدم روبوتات الذكاء الاصطناعي معلومات غير صحيحة أو غير موثوقة، خاصةً عندما لا تستند إلى مصادر رسمية.
الخصوصية: محركات البحث مثل جوجل تعتمد على نظام مؤسسي قوي لحماية البيانات، بينما ما يزال البعض مترددًا في الوثوق بالذكاء الاصطناعي الذي قد يحتفظ بسجلات البحث والمحادثات.
غياب المصادر: بينما يعتمد جوجل على إظهار روابط لمصادر موثوقة، فإن الذكاء الاصطناعي يقدم إجابات مباشرة دون توضيح دائم للمصدر، مما يثير تساؤلات حول موثوقية المعلومات.
وبالنهاية يضيف الخبير التقني خالد جمال الدين ل «المصري اليوم» أن نتائج نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي مبنية على محتوى محركات البحث وأنها بشكل أو باخر المعلومات تصل للأفرادعبر المواقع الموثوقة أولًا، ودون وجود هذا المحتوى لن تجيب نماذج الذكاء الاصطناعي فهي مبنية عليه، وكذلك أصبحت تعرض بعض النماذج روابط لمصادر معلوماتها مؤخرًا، وبناءً عليه لن تختفي محركات البحث مطلقًا لكن وجب عليها التطوير سريعًا.