النواب يرفع الجلسة العامة.. والمجلس يصوت على الموازنة غدا    محافظ المنوفية يفتتح توسعات مدرسة تتا وغمرين الإعدادية بمنوف    وزير الثقافة يشارك في إزاحة الستار عن "استديو نجيب محفوظ" بماسبيرو    الجامعة الألمانية بالقاهرة تنظم ورشة عمل مع هيئة الدواء المصرية    رئيس جامعة كفر الشيخ يتسلم نسخا من المشروعات التدريبية لشعبة الصحافة بقسم الإعلام    البنك المركزي يطرح سندات خزانة ب16.5 مليار جنيه بسعر فائدة 22.70%    البنك التجارى الدولى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بجلسة الاثنين    النقل توقع عقد ترخيص شركة رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري    اتحاد التأمين: عزوف شركات الإعادة عن سوق التأمين الطبى نتيجة سياسات اكتتابية خاطئة    عقب الضربة الإسرائيلية لإيران| إعلام طهران: إسقاط مسيرة أمريكية في غرب البلاد    تقارير عبرية: إسرائيل تعتزم قصف التليفزيون الإيراني    وسط تصاعد التوترات الإقليمية.. ألمانيا تزود إسرائيل بمواد إطفاء وتدعو للدبلوماسية    الصليب الأحمر بغزة: تدهور متواصل في الوضع الإنساني في القطاع والضفة الغربية    تعرف على موعد ومكان تدريب الأهلي في نيوجيرسي    وزير العمل: برنامج "مشواري" يُجسد اهتمام الدولة المصريةبتنمية الشباب و تأهيلهم    تقارير: إنتر ميلان يرحب ببيع تشالهان أوغلو إلى جالاتا سراي    محافظ الغربية: حملة تموينية مكبرة بمخابز قرى محلة حسن ومنشية الأمراء بالمحلة    مصرع عامل إثر سقوطه من الطابق الخامس بالغربية    تفاصيل القبض علي المتهم بتقييد نجلته وسحلها بالشارع في حدائق أكتوبر    السجن 10 سنوات لمتهم باستعراض القوة وإحراز سلاح فى سوهاج    وزير الثقافة يشارك فى إزاحة الستار عن "استوديو نجيب محفوظ" بماسبيرو    الصواريخ كانت فوقنا.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل ليلة صعبة من بغداد للقاهرة    انطلاق ورشة "فن كتابة القصة" المجانية بثقافة الفيوم    الخارجية الإيرانية: الهجوم الإسرائيلي على مستشفى في غرب إيران جريمة حرب    أحمد السقا يمر بظروف عائلية صعبة.. ابنه في المستشفى وإعلان طلاقه رسميًا    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    وفود دولية رفيعة المستوى تتفقد منظومة التأمين الصحي الشامل بمدن القناة وتشيد بجودة الخدمات    الجامعة الألمانية تنظم ورشة عمل مع هيئة الدواء والمهن الطبية عن اليقظة الدوائية    رئيس جامعة المنوفية والمحافظ يدشنان قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان    بعد عيد الأضحى‬.. كيف تحمي نفسك من آلالام النقرس؟    القبض على سائق عرض حياة المواطنين للخطر أعلى الطريق الدائري بالجيزة    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    سفير إيران لدى الكويت: لسنا بصدد توسيع الحرب ولن نتوانى في الدفاع عن سيادة بلادنا بحزم    مصرع طفل أسفل عجلات قطار الصعيد عند مزلقان دماريس بالمنيا    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    رئيس مجلس النواب يضع مجموعة قواعد لمناقشة مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    النفط يرتفع مع تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    224 قتيلا حصيلة الهجمات الإسرائيلية على إيران منذ بدء الهجمات الإسرائيلية    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في قلب اللهب.. كيف تحول مصنع الشمع إلى قبر جماعي في شبرا الخيمة؟
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 12 - 2024

في حيٍّ مكتظ بالحياة، وتتشابك فيه الأزقة وتعلو أصوات الباعة في الصباح وتخفت بحلول الليل، كان هناك ذلك المصنع الصغير لتصنيع الشمع في الطابق الأرضي من عقار قديم في شبرا الخيمة. لم يكن المصنع قانونيًا، لكنه كان ملاذًا لأربعة نساءٍ يبحثن عن لقمة عيشٍ صعبة، وطفل صغير، وزوجة شابة تساند زوجها في هذه الحياة القاسية.
«آدم.. آدم جوه»
في ذلك الصباح، خرجت «فوزية» من شقتها في الطابق الثاني تحمل طعامًا بسيطًا لزوجها وابنها «آدم»، الذي أصرّ أن يساعد والدته في العمل رغم سنواته ال11. كان اليوم يبدو عاديًا، كأي يومٍ آخر، حيث تنساب حرارة الشمع المذاب في القوالب، تصحبه رائحة كيميائية خانقة اعتادها الجميع.
لكن الحياة أحيانًا تتبدل في غمضة عين. اشتعلت شرارة صغيرة من ماس كهربائي، لتلتهم النيران كل ما في طريقها، لم يترك الشمع المُذاب، الذي كان مصدر رزقهم، فرصة للهرب؛ بل صار وقودًا يعزز من جحيم المكان.
تحول صراخ النساء إلى سيمفونية من الألم والخوف، بينما امتدت النيران من الطابق الأرضي إلى الأعلى، حاول الجيران التدخل، لكن اللهب كان أسرع من الأيدي، والدخان الخانق كان يحكم قبضته على الأنفاس، سمع الجميع صراخ «فوزية»، بأعلى صوتها: «آدم… آدم جوه!»، لكنها لم تخرج قط.
«راحوا في لحظة واحدة»
حين هدأت النيران أخيرًا، حمل رجال الإطفاء 7 جثث متفحمة إلى سيارات الإسعاف. كان الطفل الصغير ووالدته من بين الضحايا، ومعهما 3 نساء أخريات، تركن وراءهن قصصًا لم تُكتَب، وحياةً لم تكتمل.
في المشرحة، كان المشهد أشد قسوة، الجثث وُضعت في ثلاجة حفظ الموتى، ملفوفة بملاءات بيضاء، تروي حكايات الألم التي لم تفارق وجوههن حتى في الموت، وقف الزوج، الذي فقد كل شيء، أمام باب المشرحة، لا يقوى على الكلام، ولا على البكاء، كان الحزن يلفه كعباءة ثقيلة، بينما كانت كلمات الجيران تتكرر حوله: «راحوا في لحظة واحدة… لا حول ولا قوة إلا بالله».
وفي الحي، باتت رائحة الحريق تخيم على المكان كأنها تأبى الرحيل، شاهدةً على مأساة لا يمكن نسيانها. في ذلك المكان، لن تُنسى ضحكات الطفل «آدم»، ولا وجوه النساء اللواتي كافحن من أجل الحياة، حتى قضين فيها.
استدعاء مالك الورشة
كانت تلك الليلة درامية حد الألم، ليلة ذاب فيها الشمع، لكنه لم يضيء. بل ترك وراءه ظلامًا في قلوب الجميع.. حين انطفأت النيران وسكنت الصرخات، بدأ المشهد يتكشف أمام العيون المذهولة، لكن الألم لم ينتهِ. وصلت النيابة العامة إلى موقع الحادث مع عناصر المعمل الجنائي، كان الحادث أكبر من مجرد حريق.
أشارت النيابة العامة في تقريرها الأولي إلى أن الحريق نشب بسبب ماس كهربائي في ورشة لتصنيع الشمع، تعمل دون ترخيص في الطابق الأرضي من العقار. النيران لم تجد ما يمنعها من الانتشار؛ فقد كانت المواد المستخدمة في تصنيع الشمع وقودًا مثاليًا لتغذية الكارثة، امتدت النيران إلى الطابق الثاني، حيث تقيم بعض العائلات، لكن الجحيم الأكبر كان في قلب الورشة.
أمر فريق النيابة بنقل الجثث ال7 إلى مشرحة مستشفى ناصر العام لتحديد أسباب الوفاة، وتبين أن معظم الضحايا لقوا مصرعهم نتيجة الاختناق بالدخان الكثيف، قبل أن تصل النيران إلى أجسادهم. أصدرت النيابة قرارًا باستدعاء صاحب الورشة، الذي كان خارج المكان أثناء الحريق، للتحقيق في أسباب عمل الورشة دون ترخيص.
أعلن محافظ القليوبية حالة الطوارئ فور وقوع الحادث. وأكد مصدر مسؤول على اتخاذ إجراءات صارمة ضد كافة الورش غير المرخصة التي تشكل خطرًا على الأرواح.
في الساعات التالية، لم يكن الحي كما كان، كل زاوية فيه حملت ذكرى عن الضحايا ال7، الجيران تحدثوا عن «فوزية» التي كانت دائمًا ما تضحك رغم صعوبة الحياة، وعن «آدم» الطفل الذي كان يحلم بأن يصبح طبيبًا يومًا ما. أما النساء ال3، فكانت كل واحدة منهن رمزًا للصبر والكفاح، يخرجن من بيوتهن مع شروق الشمس ليعدن بشيء قليل يكفي بالكاد لإعالة أسرهن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.