«صبحية» خرجت مع ابنتيها.. عادت بواحدة وفقدت الثانية بحادث معدية أبو غالب: «هاتوهالي عشان أدفنها»

«طالعين ناكل عيش على باب الله».. حال صبحية صلاح على، الأم لفتاة تُدعى سماح، وأخرى اسمها «سلمى». تؤكد أن ثلاثتهن خرجن لكسب قوت يومهن، للعمل بمخزن تغليف فاكهة «العنب» فى منطقة أبوغالب بمنشأة القناطر بالجيزة، فقبل أسبوع تسلمن عملهن بمقابل 140 جنيهًا فى الوردية، وسرعان ما تبددت فرحة الأم بما يتقاضونه حال وجود «شيفت» إضافى، جعل ابنتها الشابة ضمن المفقودين فى حادث سقوط «ميكروباص» من أعلى «معدية أبوغالب».
هأقعد مكانك عشان متنزليش
منذ خروج «صبحية»، 49 عامًا، وابنتها «سماح» من مياه نهر النيل، وهما تناديان على «ضلعهما الثالث» «سلمى»، فالأم تبدى حزنها جراء الحادث، الذى تذكره بتفاصيله كونها أحد أطرافه وشهوده، فتحكى ل«المصرى اليوم»: «ركبت الميكروباص وقعدت جنب السواق (محمد)، وكان جنب منى عيالى، وكنا مضايقين من قعدتنا، وفجأة السواق توقف بالسيارة على المعدية، ولما طليت أشوف فيه إيه، لقيت تصرف غريب من شاب شد حجاب بنت كانت راكبة معانا وضربها، وهنا السواق لما شاف إن الواد كان بيتحرش بيها قال هينزله».
السيدة الأربعينية، استفزها موقف الشاب المتحرش، وتحديه لسائق «الميكروباص» وقوله له: «شوف مين اللى هيحاميلك، أنت بتدافع عن شوية ولايا»، وكان ذلك ردًا على عتابه إياه: «مش عندك إخوات بنات»، تروى «صبحية» أنها تحدت المعتدى على الفتاة وقالت له: «طيب أنا اللى هنزل لك من العربية، وهوريك»، إلا أنّ ابنتها «سلمى» تدخلت ومنعتها وقالت لها: «هأقعد مكانك عشان متنزليش».
جرت أمام عينيها مشاهد الموت المروعة
لم تمر ثوانِ، حتى وقع «الكابوس»، تقول «صبحية»، إنّ سائق «الميكروباص» شد مفاتيح العربية ونزل للشاب الذى تشاجر معه، واشتبكا بالأيدى وتدخل آخرون لنصرته، وفى تلك الأثناء سقطت السيارة بمياه النيل، إذ كانت المعدية تقترب من قرية أبوغالب حيث مرساها ومع «خبطها» فى الشاطئ، وارتجاج العربية، جرت أمام عينيها مشاهد الموت المروعة.
سقطت «سلمى» فى المياه من الشبّاك، حيث جلست مكان الأم، وكانت آخر كلماتها نطق الشهادتين، والدتها لا تبارح ذاكرتها ذلك المشهد أبدًا، حكت تفاصيله بالدموع: «كنا بنترمى فى المياه، ولم أدرِ بنفسى إلا بخروجى على الشاطئ لما أنقذنى الأهالى، وبقيت أشاور لهم على بنتى الكبيرة وأقول لهم: (دى هنا) ومحدش عرف يجيبها والنيل جرفها لبعيد، فيما بنتى (سماح) نجت من الموت معى».
عايزاها لو متحللة
لاتزال أصداء صراخ «سلمى» أثناء صراعها مع الموت، فى أذن أمها التى تقول إنّ ابنتها كانت «بتنادى علينا من جوه الميه، وصاحبتها (جنى) ماتت قدام عينيا، والناس طلعوا جثتها»، تبدى حزنها: «بنتى مش لقياها، ودى فدتنى بروحها لما قعدت مكانى جنب الشبّاك، يا ريتنى كنت أنا اللى روحت مكانها، وكانت نجت زى أختها».
شقيقة «سلمى» لا تكف عن البكاء، بانهيار «عايزه أختى.. هاتولى أختى»، ترددها فى سرايا النيابة العامة، فيما ترثى الأم حالها بعد عثورهن على عمل بأجر مجزٍ، فتحولت فرحتهن إلى مأساة، مطالبة بسرعة انتشال جثمان الابنة المفقودة «عايزاها لو متحللة، بس أدفنها».