عمليات قيصرية «بدون مخدر».. حوامل غزة «يلدن ألمًا» (تقرير)

في محاولة لكسر عتمة الغرفة المظلمة، ترقد ريم عباس أعلى سرير «على ضوء كشاف هاتفها المحمول»، مرددة بعض الآيات القرآنية، لا تتوقف عن البكاء لحظة، تربت على كتفها الممرضة قائلة «الله معنا»، بينما يقترب منها طبيب النساء والولادة ناصحا بأن تغمض عينيها وأن تحصل على نفس عميق، ويُخبرها بأن إجراء العملية القيصرية في الحالات الطبيعية لا يتجاوز ال 30 دقيقة، إلا أنها قد تتخطى الساعة في حالتها لأنه ستُجرى دون استخدام أي مخدر .
يبدأ الطبيب مهمته في إجراء جراحة قيصرية دون مخدر لغياب المستلزمات الطبية عن مستشفى، وسط صرخات الفتاة العشرينية التي تحاول كتم آلامها غير المحتملة لأى بشر .
آلام لا يتحملها بشر
«الولادة المبكرة دون مخدر أو الإجهاض».. لم يكن أمام فدوى أحمد بديل ثالث للاحتفاظ بجنينها، ووصفت ل «المصرى اليوم» أن آلام ولادتها لا يضاهى ألم فقد زوجها وأسرتها بالكامل في غارة إسرائيلية .
أصيبت فدوى بالتهاب ونزيف داخلى، بسبب غياب التعقيم أثناء إجراء العملية الجراحية لها، ونقص العلاج اللازم بعد الولادة، الأمر الذي تسبب لها في مزيد من آلام ما بعد الولادة وعدم القدرة على رعاية رضيعها .
وقالت: «راحت الدار في غارة جوية استهدفت معظم المنازل في حى دير البلح، لا توجد سوى المخيمات وهى بيئة غير آمنة أيضا على رضيعى، ولا أستطيع النزوح إلى الجنوب، فأنا حتى الآن لا أستطيع الحركة جيدا وأخشى من الموت على طفلى أثناء الرحلة جنوبا» .
دارين رزق سيدة ثلاثينية كانت حاملًا في شهرها التاسع، حرصت على الاحتفاظ بالأشعة التلفزيونية لجنينها طوال شهور الحمل، إلا أنها لم تعلم أنها ستفقده في لحظات معدودة عندما استهدفت غارة إسرائيلية منزلها، وفقدت الوعى واستيقظت على ألم غير محتمل وصوت الأطباء في مستشفى الشفاء يخبرونها بأنها فقدت جنينها أثناء إجراء عملية قيصرية لها .
كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان، عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، أن العمليات القيصرية للنساء في غزة تُجرى دون تخدير.
وقال الصندوق: «النساء الحوامل في غزة يخضعن لعمليات قيصرية قسرية دون تخدير وهو ما يشكل خطرا على حياتهن. لقد حان الوقت لوقف إطلاق النار، وضمان وصولهن إلى خدمات الأمومة السليمة».
وفي تقرير سابق، أشار صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) إلى أنه من بين سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، هناك واحدة من كل أربع نساء وفتيات في سن الإنجاب، وهن بحاجة إلى الوصول بشكل عاجل إلى إمدادات وخدمات الصحة الإنجابية.
طبيب نساء وولادة: وضع كارثى
ومن جانبه، ناشد الدكتور أحمد جبريل طبيب نساء وولادة بقطاع غزة بإرسال المستلزمات الطبية لقسم الولادة، الذي يعتبر الأكثر خطورة، لأنه قسم حساس وله طبيعة خاصة، حيث تتم ولادة روح جديدة وإنقاذ حياة أم، لافتا ل «المصرى اليوم» إلى أنه إذا استمر هذا الوضع كثيرا فنحن نقف أمام كارثة كبيرة .
وتابع جبريل: «تعيش حوامل غزة مأساة حقيقية، فحياتهن معرضة للخطر، ويتم إجراء ولادات قيصرية لهن في بيئة غير آمنة، ويتعرضن للموت، ليس من الرعب وإنما من المضاعفات الشديدة التي قد تؤدى إلى الموت» .
وأوضح جبريل أنه توجد 50 ألف حامل في قطاع غزة، من المفترض أن تلد منهن 5500 سيدة خلال شهر نوفمبر، وتتم الولادة بشكل سريع وغير مهنى وقد يتم على مدخل الطوارئ .
وأكد جبريل أنه في ظل غياب التعقيم وغياب الفريق المهنى لانشغالهم بالضحايا والعمليات الجراحية الأخرى، تزيد فرص الوفاة للحوامل، وبالفعل فقدنا 3 سيدات حوامل بسبب نقص المستلزمات الطبية وغياب البيئة الآمنة لهن.
واستطرد: «ارتفعت نسبة الولادة المبكرة ولا تستطيع توفير الحضانة المناسبة لاستقبال المواليد، مما يعرض حياتهم للخطر، إما الولادة المبكرة أو الإجهاض الذي ارتفع بنسبة 3٪؜ منذ بداية الحرب على غزة» .
اقرأ أيضا :«رُضّع غزة».. «مدفعية الاحتلال الإسرائيلي» تفطر قلوب الأمهات (تقرير)