لم يكن القلق من احتمال حدوث نزوح جماعى من قطاع غزة إلى مصر وتصفية القضية الفلسطينية خلال الأيام الماضية من فراغ، كما لم تكن تلميحات المسؤولين الإسرائيليين عن نقل الفلسطينيين مجرد بالون اختبار، إذ كشفت وثيقة نشرتها وكالة أسوشيتدبرس، عن أن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية صاغت اقتراحًا، لنقل سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وإعادة توطينهم هناك بشكل دائم. وعلى الرغم من أن الوكالة أوضحت أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قلل من شأن الوثيقة التى أعدتها وزارة الاستخبارات ووصفها بأنها مجرد تمرين افتراضى «ورقة مفاهيمية»، إلا أن استنتاجاته كشفت عن رغبة إسرائيل فى تحويل غزة إلى مشكلة مصرية، كما أحيت لدى الفلسطينيين ذكريات الصدمة الكبرى التى تعرضوا لها خلال النكبة عام 1948، والتى تسببت فى اقتلاع مئات الآلاف من الأشخاص الذين فروا أو أجبروا على ترك منازلهم. «سالم»: «مخطط إسرائيل واضح منذ البداية» علق اللواء أركان حرب متقاعد نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق، على تقرير الوكالة قائلًا: إن مخطط إسرائيل لتهجير الفلسطنيين واضح منذ البداية وهو ما أعلنه المسؤولون الإسرائيليون فى وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية. وأضاف «سالم»، فى تصريحات ل«المصرى اليوم»، أن «قرار مصر بشأن هذا المخطط معروف من زمان فلن تكون سيناء جزءًا من الحل، وحل النزاع الفلسطينى الإسرائيلى لن يتم إلا بحل الدولتين على الأرض الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدسالشرقية، أما أى مخطط آخر فهو مجرد خرافات ونوع من بالونات الاختبار التى تطلقها الحكومة الإسرائيلية، ولا يوجد لها أى اعتبار على أرض الواقع». كما قال نبيل أبوردينة، المتحدث باسم الرئيس الفلسطينى محمود عباس، تعليقًا على تقرير الوكالة: «نحن ضد نقل الفلسطينيين إلى أى مكان وبأى شكل من الأشكال، ونعتبر هذا الأمر خطًا أحمر لن نسمح بتجاوزه، وما حدث عام 1948 لن يسمح له أن يحدث مرة أخرى»، مؤكدًا أن النزوح الجماعى سيكون بمثابة إعلان حرب جديدة. الخطة تهدف إلى الحفاظ على الأمن الإسرائيلى على حساب الفلسطينيين وكشف التقرير عن أن الوثيقة تحمل تاريخ 13 أكتوبر 2023، أى بعد 6 أيام من تنفيذ عملية طوفان الأقصى فى مستوطنات غلاف غزة، وبدء إسرائيل فى قصف قطاع غزة بلا هوادة بغارات جوية أحدثت دمارًا غير مسبوق. وعرضت وزارة الاستخبارات فى تقريرها – وهى وزارة صغيرة تجرى أبحاثا ولكنها لا تضع السياسات – ثلاثة بدائل: إعادة السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية إلى السلطة فى غزة، أو دعم النظام المحلى، أو تهجير السكان إلى سيناء «لإحداث تغيير كبير فى الواقع المدنى فى قطاع غزة فى ضوء الهجوم غير المسبوق الذى قامت به حماس»، ويرى مؤلفو الوثيقة أن البديل الأخير هو الأكثر مرغوبية لأمن إسرائيل. إعادة توطين اللاجئين الفلسطينيين فى سيناء وتقترح الوثيقة نقل سكان غزة إلى مدن الخيام فى شمال سيناء، ثم بناء مدن دائمة وممر إنسانى غير محدد، على أن يتم إنشاء منطقة أمنية داخل إسرائيل لمنع النازحين الفلسطينيين من العودة إلى القطاع مجددًا، ولم يذكر التقرير ما الذى سيحدث لغزة بمجرد إخلاء سكانها. كما تحدثت الوثيقة عن إمكانية دعم مصر وتركيا وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للخطة إما ماليًّا، أو من خلال استقبال سكان غزة المهجرين كلاجئين وعلى المدى الطويل كمواطنين، كما أضافت الوثيقة أن ممارسات الهجرة «المتساهلة» فى كندا تجعلها أيضًا هدفًا محتملًا لإعادة التوطين. مصر ترفض تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية ورفضت الحكومة المصرية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أو تصفية القضية الفلسطينية على حساب سيناء، حيث قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إن التدفق الجماعى للاجئين من غزة سيقضى على القضية الوطنية الفلسطينية. وأضاف «السيسى» أن ذلك سيخاطر أيضًا بجلب المسلحين إلى سيناء، عبر شن هجمات على إسرائيل، والذى من شأنه أن يعرض معاهدة السلام الموقعة بين البلدين عام 1979 للخطر.
