«هربنا من كارثة جاءت لنا مصيبة».. أسرة سودانية يفجعها مقتل طفليها على يد جدتهما في الطالبية

مع ويلات الحرب في السودان، نزح «حسن» مع أفراد أسرته ووالدته إلى القاهرة وأقاموا بشقة مستأجرة في الطالبية ب الجيزة، لم تكد روحهم تهدأ من الصراعات الدموية حتى فزعوا على إنهاء الجدة حياة حفيديها خنقًا ب«البطانية».
والد المجنى عليهما، متحسرًا، يروى أن أمه مريضة نفسيًا ولا تدرى بتصرفاتها جراء هول ما رأته من اقتتال: «هربنا من موت لموت، ومن جحيم لنار»، فيما قررت النيابة العامة حبسها احتياطيًا وطلبت نقل جثة الصغيرين إلى مشرحة زينهم للتشريح قبل الدفن، والوقوف على سبب الوفاة.
جدة الطفلين متهمة بخنقهما إثر بكائهما المستمر
في ساعة مبكرة، نزلت «سارة» طبيبة، أم الطفلين «هناء»، 3 سنوات، و«الصادق»، 3 أشهر، تشترى احتياجاتها وتركت الصغيرين مع جدتهما «إقبال»، وبعودتها إلى المنزل وجدت طفليها «قاطعين النفس» حركتهما يمينًا ويسارًا دون جدوى، غير مصدقة ما رأت، هاتفت زوجها «حسن»، تاجر، الذي كان مسافرًا إلى الإسكندرية تخبره: «تعالى شوف المصيبة اللى أنا فيها، عيالك ماتوا».
والد الطفلين يصل، يطالع نجليه المسجيين أمامه على السرير، بادئ الأمر يُحضر طبيبًا يؤكد «دول ميتين بقالهم كذا ساعة»، يتصل الأب على أحد جيرانه: «تعالى عيالى لقيناهم ميتين منعرفش ليه»، حينها زوجته روت له أن «هناء» و«الصادق» كانا نائمين مع جدتهما بحجرة واحدة، وعثرت على صغيرهما والبطانية على وجهيهما.
أجهزة الأمن حضرت إلى مكان الواقعة للتحقيق، وسط انتشار روايات عدة بين الأهالى من كون أن الطفلين تناولا لبنًا فاسدًا عن طريق الجدة، لكن التحريات الأوليّة توصلت إلى أن جدة الطفلين متهمة بخنقهما إثر بكائهما المستمر منذ لحظة نزول الأم إلى الشارع.
عيالى راحوا وأمى هتدخل السجن
«حسين»، مالك العقار محل الجريمة، أبلغ الشرطة بالاشتباه جنائيًا في وفاة الطفلين، وروى ما ردده والدهما أمامه، «العيال خدوا لبن فاسد وماتوا»، وبوصول الأمن إلى مكان البلاغ كانت الجدة تعترف بأنها وضعت الوسادة عليهما وفوقها البطانية، ولم تقصد قتلهما إنما إسكات صراخهما المتواصل.
مقدم البلاغ قدم صورة عن حياة أسرة الطفلين، موضحًا أنهم حضروا للسكن قبل 4 أشهر ورب الأسرة يتمتع بسيرة طيبة، بالوقت ذاته شكا عدد من الجيران تصرفات الجدة «دى بتحدف علينا قاذورات من غير سبب».
بذهول يكسو وجه الأب، قال: «عيالى راحوا وأمى هتدخل السجن»، وقف أمام وكيل النائب العام يشير إلى أن والدته مريضة نفسيًا وغير مسؤولة عن أفعالها، ودموعه تسبق كلامه «شافت الموت بعنيها مرة واتنين في بلادنا، الهلع اللى أصابها جعلها لا تدرى ماذا تقول ولا ماذا تفعل مع من حولها».
الحسرة علت وجه والدة الصغيرين: «غلطانة إنى سبتهم ونزلت»، تلوم نفسها، لكنها تشير إلى: «دائمًا بسيبهم مع حماتى وأروح أجيب حاجاتى ولا مرة ضربتهم ولا أذتهم».
هربنا من كارثة جاءت لنا مصيبة
النيابة قررت نقل الجثمانين إلى مشرحة زينهم، وأمهما تصرخ: «خلاص ماتوا.. عيالى هشوفهم متقطعين كمان».. فيما لم يتمالك الأب نفسه: «هربنا من كارثة جاءت لنا مصيبة».
محامى المتهمة محمود أبوالوفا دفع أمام النيابة بأن موكلته مريضة، مطالبًا بعرضها على مستشفى الأمراض النفسية والعصبية للتأكد من سلامة قواها العقلية، مشيرًا إلى أن العجوز كانت نائمة جوار حفيديها ووضعت وسادة على أنفاسهما دون أن تدرى وليست هناك شبهة جنائية حول الواقعة.
مندوب عن سفارة السودان في القاهرة حضر التحقيقات، فيما قررت النيابة حبس الجدة 4 أيام، ووجهت لها مبدئيًا اتهامًا بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وطلبت تحريات تكميلية لأجهزة الأمن حول الواقعة وظروفها وملابساتها.