حكايات الرعب في حريق مديرية أمن الإسماعيلية: السماء اكتست بالسواد.. وعاملون حاولوا القفز

فيما بدا الحزن واضحًا على وجوههم، بدل العاملون بمبنى مديرية أمن الإسماعيلية ملابسهم بأخرى بعدما امتلأت بروائح الأدخنة، تبكى عيونهم وترتعد قلوبهم خوفًا وهلعًا، لا يعلمون مصير زملاء لهم، ولا يزالون يبحثون عنهم، مؤكدين أنهم استيقظوا على نيران وصفوها بأنها «ولا يوم القيامة»، بعدما اكتست السماء بالسواد.
عشرات السيارات في محيط مديرية أمن الإسماعيلية
على الأرصفة الملاصقة لمبنى مديرية الأمن، تستمع إلى حكايات الرعب من عاملين بالمبنى، وكيف أن الله كتب لهم عمرًا جديدًا، لا يصدقون حتى الآن، أنهم أحياء، حتى إن بعضهم لشدة الصدمة فقد النطق للحظات.
كانت الساعة الثالثة والثلث فجر الاثنين، حين شاهد «أ»- النيران تندلع من الطابق السادس ومنه تمتد إلى العلوية حتى عم الحريق المبنى بأكمله، يقول الكل كان نائمًا بعد انتهائه من العمل، والفزع جعل من بالمكان يهرول بشكل عشوائى نزولًا إلى الطابق الأرضى، وكأننا لا نستوعب ما حدث. كانت أصوات تشبه دوى الانفجارات تٌسمع وتفزع الشباب فيجرون أكثر فأكثر.
العشرات من سيارات الإطفاء، حضرت بمحيط المبنى في لمح البصر، وفق شاهد العيان، وأحد الناجين، يتحفظ على ذكر هويته: في البداية مع الإطفاء كانت النيران تزداد لهيبًا والأدخنة تحجب الرؤية.
أهالي يبحثون عن ذويهم في المستشفيات
لم يستوعب الشاب العشرينى وغيره من زملائه، أن هناك مصابين سوى بتوقف سيارات الإسعاف بجوار المبنى، ونزول المسعفين منها إلى الداخل يحملون عاملين مصابين باختناق، يحكى أن هناك حالات قٌدمت لها الإسعافات الأولية بالمكان وتماثلت للشفاء، بينما أخرى نٌقلوا إلى المستشفيات لاستنشاقهم كميات كبيرة من الأدخنة.
الشاب شاهد بعض العاملين حاولوا القفز من المبنى، لكن تم إنقاذهم ومنعهم من ذلك خشية على حياتهم، ولم ير حالات أصيبت باحتراق سوى لشخصين.
المسعفون يعودون من جديد إلى مديرية الأمن، يواصلون عملهم يشرحون لعدد من الأهالى أن الإصابات ليست مقلقة وجميعها اختناق وقليل به كدمات إثر تدافع لكنهم بخير، وما أثار القلق حقًا، كان بحث أهالى عن ذويهم في المستشفيات وعدم العثور عليهم حتى الآن، ليعودوا إلى محل عملهم بالمديرية، ومع تكرار الإجابات بعدم الاستدلال عليهم يزداد قلقهم وبكاؤهم.
حالة استعداد قصوى أعلنتها وزارة الصحة والسكان في مستشفيات الإسماعيلية، منها: المجمع الطبي، والتأمين الصحى، والإسماعيلية العام، فيما أفاد مسؤولون بها بأن الحالات التي استقبلوها مستقرة.
وزير الداخلية، اللواء محمود توفيق، زار مصابى الحادث وعددهم 26 بينهم حالتى حروق وفق بيان ل«الصحة»، وأثنى أقارب المصابين على الرعاية الصحية المقدمة لذوويهم.
مصابين يكشفون تفاصيل حريق مديرية أمن الإسماعيلية
اللواء شريف فهمى، محافظ الإسماعيلية، زار المصابين وقال ل«المصرى اليوم»، إن حالاتهم مستقرة، موضحًا إن الإصابات تنوعت ما بين حالات اختناق وحروق وأغلب الحالات البسيطة غادرت المستشفيات.
والد أحد المصابين، قال ل«المصرى اليوم»، إنه تلقى اتصالًا من أحد زملاء ابنه ليخبره بالحادث، وحين زاره في المستشفى أكد له أنه حتى اللحظة في حالة صدمة ولم يستوعب ما جرى له ولزملائه.
الأب يضيف: «حالة ابنى الصحية كويسة، وشوفت جنبه أصحابه ولم يصابوا بمكروه بحروق بعموم أجسادهم كما تداول البعض».
عودة الحياة لطبيعتها
وروى مٌصاب، رفض نشر اسمه، أنه كان مستيقظًا قبيل الحريق يستعد لأداء صلاة الفجر، ومع رؤيته للنيران تندلع من الطوابق العليا أبلغ مرؤوسيه لإنقاذ من في المبنى بأكلمه، وبالفعل كانت التوجيهات بإخلاء المكان فورًا حيث كانت الخسائر بسيطة فيما يخص المصابين.
بالعودة إلى أصحاب المحال التجارية وشهود العيان بمحيط شارعى السلطان حسين ومحمد على، قالوا إن النار أصابت بعض السكان باختناقات، مشيرًا إلى سرعة انتقال قوات الحماية المدنية للمكان واستغراق عمليات الإطفاء نحو 3 ساعات.
وانتظمت حركة العمل بالمنشآت الصحية والخدمية المجاورة لمديرية أمن الإسماعيلية، والتي واصلت عملها بشكل طبيعي، رغم الدمار الكبير الذي خلفه الحريق.