جيمس ستافريديس يكتب: الجيش الأمريكى يصبح أصغر حجمًا وأقل تكلفة وأكثر ذكاءً

يبدو أن وزارة الدفاع الأمريكية قررت تحويل ما كان يُنظر إليه سابقًا على أنه خيال علمى إلى حقيقة، إذ أعلنت نائبة وزير الدفاع كاثلين هيكس عن خطة لإنشاء الآلاف من الأنظمة ذاتية القيادة بدون طيار على مدى العامين المقبلين للتنافس مع الصين، والتى تتقدم علينا بالفعل.
وقالت هيكس إن البرنامج الذي يُطلق عليه اسم «Replicator» سيؤدى إلى «تعزيز التقدم في عملية التحول البطيئة للغاية للابتكار العسكرى الأمريكى، وذلك من خلال الاستفادة من منصات صغيرة ذكية متعددة وبتكلفة أقل».
وبالنظر إلى أن الصين تعمل على بناء قدراتها العسكرية من السفن والطائرات وأجهزة الاستشعار والصواريخ بمعدل من غير المرجح أن تضاهيه الولايات المتحدة، فإننا لا نحتاج إلى الإبداع فحسب، بل نحتاج إلى ابتكار أنواع مناسبة من الأنظمة ذات التقنيات العالية، إذ يمكننا جمع أسراب ضخمة من المركبات الصغيرة غير المأهولة بسرعة، وإرسالها إلى الميدان ودمجها في القتال، ونحن نرى القوات الأوكرانية تفعل ذلك بالفعل في ساحة المعركة اليوم.
وبشكل أكثر عمومية، فإن مفهوم برنامج «Replicator» هو شىء طالما دافع عنه العديد من المقاتلين، فهو يتمثل في التحول بعيدًا عن المنصات الضخمة والمكلفة مثل حاملات الطائرات، والطائرات الكبيرة، والأقمار الصناعية، نحو أنظمة أخف وزنًا وأرخص وأكثر ذكاءً.
ولكن كيف يمكن تنفيذ هذه المبادرة بسرعة لردع الصين عن تصرفاتها العدوانية في بحر الصين الجنوبى وتايوان؟
أولًا، يتعين علينا أن ندرك حجم الموارد المطلوبة، فالمبالغ اللازمة، والتى ربما تقدر بمليارات الدولارات، هي مجرد قطرة في بحر، مقارنة بالتمويل الموجه نحو الأسلحة الكبيرة والمكلفة في ميزانية الدفاع البالغة 850 مليار دولار.
ولكن هذا التحول لن يحدث بين عشية وضحاها، فلا يمكن القيام بذلك من خلال مفتاح تشغيل وإيقاف عملاق، بحيث نتوقف فجأة عن تمويل المنصات الكبيرة وضخ الموارد في برنامج «Replicator»، بل يمكن توجيه المدفوعات تدريجيًا نحو هذا البرنامج الجديد، بعيدًا عن الأنظمة القديمة.
وبنفس القدر من الأهمية، يحتاج رؤساء القيادات القتالية ال11 في البنتاجون إلى إيجاد طريقة للتعامل مع هذا التحول بسلاسة، حيث سيكون هناك العديد من المعارك العنيفة بين مؤيدى استخدام الأسلحة التقليدية وأولئك الإصلاحيين الذين يدفعون باتجاه استخدام «Replicator».
والخطوة الأهم هي دمج جهود القوات الخاصة والأسلحة السيبرانية وأسراب المركبات غير المأهولة مع عدد من المنصات التقليدية، ويفكر بعض كبار المسؤولين العسكريين في هذا الأمر كثيرًا بالفعل، ومنهم الجنرال ديف بيرجر، الذي تقاعد للتو من منصب قائد قوات مشاة البحرية، والأدميرال جون أكويلينو رئيس قيادة منطقة المحيطين الهندى والهادئ.
ولكن كيف سيعمل برنامج «Replicator» في ساحة المعركة؟، قد تكون الخطوة الأولى هي جمع سربين منفصلين من المركبات الصغيرة غير المأهولة، حيث ستركز المجموعة الأولى، التي يبلغ عددها عشرات الآلاف، على المراقبة والاستطلاع، وإرسال ملايين لا حصر لها من البيانات لتشكيل صورة استهداف دقيقة، ثم ستقوم المجموعة الثانية بتسليم ساحة المعركة إلى مئات أو آلاف المركبات الكبيرة بشكل كافٍ لاستيعاب حمولات المتفجرات، وستعمل إلى جانبهم طائرات بدون طيار تنفذ هجمات إلكترونية لإخفاء قواتنا بشكل فعَال بينما تقوم بتدمير القدرة القتالية للعدو.
ويمكن أن يكون هذا المفهوم مناسبًا للفضاء أيضًا، فبدلًا من الاعتماد على أقمار اتصالات ضخمة ومكلفة للغاية، فإنه قد يكون من المنطقى استخدام العديد من الأقمار الصناعية رخيصة الثمن التي ترتبط ببعضها البعض وبالمحطات الأرضية.
وأخيرًا، فإن الكثير من عمليات الاتصالات التي ستربط بين جميع الجوانب ستتم من خلال الذكاء الاصطناعى، فصحيح أن القدرة على التعامل مع مليارات البيانات المدخلة بشكل فورى، ثم مقارنة الحجم والشكل والموقع لكل عنصر على حدة، تبدو وكأنها خيال علمى، ولكن هذا المستقبل يبدو أقرب مما يتخيل معظم الناس، فبرنامج «Replicator» ليس خيالًا علميًا على الإطلاق.
* الجنرال المتقاعد بالبحرية الأمريكية وقائد عسكرى سابق
لحلف الناتو
نقلًا عن شبكة «بلومبرج» الأمريكية