وثائق بريطانية تكشف مخاوف إدارة بوش الابن من صعود الصين قبل عشرين عامًا

كشفت وثائق بريطانية، أُفرج عنها مؤخرًا، عن بعض ملامح توجهات الولايات المتحدة إزاء الصين خلال عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، والتى تعكس حجم اهتمام الولايات المتحدة وانشغالها بصعود الصين كقوة عالمية، قبل أكثر من عشرين عامًا، كما تكشف كذلك عن رؤية بريطانيا للدولة الآسيوية الصاعدة.
ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى»، أمس، تفاصيل بعض ما جاء في تلك الوثائق، إذ ذكرت أنه في فبراير 2001، كان رئيس الوزراء البريطانى السابق، تونى بلير، أول زعيم أجنبى، على الإطلاق، يزور واشنطن بعد تولى بوش الابن الرئاسة، ويتبين من مباحثات الزعيمين أن الصين كانت حينها أحد مباعث القلق لدى بوش.
وفى هذا الصدد، أشار جون سويرس، سكرتير رئيس الوزراء البريطانى السابق، تونى بلير، الشخصى الذي كتب النسخة البريطانية لمحضر مباحثات بوش وبلير، إلى أن الأول (بوش) لخص رؤيته للصين على النحو التالى: «ستكون الصين قوة عالمية كبرى في غضون 50 عامًا، وصاحبة أحد أكبر اقتصادات العالم، رغم عدم اتضاح طبيعة هذه القوة أو نوعها بعد»، وعلى هذا اتفق الزعيمان حينها على ضرورة التفكير في طريقة مناسبة لاحتواء «القوة الصينية».
ويقول «سويرس» إن بوش راهن على دور محتمل للهنود، وأعرب عن اعتقاده أنه «سيكون للهند دور متزايد، وخاصة في تحقيق توازن القوة مع الصين»، مبديًا «إعجابًا عظيمًا بشعبها وبصبره»، كما تطرقت مباحثات الطرفين إلى دور تايوان، التي تتمتع بتأييد قوى من الولايات المتحدة، في نزاع توقع كل من بوش وبلير حدوثه بين الصين وتايوان. كما تنبأ بوش بأن تعود تايوان مرة أخرى للاتحاد مع الصين، ولكن في الوقت المناسب.
ولم يمضِ سوى شهرين فقط على هذه المحادثات حتى تفجرت أول أزمة بين واشنطن وبكين، تحديدًا في إبريل عام 2001، حين وقع «حادث جزيرة هاينان»، نتيجة تحليق طائرة استطلاع استخباراتية تابعة للبحرية الأمريكية في المنطقة الاقتصادية الصينية في بحر الصين الجنوبى، فاعترضتها طائرتان مقاتلتان صينيتان، واحتجزت الصين طاقم الطائرة الأمريكية وحطامها، وإثر تلك الأزمة اشتعلت حرب إعلامية بين البلدين، إذ قالت بكين إن الولايات المتحدة اخترقت مجالها الجوى، فيما أصرت الأخيرة على أنها مارست حقها في التحليق في أجواء دولية.
وحسبما يتبين من الوثائق، أسدى «بلير» النصح لبوش بشأن التعامل مع الصينيين لتسوية تلك الأزمة، إذ كان شغل بوش الشاغل هو تسوية الأزمة واستعادة الطيارين الأمريكيين المحتجزين لدى الصين، قبل حلول عيد الفصح وقبل عودة الكونجرس إلى الانعقاد. ونقل بلير، عن بوش، حسبما ذكرت «بى بى سى»، «حرصه البالغ على إيجاد حل مقبول للجانبين، ما يسمح بعودة الطاقم إلى الولايات المتحدة بأسرع ما يمكن»، فيما قال بلير إن حديثه المطول مع بوش كشف له حجم الأهمية التي يوليها للعلاقات مع الصين.