استكمالاً لموضوعنا: «من يحاسب جمال مبارك؟».. باعتباره المسؤول الأول عن وضع السياسات.. «السياسات» التى خربت قطاع الزراعة، «ودمرت» الثروة الحيوانية، والداجنة، والسمكية.. فى «بلد» كان يشتهر بأنه سلة غذاء المنطقة منذ فجر التاريخ، ثم «مخزن» لغلال الرمان.. «بلد» استطاع جندى أمى، ألبانى اسمه «محمد على» باشا «1805/1847» أن يحدث به نهضة زراعية يتحدث عنها التاريخ، ومضى تاركا لنا ميراثاً من الذهب الأبيض.. نجح «الواد بلية» خلال خمس سنوات فى تدميره! وكان مفترضاً على أمين السياسات أن يتعلم ألف- باء فيما يخص أخطر وأهم قطاع فى مصر، وهو قطاع الزراعة الذى لا يعرف عنه شيئاً بحكم نشأته، حتى لا يقع ضحية لبيانات كاذبة، ومعلومات خاطئة. وألف- باء: كانت تقتضى: أولاً: وضع استراتيجية حتى 2020 تواكب الانفجار السكانى المؤكد «2 مليون مولود سنوياً، وقريباً 3-4 ملايين»، لأن نسبة الشباب أقل من 30 سنة هى 65٪ من عدد السكان- وهى أعلى نسبة فى العالم- وطبقاً لأبحاث منظمة «الفاو» للأغذية والزراعة فإن تعداد مصر عام 2060 هو 320 مليوناً.. ليصبح نصيب الفرد من الأرض المنزرعة هو «2متر مربع» ليأكل ويشرب، ويدفن فيها.. وبكل أسف انتهت خمس سنوات والبرنامج الانتخابى للرئيس لم يتحقق منه سوى 7٪ حسب تقرير جهاز التعبئة والإحصاء.. ولم نقرأ أو نسمع عن أى خطة أو استراتيجية لمواجهة هذا التحدى قبل أن نصبح خلال بضع سنوات «بلداً» يجمعون له التبرعات فى حفلات غنائية عالمية ونصبح «دارفور» أخرى! ثانياً: كان ينبغى على من يختار الوزراء أن يدقق، ويتحرى عن الشخص القادر على تطبيق هذه «الاستراتيجية»، ممن يحبون أو يهتمون أو يفهمون، أو حتى من دبلومى الزراعة.. «لديه فكرة» عن عالم الفلاحين والمزارعين والمربين والصيادين الملىء بالمشاكل والتعقيدات، وأيضاً بالأمل والإمكانيات.. بدلاً من «الاستعانة بصديق» يفتقد الرؤية، ومعدوم الإرادة! وبغياب الخطة وانعدام الهدف مع سوء الاختيار والعناد، وصلنا إلى ما نحن فيه.. من «دمار» جعل الفلاحين المستأجرين فى الدلتا يعجزون عن سداد القيمة الإيجارية بسبب «ارتفاع مستلزمات الإنتاج+ غش الأسمدة والمبيدات+ مضاعفة الأجور+++» فلماذا وجع القلب والصحيان عند الفجر، وفى النهاية وراء القضبان إذا اقترضوا من بنك الائتمان الزراعى! «هناك 26 ألف أسرة عوائلهم مهددون بالسجن، و650 مسجوناً لعجزهم عن سداد قروض أقل من خمسة آلاف جنيه». والسؤال الآن: بعد أن وقعت الفأس فى الرأس. من المسؤول عما جرى؟.. ومن يحاسبه؟.. وما الحل؟ والإجابة فى رأيى: أن أمين السياسات «جمال مبارك» هو المسؤول الأول عن «غياب الخطة» وتجب محاسبته على تجاهله هذا القطاع، وعدم متابعته، ومباركته للوزير عمال على بطال.. والمسؤول الثانى هو وزير الزراعة أمين أباظة، وكان عليه أخلاقياً أن يستقيل طالما أن هذه الوزارة ليست على هواه ومزاجه.. وأن يحاسب مرة أخرى على تسليمه «وزارة الزراعة» ليد «الطفل المعجزة بالوزارة» مع فرقة الموظفين التى حولتها إلى «خرابة»! وعن رئيس الحكومة النائم فى العسل، ومكبر دماغه، فتجب إقالته إذا كنا جادين أو خائفين على مستقبل البلد من ثورة الجياع. أما الحلول.. فما أسهلها لو أن هناك إرادة سياسية لإنقاذ مصر: أولاً: طبقاً لأبحاث د.فاروق الباز، ود.إبراهيم كامل.. وصور الأقمار الصناعية التى تثبت أن لدينا مخزوناً جوفياً+ حصتنا فى النيل+ الأمطار+ الصرف الزراعى+ توفير 10 مليارات بتطوير الرى فى الدلتا من غمر إلى تنقيط، ومنع تصدير البرسيم.. تكفى لزراعة 20 مليون فدان إضافية.. ونفترض أنها 10 ملايين فداناً فقط.. فالقطاع الخاص قادر على زراعة مليون فدان سنوياً «مصرى وعربى وأجنبى».. فما المطلوب من الدولة؟ 1 - تسهيل إجراءات تملك الأراضى الصحراوية فى خطوتين لا ثالث لهما: أولاً: «خريطة».. عليها المليون فدان المستهدفة زراعتها سنوياً «تلف وتدور» على الجهات المعنية «الرى- الجيش- الآثار- المناجم والمحاجر.. إلخ»، لتحصل على الموافقات ومن له اعتراض يضع دائرة ملونة على القطعة التى يريدها وبدلاً من طريقة «دوخينى يا لمونة» وتفادياً لبلدوزر الحكومى القراقوشى. 2 - تحديد سعر الفدان مقدماً.. ومن تثبت جديته نمنحه عقد الملكية فوراً وفوقه بوسه وشهادة تقدير- ومن يخالف نسحب منه الأرض مهما كان منصبه أو حيثيته. مليون فدان فى 5 آلاف جنيه متوسط السعر= 5 مليارات جنيه سنوياً هى الميزانية المطلوبة لوزارة زراعة وبحوث زراعية قادرة على القيام بدورها فى استنباط التقاوى والتحديث+ الإرشاد والتوعية+ التعاونيات+ دعم القمح لإضافة 1/2 مليون فدان سنوياً+ دعم زراعة القطن والبقوليات والنباتات الزيتية «حالياً ميزانية الوزارة 600 مليون- والبحوث الزراعية 26 مليوناً». ثانياً: التصنيع الزراعى.. ولدينا فيه كل المميزات والميزات النسبية، كما أنه «حتمية» للاكتفاء الذاتى خلال عشر سنوات، وبالتالى بزراعة مليون فدان سنوياً+ بالتصنيع الغذائى+ بفتح آفاق واسعة لقطاع الخدمات، والتوسع فى الصادرات سنخلق 2 مليون فرصة عمل سنوياً «تصدير طن فاصوليا يحتاج 35 عاملاً، وطن الفراولة 60 فرصة»! ثالثاً: زراعة 250 ألف فدان تبغ لصناعة الدخان بدلاً من استيراده لنوفر 2 مليار تكفى لانتشال كل فلاحى مصر الذين يملكون أقل من قيراطين ليعيشوا على خط الفقر وليس تحته، «وإذا كانت الحجة أن زراعته حرام، فهل استيراده حلال؟». رابعاً: دراسة التجربة المغربية فى الزراعة، التى حققت الاكتفاء الذاتى لل35 مليون نسمة، واحتلت 9٪ من مساحة السوق الأوروبية فى الصادرات الزراعية «مصر 0.6٪»، وأصبحت أكبر مصدر للأسماك المدخنة والمملحة، والمطبوخة، والمعلبة ب2 مليار يورو سنوياً! بلاش التجربة المغربية.. اقرأوا التجربة «الفاساوية» وكيف نجحت حكومة بوركينا فاسو فى تراكم 9 سنوات نمو بمتوسط 6.5٪ بفضل الطفرة الزراعية، بعد أن ارتفع إنتاج الحبوب من 1.5 مليون إلى 5 ملايين طن، وكيف أزاحت «مصر» لتتربع وحدها على قمة القارة الأفريقية فى إنتاج وتصدير القطن.. ليرتفع متوسط دخل الفرد «الفاساوى» من 375 دولاراً فى 99 إلى 1870 دولاراً الآن! ونستكمل. نقطة ضوء: وسط هذا السواد.. هناك «نموذج» فى قطاع الطيران- «وزير».. له رؤية «وفريق عمل».. على الفرازة، «وإنجازات».. تعطيك نفحة أمل وتجبرك على أن ترفع لهم القبعة.. ولهذا أكرر مطلبى باقتراض أحمد شفيق وزيراً للزراعة لمدة ثلاث سنوات، لإنقاذ المصريين من المجاعة، وإنقاذ النظام من ثورة الجياع! [email protected]