كتبت عن «التجربة الموزمبيقية» فى إجراءات تملك الأراضى الصحراوية. ثم كتبت عن «التجربة الفساوية» وكيف نجحت بوركينا فاسو فى أن تحتل المركز الأول بأفريقيا فى «تصدير القطن».. فوصلتنى رسالة من الحكومة الموزمبيقية على لسان «السفير المصرى حمدى صالح» لمقابلة كبار المسؤولين فى الحكومة وحتى الرئيس الموزمبيقى الساعين جداً لجذب أى مستثمر فاهم فى قطاع الزراعة والصادرات، ووجهوا لى الدعوة لمقابلتهم فى «دبى» بحضور البنك العربى الأفريقى الجاهز لتمويل أى مشروعات زراعية مدروسة الجدوى، والأرض «مجاناً» لمن يزرعها! وفى نفس الوقت فوجئت بمكالمة تليفونية من «وزير الزراعة البوركينى» السابق واسمه Salif Diallo، المولود فى 9 مايو 1957، خريج جامعة «أوجادوجو»، وكان من قياديى المظاهرات، وزعيم الطلبة فى الاعتصامات إلى أن تم اعتقاله.. ليهرب بعدها إلى السنغال، ويكمل دراسته العليا «بجامعة داكار».. ثم عاد لينضم إلى الحزب الشيوعى البوركينى، ويصبح سكرتيراً مساعداً لوزير العدل.. ولنبوغه يختاره الرئيس مديراً لمكتبه بالقصر الرئاسى.. وبعدها وزيراً لشؤون الرئاسة.. ثم وزيراً للعمل والتأمينات.. فوزيراً للبيئة وجودة الحياة.. ثم مستشاراً للرئيس لشؤون الإنتاج.. إلى أن أصبح وزيراً لأهم وأخطر وزارة وهى «وزارة الزراعة» فى يونيو 2002، عندما قرر رئيس الدولة أن تكون «الزراعة هى الحل» لكل مشاكل البطالة، والغذاء، والفقر.. وفى 6 سنوات استطاع هذا الوزير «أن يؤسس النهضة»، ويحقق الطفرة قبل أن يقع خلاف شهير بينه وبين الابن الأصغر لرئيس الجمهورية تسبب فى إقالته العام الماضى! واختاروا من بعده «وزيراً للزراعة» الحالى وهو Laurant Sedogo، لن تكفى المساحة لكتابة الC. V منذ حصوله على الPHD من هولندا فى «إدارة الموارد الطبيعية» بجانب الماجستير فى علوم الجغرافياً.. وخبراته السابقة عندما كان «وزيراً للتعاون الزراعى» مع الفلاحين، ثم وزيراً للبيئة وجودة الحياة، وقبلها 20 سنة خبرة فى الرى، والطاقة، وإدارة الموارد البشرية! ومن هنا نفهم «سر» نجاحهم، وتفوقهم بقطاع الزراعة، الذى يستوعب الآن 90٪ من القوى العاملة ليبقى 10٪ لقطاع الخدمات والصناعة!! سألته: عن رؤيته لقطاع الزراعة فى مصر. قال: مصر بما تملكه من كنوز، وثروات، وموارد، ومقومات، وميزات تحتاج إلى 3 وزراء للزراعة.. «واحد» للدلتا والوادى ومشاكل الفلاحين والتعاونيات وإدارة المياه المهدرة.. و«الثانى»: للأراضى الجديدة والمشروعات الكبرى.. و«الثالث» للثروة السمكية والحيوانية والداجنة.. لتصبح مصر «مزرعة الكون».. وسلة غذاء العالم فى ظرف عشر سنوات! أولاً خد منطقة سيناء: وهى تعادل مساحة بوركينا فاسو.. لتصبح «مخزن» زيت الزيتون بزراعة «500 مليون» شتلة على المياه الجوفية المالحة. فالزيت يجود كلما ارتفعت الملوحة بالمياه وحتى 10 آلاف جزء فى المليون.. وبعد أن تصبح «واحة الزيتون» ستقام مناطق صناعية لإنتاج الزيت، والمخلل، وعلف الحيوان، والأسمدة العضوية «الكومبوست» على مخلفات الصناعة والزراعة، بالإضافة للصناعات التكميلية، وسيتم التصدير مباشرة من البحر الأبيض لأوروبا، ومن الأحمر للخليج وشرق آسيا، وستستوعب 16 مليون نسمة بدلاً من أن تتركوها هكذا مطمعاً للغير! * هل تعلم أن سوريا انتهت من مشروعها القومى وزرعت 90 مليون شتلة زيتون ستؤهلها لأن تصبح من كبريات الدول المصدرة لزيت الزيتون وتكفى كل استهلاكها الداخلى من الزيوت؟ * وهل تعلم أن إيطاليا، وإسبانيا وهما أهم المنتجين لزيت الزيتون فى العالم، تتوقفان الآن عن الزراعات الجديدة بعد رفع الدعم الحكومى عن المزارعين هناك طبقاً لاتفاقيات الجات، والآن يذهبون إلى ليبيا، بعد أن فتح القذافى الباب على مصراعيه للاستثمار فى الزراعة؟ * وهل تعلم أن السوق العالمية تحتاج، ويزداد الطلب عليه سنوياً بنسبة 30 و40٪، بعد أن ثبت علمياً فوائده الصحية على الإنسان ولضيق «الحزام» الذى يمكن زراعة الزيتون فيه حول العالم؟ * وهل تعلم أن أول شجرة زيتون فى الحياة كانت بدير سانت كاترين بسيناء.. وأن هذه المنطقة هى قلب حزام الزيتون.. وهذا المشروع لن يكلف الدولة مليماً؟.. فقط يحتاج إلى «قرار» سياسى، وللتسهيل باتخاذ هذا القرار.. يمكن إيجار الأرض للأجانب بحق انتفاع ويبقى التمليك للمصريين فقط. ثانياً: منطقة العوينات: 300 ألف فدان.. هى المنطقة النموذجية للمراعى وتربية الحيوانات والأغنام لتقام حولها المجازر.. والثلاجات، وصناعة اللحوم ودبغ الجلود وصناعة الأحذية وغيرها من مصانع وورش لمستلزمات الإنتاج. ثالثاً: دلتا النيل: بعد أن ارتفع منسوب المياه الجوفية لتهدد المبانى، وتصيب التربة بكل الأمراض والحشائش الضارة، سيتم توزيع ماكينات رى أعماق لكل 20 فداناً والتكلفة 500 جنيه للفدان.. وبتغيير نظام الرى بالغمر إلى التنقيط والرش.. سنعالج مشكلة «التطبيل» ونوفر 12 مليار متر مكعب مياه قيمتها سنعرفها إذا علمنا أن إسرائيل لا تملك سوى 4 مليارات متر مكعب مياه شبه مالحة تكفى احتياجاتها، وتصدر ب18 مليار دولار سنوياً - بذوراً، وتقاوى، وشتلات وزهوراً، ووروداً، ولحوماً مصنعة إلخ! فما بالك ب12 مليار متر مكعب مياه نيلية حلوة وعذبة؟ ولضيق المساحة يبقى الحديث عن منطقة الصعيد.. وجنوب الوادى.. وحول بحيرة ناصر.. وتوشكى.. وعن الثروة السمكية، وباقى ثروات مصر المدفونة والمهدرة! [email protected]