اتفق الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التموين الأسبق، والدكتور أحمد جلال، وزير المالية الأسبق، على أن الاقتصاد المصرى يعانى اختلالات جوهرية، تتمثل في ارتفاع الدين ونقص العملة وضعف الإنتاجية وعجز الموازنة وفقدان الأولويات، وأن العوامل الخارجية الصعبة لا تنفى مسؤولية الداخل عن مشاكل الاقتصاد. واختلف الاثنان فيما يتعلق بروشتة الحل في جوانب متعددة، جاء ذلك خلال المناظرة الخامسة من نوعها التي جمعتهما، ليل السبت، في ندوة نظمتها اللجنة الثقافية بنادى السيارات، حيث قال جودة عبدالخالق إن هناك «أصناما» يجب تحطيمها، ومنها تحرير الاقتصاد، والذى تحول فعليا إلى تفكيك أوصال الاقتصاد المصرى، بحيث أصبح لدينا ما سماه أحد الباحثين الهيكل الإنتاجى المجوف. وقال جودة إنه من الصحيح أن مصر تتعرض إلى ضغوط إقليمية وإن هناك عوامل عالمية مؤثرة على الجميع بالسلب، مثل كورونا والحرب الروسية- الأوكرانية وارتباكات سلاسل الإمداد، لكن تبقى المشكلة أن العيش ليس في يد خبازه في بلادنا، وأن القائمين على السياسة الاقتصادية عجزوا عن تحويل النمط الحالى القائم على الاقتراض والاستهلاك إلى نمط يقوم على الاستثمار والإنتاج. وقال جودة إن الحياة المصرية تشهد فوازير محيرة يعجز أي اقتصادى عن تفسيرها، ومن ذلك مثلا لماذا يزيد الاستهلاك رغم الصيام في رمضان؟، ولماذا يختفى الأرز وترتفع أسعاره رغم وجود فائض في الإنتاج وما الذي تريده الدولة بإطلاق العنان لإنتاج وعرض المسلسلات التي تصب في زيادة الاستهلاك وخفض الإنتاج، وهناك فوازير أخرى متعلقة بالاعتماد الزائد على المبادرات بدلًا من السياسات الثابتة والتوسع بغير حساب في بعض المشاريع القومية وطلب جودة بتغيير قيادة الاقتصاد من السياحة والعقارات والخدمات إلى الصناعة والزراعة والمعلومات والاعتماد على الذات في مجال الأمن الغذائى. ومراجعة الإنفاق الحكومى وتشغيل المصانع المعطلة وفرض ضرائب تصاعدية ووضع سقف للدين العام ومحاربة الفساد بشكل حقيقى ووضع قيود على الواردات وعمل تشريعات تشجع الكفاءة والعدالة. من ناحيته قال أحمد جلال، في الندوة التي أدارها نبيل البشبيشى، إنه من المهم الإدراك أن أهداف السياسات الاقتصادية هي بالأساس تحقيق توازن اقتصادى كلى ونمو مرتفع وقدر معقول من العدالة الاجتماعية، مبينا أن كل واحدة من هذه الأهداف فيها جوانب كبيرة غير متحققة، فلدينا فجوة في الادخار والاستثمار وفجوة في الحساب الجارى وفجوة بين الإنقاق والموارد، ونحن نكرر الآن ما كان قد أدى بنا إلى تحرير العملة في 2016 مما سيدفعنا إلى دورة أخرى من دورات خفض العملة مستقبلا، داعيا إلى ضرورة احترام وحدة الموازنة وزيادة الإنتاجية لأنها تتراجع بشكل منتظم من 2010 حتى الآن، رغم أن لدينا معدل نمو معقول. واعتبر الدكتور أحمد جلال حياة كريمة وتكافل وكرامة على أهميتهما أنهما يحققان حماية اجتماعية وليس عدالة اجتماعية لأن العدالة أساسها تكافؤ الفرص وتمكين المواطنين من خلال تعليم وصحة جيدة والحكومة لا تعطى هذا الجهد المطلوب. وطالب جلال بضرورة أن يحسم البنك المركزى أمره ويحدد هدفه، وأخيرا أكد أنه لا مناص من إعادة النظر في دور الدولة في الاقتصاد والبدء في إصلاح سياسى حقيقى.
