صعوبة في التواصل ومُرهّبة من المجتمع.. كيف صُنفت متلازمة «أسبرجر» من أطياف التوحد ؟

تصنف فئة كبيرة من المجتمع كل شخص يفضل البقاء وحيدًا أو يعاني من صعوبة في التواصل مع الآخرين، بأنه يعاني من اضطراب التوحد، ولأن ثقافة الارتياد على الأطباء النفسيين في حالة وجود مشكلة واضحة على الأطفال غير متعارف عليها حتى الآن، يصبح جهل الناس بمصطلحات الأضطرابات النفسية شيء منطقي.
ويتحمل نتيجة هذا الجهل كل من يعاني من الاضطرابات سواء كانت معروفة أم لا، وأنا واحدة من هؤلاء الأشخاص الذين عانوا لفترة طويلة من متلازمة أسبرجر دون علم، بهذه العبارات وصفت ريهام 27 عامًا معاناتها منذ طفولتها بسبب متلازمة أسبرجر.
ما هي متلازمة أسبرجر؟
تصنف متلازمة أسبرجر على أنها أحد اضطرابات طيف التوحد، ولكنه يُصنف على أنه من الدرجة الأولى، لانخفاض حدة أعراضها، وللأداء العالي الذي يتميز به صغارها مقارنةً بباقي الاضطرابات التي يعاني منها المصابين به، وكانت تُشخص في الماضي كاضطراب منفصل بذاته، ولكنه ضم في عام 2013 من قبل الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية إلى طيف التوحد ولم يعد تشخيصًا منفردًا.
تبدأ الأصابة بمتلازمة أسبرجر في مراحل مبكرة من العمر تتراوح بين فترة الرضاعة وفترة الطفولة المبكرة، ولكن لا يسهل اكتشافها قبل سن البلوغ، وتعتبر متلازمة أسبرجر أكثر شيوعًا لدى الذكور عن الإناث، ويجد المصاب بمتلازمة أسبرجر صعوبة في التواصل الإجتماعي والتكيّف مع الحالات الشعورية المختلفة، ويتميّز بأنماط سلوكية غير شائعة أو استخدام لغة غير نمطية في الحديث.
ويعود السبب في هذا لأن متلازمة أسبرجر تولد الشعور الدائم ب القلق وصعوبة التواصل الإجتماعي رغم تميّز المصابين بها بالذكاء الشديد ودقة الملاحظة، فيكون جذابًا، وغامضًا، وهادئًا.
سمات التوحد تختلف عن متلازمة أسبرجر
بدأ الأمر مع ريهام عندما قام أحد اقربائها بأنها مصابة بالتوحد بسبب شعورها الدائم بالخوف من تكوين العلاقات الجديدة والرهبة من الحديث مع الغرباء، والتوتر في حالة تواجدها في الأماكن المزدحمة، وهو الأمر الذي لم تقتنع «ريهام» به لأنها لم تجد سمات التوحد فيها، «مكنتش بقتنع بكلامهم عشان عندي صحاب ورغاية معاهم جدًا، ولما قرأت عن التوحد اتأكدت أكتر أنه مش كلام صحيح.. بس كنت عارفة أن عندي مشكلة ولازم احلها».
ومن هذا المنطلق بحثت «ريهام» عن طبيب نفسي في محيط سكنها، لا تحتاج جلساته لمبالغ مهولة حتى تستطيع الذهاب له، لأنها لم تستطع اخبار أسرتها بأمر ذهابها لطبيب نفسي، فتقول: «محدش كان هيقتنع بإني محتاجة اروح لدكتور، وخصوصًا مع أرتفاع الأسعار هيشوفوا أنها رفاهية أحنا منقدرش عليها»، ولكنها لم تذهب للطبيب النفسي لفترة طويلة، إذ أنه اخبرها بأمر اصابتها بالمتلازمة، وحوّلها لاستشاري تخاطب متخصص في اضطرابات التواصل.
ما الفرق بين التوحد ومتلازمة أسبرجر؟
ينتمي التوحد ومتلازمة أسبرجر إلى الاضطرابات العصبية التي تؤثر على قدرة الشخص في التواصل والتفاعل مع الآخرين، ولكن ما يميز كلًا منهم هو مدى تطور المهارات اللغوية، والقدرة على الاستقلالية، ومن هذا المنطلق لم تعد متلازمة أسبرجر تصنف كحالة منفصلة، بل أصبحت تندرج تحت مصطلح أشمل هو اضطراب طيف التوحد.
يكمن الفرق بين التوحد والأسبرجر في الأداء العالي لأصحاب متلازمة أسبرجر مقارنة بأشكال التوحد الأخرى، ويظهر في النقاط التالية:
تقل حدة الأعراض لدى مصابي أسبرجر عن باقي أنواع التوحد.
يتمتع أصحاب هذه المتلازمة بمهارات لغوية عالية ولا يظهر عليهم تأخر لغوي.
يحتاج من يعانون من اضطراب أسبرجر إلى دعم أقل مقارنة بمصابي التوحد.
يتميز أصحاب متلازمة أسبرجر بمعدل ذكاء أعلى من الطبيعي.
لديهم قدر عالٍ من التفوق في بعض المجالات أو قدرة عالية على الحفظ، ولكن لا ينطبق ذلك على جميع مصابي أسبرجر
وعلى عكس المتوقع، في اللحظة التي اخبرت فيها «ريهام» أسرتها بأمر اصابتها بمتلازمة أسبرجر كانوا خير داعمين لها، وبدأت رحلتها مع استشاري التخاطب، «أهلي دعموني وقتها بشكل متوقعتوش، وحاليًا أنا بتحسن مع الجلسات»، ووجهت «ريهام» في ختام حديثها مع المصري اليوم نصيحة للأهالي بأن يتابعوا نشاط أطفالهم الإجتماعي منذ بداية تفاعلهم مع المجتمع، فهذا ما سيجعل فترة علاجهم أسهل.
ما هي أعراض متلازمة أسبرجر؟
تختلف أعراض أسبرجر ومدى شدتها من شخص لآخر، وغالبًا ما تظهر في عمر مبكر، فعادًة ما يتم تشخيص اضطراب طيف التوحد بين عمر 3 إلى 10 سنوات، تشمل أعراض متلازمة أسبرجر عند الأطفال والكبار من أهمها:
التركيز والاهتمام بشدة بشيء معين أو موضوع ما.
صعوبة النقاش مع الآخرين والتنقل بين المواضيع بسلاسة.
صعوبة في ضبط نبرة الصوت بالارتفاع والانخفاض بما يلائم الموقف.
صعوبة فهم مشاعر الآخرين أو تفسير لغة الجسد، وعدم إدراك الإيماءات أو فهم المزاح.
قلة تعبيرات الوجه وعدم التواصل البصري أثناء التحدث.
تفضيل الروتين، والانزعاج من أي تغييرات فيه ولو بسيطة.
القيام بحركات غير متناسقة.
الاكتشاف المبكر يساعد في العلاج
في هذا الصدد تقول علياء ياسين، استشاري التخاطب واضطرابات التواصل، بأن متلازمة أسبرجر هي أحد أطياف التوحد ولكن تصنيفه في الدرجة الأولى يُسهل علاجه، وأكدت «ياسين» على أهمية اكتشاف الأمر في البداية، لما له من مميزات في العلاج، أما عن طريقة تشخيص المتلازمة قالت «ياسين» أن تشخيصه لا يعتبر بالأمر السهل.
وذلك لتداخل أعراضه مع اضطرابات أخرى، مثل فرط الحركة وتشتت الانتباه، بالإضافة إلى ذلك لا يوجد لمتلازمة أسبرجر اختبار طبي محدد، بل يعتمد الطبيب على إجراء العديد من الاستبيانات والتقييمات، يعتمد تشخيص متلازمة أسبرجر على الفحص البدني وطرق النطق كعامل أساسي لتحديده
تشمل المجالات الرئيسية التي يبنى عليها تقييم متلازمة أسبرجر ما يلي:
المهارات اللغوية
التفاعل الاجتماعي ومدى الاهتمام بذلك
تعابير الوجه عند التحدث.
ردة الفعل تجاه التغيير.
المهارات الحركية والتنسيق
واختتمت حديثها مع المصري اليوم بأن الوضع العلمي للأجيال الحالية والقادمة أفضل بكثير من الماضي، فلم يعد الذهاب للأطباء النفسيين والمتخصصين بأمور التخاطب وصمة كما كانت، مما يجعل العلاج أسهل الآن.