احدى أنواع الاضطرابات التي تصيب الأطفال، وأطلق عليها أيضاً «متلازمة المشاهير»، نسبة لأنَّ كثيراً من المشاهير أصيبوا بها مثل، بيل جيتس، واينشتاين، واللاعب ليونيل ميسي، لكنَّها لم تؤثر في مسيرة حياتهم الناجحة. اكتشفها الطبيب هانز اسبرجر، وسميت باسمه. الدكتور هاني أبو الروص، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين ورئيس قسم الطب النفسي بمستشفى الصحة النفسيَّة، يعرفنا على متلازمة اسبرجر، وأعراضها وكيفيَّة التعامل مع الطفل المصاب بها. أوضح الدكتور هاني أنَّ متلازمة اسبرجر هي أحد أنواع اضطراب التوحد حسب تصنيف منظمة الصحة العالميَّة، وحسب تصنيف الدليل الإحصائي للاضطرابات النفسيَّة الأميركيَّة، لكن هذا المصطلح في طريقه للإلغاء وسيصبح مسمى هذه المتلازمة «اضطراب الطوائف التوحدي العالي الوظائف» كأحد أنواع طيف التوحد، فهي أخف أنواع اضطرابات التوحد ولا يوجد حتى الآن إثبات علمي بالخلل الوظيفي أو العضوي لهذه المتلازمة، وحاول العلماء الوصول إلى سبب هذه المتلازمة فتكونت العديد من النظريات في هذا السياق إحداها تشير إلى نقص كفاءة الفص الأمامي من المخ، والأخرى تشير إلى الطفرة الجينيَّة غير المعروفة، ويرجح غالبيَّة العلماء الجانب الوراثي. ويتميَّز الشخص المصاب بهذه المتلازمة عن المصاب بالتوحد التقليدي بأنَّه لا يُعاني من تأخر لغوي، كما أنَّ معدل الذكاء لديه في المستوى الطبيعي أو أعلى من المستوى الطبيعي، ويشترك مع اضطراب التوحد في أنَّ الشخص المصاب يعاني من ضعف التواصل وقلة المهارات الاجتماعيَّة، وبناء العلاقات والحفاظ عليها. الأعراض يبدأ ظهور علامات متلازمة اسبرجر على الطفل المصاب في سن الالتحاق بالمدرسة، أي في السادسة من العمر، وفي بعض الأحيان تظهر الأعراض بشكل خفيف منذ الصغر إلا أنّه يتم تشخيصها في سن متأخرة فترة المراهقة بالاستناد إلى تاريخ العائلة وتاريخ الأعراض لدى المصاب. الانطوائيَّة والانغلاق وقلة الأصدقاء. عدم المرونة في أسلوب الحياة وعدم تقبل التغيير. سلوكيات مقيدة ومتكرِّرة تشير إلى الجمود وإتباع روتين واحد فقط. صعوبة المراس والأطوار الغريبة في بعض العادات والسلوكيات. المصاب بهذه المتلازمة يملك حواساً مرهفة، قد تزعجه بعض الأصوات أو الألوان أو الروائح. أنّ يملك المصاب شغفاً وهوساً تجاه اهتمام واحد فقط، يصب جُل اهتمامه فيه بشكل غريب فيتميَّز في هذا الجانب. طرق التعامل مع الطفل المصاب لا يتطلب التشخيص أي نوع من التحاليل للتثبت من المرض، فقط يستند إلى الفحص الإكلينيكي وإجراء بعض اختبارات المقاييس النفسيَّة. لا توجد عقاقير أو أدوية توصف للطفل المصاب. تطبيق المهارات الاجتماعيَّة من قِبل الوالدين كنموذج للابن «التعليم بالمحاكاة». إتباع أسلوب الممارسة والتدريب بالتدرج لبناء أساليب التواصل مع الآخرين خطوة بخطوة لدى الطفل. مرافقة الابن في أيامه الأولى من الدِّراسة وتوعية المعلمين بهذه المتلازمة لكيلا يتم استغلال الطفل أو تحقيره أو تعرُّضه للتنمُّر وما شابه. على الآباء إظهار الفهم والتحلي بالصبر تجاه التحديات التي تظهر في بعض السلوكيات الظاهرة في طفلهم والتي يعتقدون أنَّها غير مقبولة. أفلام عالميَّة سلطت بعض الأفلام العالميَّة الضوء على المصابين بهذه المتلازمة، وركَّزت على ما يملكه المُصاب من مواهب إبداعيَّة وقدرات عقلية فذّة، تجسَّدت في دور البطل والممثل الرئيسين وتمَّ تسخير ذلك في سبيل خدمة رسالة الفيلم. الفيلم الدرامي (Adam)، بطولة هيو دانسي من إنتاج عام 2009م الذي أظهر الجانب الاجتماعي للمصاب من خلال شخصيَّة آدم. فيلم (The Accountant)، الذي صدر في أكتوبر 2016، بطولة النجم الأميركي بن آفليك، الذي يحكي قصة محامٍ بارع يخوض بعض النزاعات الماليَّة. فيلم بوليوود (My name is Khan) للشهير شاروخان. فيلم وثائقي كوميدي (Asperger's are us) يصوِّر أربعة من الأصدقاء المصابين بهذه المتلازمة وسعيهم لتقديم عرض مسرحي كوميدي. تقوم معالجةُ مُتلازِمة أسبرجر على علاج الأعراض الرئيسية الثلاثة للمرض، وهي: ضعف مهارات التواصل، والعادات الوسواسية المتكرِّرة، والخَرَق الجسدي. برنامجُ المعالجة الفعَّال: يعتمد على اهتمامات الطفل. يقوم بتعليم الطفل المهام على شكل سلسلة من الخطوات البسيطة. يتضمَّن أنشطةً مدروسة بدقَّة. يوفِّر تعزيزاً منتظماً ومستمراً للسلوك. تتضمَّن برامجُ معالجة مُتلازِمة أسبرجر تدريباً على المهارات الاجتماعية. وهو شكلٌ من العلاج ضمن مجموعة، حيث يجري تعليمُ أطفال مُتلازِمة أسبرجر المهارات التي يحتاجون إليها للتفاعل بنجاح مع الأطفال الآخرين. تتضمَّن برامجُ معالجة مُتلازِمة أسبرجر إعطاءَ بعض الأدوية غالباً. وتكون الأدويةُ هامَّةً إذا كان لدى الطفل اضطرابٌ آخر، مثل الاكتئاب والقلق. يمكن أن تتضمَّنَ برامجُ المعالجة: علاجاً سلوكياً معرفياً. علاجاً فيزيائياً أو مهنياً. علاجاً لغوياً/نطقيَّاً تخصُّصياً. العلاجُ السلوكي المعرفي هو نوعٌ من العلاج "الكلامي" الذي يمكن أن يساعدَ الطفلَ على إدارة عواطفه، ويقطع الطريق على اهتماماته الوسواسية وعاداته المتكرِّرة. تساعد المعالجةُ الفيزيائية الأطفال الذين لديهم مشاكل حسِّية أو ضعف في التنسيق الحركيكما تساعد على بقاء العضلات في حالة جيِّدة، وعلى ضبط الحركات. أما العلاجُ المهني فيعلِّم الطفلَ كيفية إدارة أنشطته اليومية. إنَّ المُعالجَةَ المُقَوِّمَة للنُّطق تعلِّم الطفلَ كيف يتكلَّم مع الآخرين، وكيف يجري حديثاً طبيعياً. غالباً ما يكون تدريبُ الأهل ودعمهم جزءاً من علاج مُتلازِمة أسبرجر، حيث يعمل الاختصاصيون على تعليم الأهل تقنيات سلوكية من أجل استخدامها في البيت. بالمعالجة الفعَّالة، يستطيع أطفالُ مُتلازِمة أسبرجر أن يتعلَّموا التغلُّبَ على إعاقاتهم. ولكنَّ الأوضاعَ الاجتماعية والعلاقات الشخصية يمكن أن تبقى صعبةً عليهم. يتمكَّن كثيرٌ من البالغين الذين يعانون من مُتلازِمة أسبرجر من القيام بأعمال عادية بنجاح، رغم أنَّهم يبقون في حاجة إلى التشجيع والدعم المعنوي حتَّى يعيشوا حياة مستقلة. الخلاصة مُتلازِمةُ أسبرجر هي نوعٌ خفيف من التَّوَحُّد، ولكنَّها تشترك معه في بعض الأعراض وهي أكثر شيوعاً عندَ الذكور منها عند الإناث. الاهتمامُ أو الانشغال الوِسواسي بموضوع واحد هو عَرَضٌ رئيسي من أعراض مُتلازِمة أسبرجر، حيث يصبح طفلُ مُتلازِمة أسبرجر خبيراً بموضوع معيَّن. ويمكن أن يتعلَّمَ مستوى عالياً من المفردات المتعلِّقة بالموضوع. يعاني أطفالُ مُتلازِمة أسبرجر من صعوبة في قراءة التلميحات الاجتماعية، والتعرُّف إلى مشاعر الآخرين. ويمكن أن تكونَ لديهم حركاتٌ غريبة أو طرق مميَّزة في حركاتهم. كلُّ هذا يجعل بناءَ الصداقات صعباً عليهم. كما أنَّهم يعانون من مشاكل في المهارات الحركية. تأتي صعوبةُ تشخيص مُتلازِمة أسبرجر من غياب المَسح التشخيصي المِعياري. تركِّز معالجةُ مُتلازِمة أسبرجر على تدبير ثلاثة أعراض رئيسية: ضَعف مهارات التواصل، العادات الوسواسيَّة أو التكرارية، الخَرَق الجسدي. لا يوجد علاجٌ شافٍ من مُتلازِمة أسبرجر، ولكن يمكن لمرضى مُتلازِمة أسبرجر أن يعيشوا حياةً كاملة سعيدة، ولاسيَّما إذا بدأت معالجتُهم في وقتٍ مُبكِّر.