«الترحال السياسى».. ظاهرة تثير الجدل فى «الانتخابات البرلمانية»    ارتفاع جديد في أسعار الذهب داخل الأسواق المصرية اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 20-10-2025 في بورصة الدواجن.. سعر كيلو الدجاج والكتكوت الأبيض    ارتفاع كبير تجاوز 2000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 20-10-2025    عاجل - ترامب يؤكد: وقف إطلاق النار في غزة مازال ساريًا رغم الخروقات    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    زاخاروفا: العمل الدبلوماسي جار للتحضير للقاء قمة بوتين وترامب    المغرب يتوج بكأس العالم للشباب على حساب الأرجنتين البطل التاريخي    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    طقس حار وشبورة مائية كثيفة اليوم الاثنين 20 أكتوبر 2025 على أغلب أنحاء مصر    ماكرون: سرقة اللوفر هجوم على تراث فرنسا    كيت بلانشيت: مصر دورها قيادى فى إرساء السلام    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    زبيرى يفتتح أهداف المغرب ضد الأرجنتين بطريقة رائعة فى الدقيقة 12.. فيديو    والد ضحية زميله بالإسماعيلية: صورة ابني لا تفارق خيالي بعد تقطيعه لأشلاء    عاجل - تفاصيل موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 بعد قرار وزارة المالية    موعد التحقيق مع عمر عصر ونجل رئيس اتحاد تنس الطاولة.. تعرف على التفاصيل    هانى شاكر يُشعل دار الأوبرا بحفل ضخم ضمن مهرجان الموسيقى العربية    يسرا تشعل أجواء احتفال مهرجان الجونة بمسيرتها الفنية.. وتغنى جت الحرارة    وفاة شابة عشرينية بسبب وشم قبل أسبوع من زفافها    مواد غذائية تساعدك على النوم العميق دون الحاجة إلى أدوية    ليبيا.. حفتر يدعو إلى حراك شعبي واسع لتصحيح المسار السياسي    فريق بحث لتحديد المتهم بالتعدي على مدرسة لغات في إمبابة    الذكرى الثامنة لملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري    قيادة التغيير    ضربه ب«مفك».. مصرع طالب على يد زميله في الدقهلية    ذكرى الأب تُنهي حياة الابن.. شاب ينهي خياته في الذكرى الخامسة لوفاة والده بالإسماعيلية    المغرب يرفع ميزانية الصحة والتعليم بعد موجة الاحتجاجات    أهم العوامل التي تؤثر على سوق العملات الرقمية    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    أمريكا تفضح أكاذيب نتنياهو والبنتاجون يكشف حقيقة انفجار رفح    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    هشام جمال: «فشلت أوقف ليلى عن العياط خلال الفرح»    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    منصّة صيد مشبوهة قرب مطار بالم بيتش تثير قلقًا حول أمن الرئيس الأمريكي ترامب    «سول» تحتجز جنديا من كوريا الشمالية بعد عبوره الحدود البرية    مضاعفاته قد تؤدي للوفاة.. أعراض وأسباب مرض «كاواساكي» بعد معاناة ابن حمزة نمرة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. جدل واسع حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في الجونة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    الداخلية السورية: القبض على عصابة متورطة بالسطو على البنك العربي في دمشق    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    خبر في الجول – نهائي السوبر بتحكيم أجنبي.. وثنائي مصري لنصف النهائي    محمد رياض يتصدر التريند بعد إعلان نجله عن نية تقديم جزء ثانٍ من «لن أعيش في جلباب أبي» والجمهور بين الصدمة والحنين    تألق لافت لنجوم السينما فى العرض الخاص لفيلم «فرانكشتاين» بمهرجان الجونة    طارق العشرى: حرس الحدود خلال فترة قيادتى كان يشبه بيراميدز    الذكاء الاصطناعي ضيفًا وحفلًا في جامعة القاهرة.. ختام مؤتمر مناقشة مستقبل التعليم العالي وتوصيات للدراسة والبحث العلمي    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    لدغات عمر الأيوبى.. بيراميدز "يغرد" والقطبين كمان    «مشروع مربح» يقبل عليه شباب دمياط ..أسرار تربية الجمال: أفضلها المغربي (صور وفيديو)    «المؤسسة العلاجية» تنظم برنامجًا تدريبيًا حول التسويق الإلكتروني لخدمات المستشفيات    نادي قضاة مصر يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة اختياره رئيسًا لمجلس الشيوخ    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    أزهر كفر الشيخ: مد فترة التسجيل بمسابقة الأزهر لحفظ القرآن إلى 30 أكتوبر    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    محافظ الشرقية يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المستقبل».. مدينة مهجورة فى رأس سدر بسبب نقص الخدمات

منذ 25 عامًا ترك شباب من محافظة الشرقية أرضهم وذهبوا في رحلة لتحسين دخلهم في صحراء جنوب سيناء، وسط أراضى زيتون فارق معظمها الحياة، يناضلون رغم افتقار الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، وصعوبات تملك الأراضى، مرورًا بفقدان مورد الرزق الرئيسى وهو الزراعة.
قرية «البسايسة الجديدة».. سُميت بهذا الاسم تيمنًا بقرية البسايسة بمحافظة الشرقية، وتقع على بعد 200 كم من القاهرة، في صحراء جنوب سيناء ويقطعها طريق مدينة رأس سدر، وفى عام 1992 تأسست البسايسة الجديدة «مدينة المستقبل»، هاجر إليها 85 عائلة، معظمهم من الشرقية، لم يبق منهم سوى 15 عائلة، تركوا مدنهم وقراهم في الدلتا للبحث عن حياة أفضل، بعدما شجع يوسف والى، وزير الزراعة آنذاك، الشباب للخروج من محافظات الوادى الضيق واستصلاح الأراضى الصحراوية، بوعد تمليك الأراضى لأصحابها عند ثبوت الجدية.
لم يتخطَّ عدد منازل «البسايسة الجديدة» في عام 1998 ستة منازل، اشتروا الأرض من القبائل، وأسسوا مجموعة مسؤولة عن شراء وبيع وتوفير الأراضى لشباب القرية القادمين من بعدهم، أطلقوا عليها «مجموعة الأرض».
«المصرى اليوم» في رحلة إلى قرية «البسايسة الجديدة» رصدت محاولات السكان للتغلب على العوائق والصعوبات التي يعانون منها
«المستقبل».. مدينة مهجورة فى رأس سدر بسبب نقص الخدمات
عقود ملكية
تقدم أهالى «البسايسة الجديدة» عام 1998 للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية المسؤولة عن التمليك بجنوب سيناء للحصول على عقود تمليك أراضيهم رسميًا، وجاءت لجنة التمليك في نوفمبر عام 2001، وبسبب صعوبة التمليك في جنوب سيناء لدواعٍ أمنية حُررت عقود إيجار لأراضى المزارعين بالاتفاق مع الهيئة لأصحاب الأراضى، واطلعت عليها «المصرى اليوم»، وهى عقود قدرت ثمن الفدان ب50 جنيهًا دفعها الأهالى مرة واحدة، ولم يُطلب منهم الدفع مجددًا.
إبراهيم محمد، البالغ من العمر 65 عامًا، من أوائل سكان «البسايسة الجديدة»، انتقل وأسرته إليها من محافظة الشرقية قبل 24 عامًا، واشترى قطعة أرض بهدف زراعة الزيتون، وبناء منزله المكون من غرفة ومرحاض ومطبخ وغرفة معيشة تحتوى على مقعد أسمنتى مغطى بوسادة قطنية، وتلفاز يجلس أمامه عم إبراهيم يحتسى الشاى، ويحكى ل«المصرى اليوم» عن رحلته في محاولة تقنين أرضه وقال: «كلنا مقدمين على طلبات تمليك منذ 20 سنة ومازالت قيد البحث».
جدد الأهالى تقديم أوراقهم لمجلس شيوخ القرية للتصالح وتقنين أوضاعهم لتمليك الأراضى والمنازل رسميًا، وطلب منهم المجلس دفع 1200 جنيه للفدان لإثبات جدية التقنين، ودفع بعض الأهالى ثمن مخالفات البناء ورسوم وصف المنازل من أجل التصالح، وبلغت قرابة 3 آلاف جنيه، استطاع البعض الدفع والبعض الآخر لم يستطع، ومازال الأهالى في انتظار لجنة تمليك أخرى لتحديد سعر التقنين.
لم تكن هذه المشكلة الوحيدة لأهالى البسايسة، فمنذ بضعة أعوام ضرب القرية سيل وتسبب في خسائر، منها تدمير المزروعات والأشجار، وخسر البعض خلايا النحل، منهم عم إبراهيم، الذي خسر 70 خلية نحل، بينما خسر عدد من سكان القرية الماشية والطيور، وبعض العائلات أطاح السيل بممتلكاتهم، ما أوقعهم في الديون.
بعد انتهاء السيل شكل مجلس المدينة لجنة لحصر الخسائر، وتواصلت اللجنة مع السكان ولم توثق الخسائر أو تحدد تعويضات، على حد قول الأهالى، وأرجعت اللجنة الأزمة إلى بناء الأهالى منازلهم على مخر سيل وليست لديهم أوراق ملكية لمنازلهم، وبالتالى أصبحت الخسارة مضاعفة.
«المستقبل».. مدينة مهجورة فى رأس سدر بسبب نقص الخدمات
مزارع الزيتون
زراعة الزيتون واستخراج زيته وبيع مشتقاته كانت أبرز الأنشطة الاقتصادية التي اشتغل بها سكان «البسايسة الجديدة»، وخلال السنوات الأخيرة تراجع إنتاج الزيتون بسبب عدم توافر المياه العذبة المخصصة للرى بشكل دائم وارتفاع ملوحة المياه المخصصة للرى، على حد قول المزارعين.
«من ساعة ما جيت سيناء مكسبتش في الزيتون، غير أول 5 سنوات، لما كانت الملوحة قليلة»، وفقًا لعم إبراهيم، فالزراعة بالقرية تعتمد على آبار المياه الجوفية، فقد حفرت كل عائلة بئرًا لأرضها، تختلف ملوحة مياهها حسب مدى قربها من البحر، وتعتمد إنتاجية الزيتون على درجة ملوحة الأرض والمياه.
يقول إبراهيم إنه عند انتقاله للبسايسة كانت إنتاجية الزيتون على أشدها، وكانت ملوحة الآبار لا تتخطى 3 آلاف جزء في المليون، ولكن مع مرور الوقت ازدادت نسبة ملوحة المياه، حتى وصلت في أرضه ومعظم الأراضى المجاورة من 12 حتى 15 ألف جزء في المليون، وهو ما لا يتناسب مع الرى.
وقال الدكتور محمد غازى، الأستاذ بمركز البحوث الزراعية، إن ارتفاع نسبة الملوحة في المياه العالية يؤثر على إنتاجية الزيتون ويجعله يفقد قدرته على الإثمار.
لم يجد مزارعو البسايسة بديلًا لأكثر من 15 عامًا إلا استخدام المياه ذات الملوحة المرتفعة لرى أراضيهم، حتى أعطتهم الجمعية الزراعية برأس سدر أملًا جديدًا، عندما خصصت قبل 7 سنوات ميزانية لمد تفريعة مياه عذبة من ترعة الشيخ زايد لرى أراضى «البسايسة الجديدة».
أوضحت المهندسة سارة عبدالعظيم، مهندسة زراعية بالإدارة الزراعية لمدينة رأس سدر، أن الجمعية الزراعية تقدمت بمذكرة لمحافظة جنوب سيناء للمطالبة بحفر التفريعة ولم يتم الرد عليهم حتى الآن.
لم تقتصر المعاناة على توفير مياه رى عذبة، وامتدت إلى مياه الشرب، ولجأ الأهالى إلى حمل المياه على عربة كارو يجرها الحمار الوحيد بالقرية يقودها الأهالى حتى الوادى، لملء المياه من أحد المساجد مع دفع ضريبة الملء لسكان القرية، حسب كمية المياه، إلى أن وقعت حادثة على طريق السويس، وصدمت سيارة العربة الكارو وأنهت السبيل الوحيد لجلب المياه للقرية وسببت عاهة مستديمة لقائد العربة.
«المستقبل».. مدينة مهجورة فى رأس سدر بسبب نقص الخدمات
بعد السنوات الأولى التي أمضاها عم إبراهيم بالبسايسة وضعته صعوبة الظروف مع الأهالى المغتربين تحت خيارين، إما ترك الأرض والعودة لقريته، أو تغيير مهنته. ويقول إبراهيم: «أنا بصرف على أرضى 15 ألف جنيه، وباخد منها 10 آلاف جنيه فقط».
يحكى عطوة عيسى،، 64 عامًا، أحد سكان البسايسة الجديدة عن معاناة أرضه بسبب قلة التغذية بالسماد الطبيعى والمياه العذبة، ويقول إن ثانى أهم شىء هو السماد العضوى، الذي يعمل كطبقة عزل ما بين التربة المالحة والطبقة الزراعية، ولا يسمح للأرض بامتصاص المياه بسرعة، وهو أكثر ما يحتاجه الأهالى.
ووفقًا للمهندسة سارة بالإدارة الزراعية لا يتم إنتاج السباخ البلدى في جنوب سيناء، لذا تضطر الجمعية الزراعية برأس سدر لتوفيره من القاهرة، وبسبب استعمال بعض الفئات شكائر السباخ لتهريب المواد الممنوعة (المخدرات والأسلحة) أصبحت هناك صعوبة في الحصول عليه بعد إدراجه ضمن قائمة الأشياء الممنوع عبورها من نفق الشهيد أحمد حمدى، ويشترط من أجل المرور به ولغيره من المنتجات الكيماوية الحصول على تصريح من الأمانة العامة، وعادةً ما يتم رفضه.
القيود الأمنية التي فُرضت في الكمائن أجبرت الأهالى على التوجه لمدينة رأس سدر لشراء احتياجات الأراضى التي تستطيع الجمعية الزراعية توفيرها للمزارعين، والتى تتضاعف أسعارها مقارنةً بسعرها في القاهرة، وهذا يرجع لتكاليف النقل المرتفعة وتصاريح المرور من نقاط التفتيش التي تتكلفها الجمعية.
تتبع أشجار الزيتون سياسة «المعاومة»، وفقًا لشرح الدكتور محمد غازى، أستاذ بالبحوث الزراعية، وتأتى الأشجار بأكثر إنتاجية ممكنة من الزيتون، وفى العام المقبل بإنتاجية أقل، ويمكن تدبير الخسارة عن طريق «إدارة الأرض» باللجوء لطرق فنية بالزراعة واستخدام السماد العضوى «السباخ»، ودونه لا يمكن الحصول على إنتاجية.
جفاف بعض آبار القرية
مياه الشرب
عانت القرية من نقص المياه وقدم الأهالى شكاوى لمجلس المدينة، حتى وافق المحافظ على مد خطوط المياه لأهالى القرية، ولكن على نفقتهم الخاصة.
تقع قرية «البسايسة الجديدة» فوق خطين أساسيين للمياه يربطان مدينة السويس ورأس سدر، وتُضخ فيهما المياه حتى أبوصويرة جنوب رأس سدر، وهو مصدر المياه الوحيد المتاح أمام الأهالى، تبعد أقرب فتحة لمد خط مياه خاص بالقرية من الخطين الأساسيين عنها مسافة 3 كيلومترات، لذا أسس الأهالى خط مياه على نفقتهم الخاصة بمواسير 3 بوصة مناسبة لضخ المياه بشكل مناسب يكفى احتياجاتهم مقارنة بالمسافة.
لأكثر من 5 سنوات وصلتهم المياه بشكل مستقر إلى أن قطع مجلس المدينة خط المياه، بسبب تأثر المياه العذبة المستخدمة في القرى السياحية المجاورة للبسايسة الجديدة والتى تشاركهم في نفس خط المياه.
ومدت شركة المياه للقرية خطًا جديدًا بفتحة 2 بوصة، على خط مياه يضخ 1 بار فقط للقرية، لتوازن ما بين فتحه وإغلاقه بسبب القرى السياحية المعتمدة على نفس الخط، ما قلل ضخ المياه للقرية، حسب ما قال مزارعون: «الفتحة 2 بوصة تكفى لفتح صنبور المياه فقط». ما دفع الأهالى لشراء مواتير مياه وسحب أكبر كمية ممكنة من المياه، ما أدى إلى عدم توزيع المياة بشكل عادل، «لو إنت مركب موتور هيوصلك ميه، والبيت اللى بعدك مش هيوصله»، لذا تم تركيب 17 رافعة كهربائية لمياه المنازل وأراضى القرية.
الطاقة الشمسية
أسس الدكتور صلاح عرفة، أستاذ ورئيس أقسام العلوم بالجامعة الأمريكية، قرية البسايسة بالشرقية لتكون أول قرية تعمل بالطاقة الشمسية في مصر، وكان الهدف هو نقل تلك التجربة إلى قرية «البسايسة الجديدة»، لتستحق لقب «مدينة المستقبل»، وباعت الجمعية التعاونية برأس سدر ألواح الطاقة الشمسية بالتقسيط ل6 منازل كانت موجودة في عام 1998، وكان من المقرر تزويد المنازل التي ستُبنى فيما بعد بالألواح لاستغلال الشمس في إنتاج الكهرباء.
وارتفعت التكلفة نظرًا لارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية وغيرها من أزمات الاقتصادية، ما أدى إلى تخطى تكلفة تركيب وشراء الألواح 20 ألف جنيه للمنزل الواحد، لذا تم الاستغناء عن الفكرة، وقد تكلف سعر محول الطاقة الشمسية وقتها 12 ألف جنيه، بالإضافة إلى تكلفة الألواح، فكان سعر اللوحين اللذين يحتاجهما المنزل الواحد 9 آلاف جنيه، بالإضافة إلى ضعف القدرة الإنتاجية، فلم تتمكن القرية من إنارة سوى ثلاث لمبات، ولم تتمكن من تشغيل موتور المياه، في النهاية تم إعادة معظم الألواح الشمسية للجمعية لمن لم يسدد ثمنها، أما من سدد فيركن ألواحه فوق منزله فهى لا تعمل الآن.
وبعد أن أصبح استخدام الطاقة الشمسية بالقرية صعبًا لجأ الأهالى عام 2001 إلى تركيب محول وعدادات كهرباء عادية لمنازل القرية على نفقتهم الخاصة، وقد اطلعت «المصرى اليوم» على عقود تركيبها، واضطر الأهالى وقتها إلى الاقتراض لشراء محول من شركة الكهرباء، وعلى الرغم من أن وقتها كانت تكلفة المحول 50 ألف جنيه، إلا أن الشركة باعته للقرية ب155 ألفًا، وفقًا لأحد الأهالى، طلب عدم ذكر اسمه، وطالبتهم ب300 ألف أخرى لإدخال شبكة الكهرباء لباقى البيوت، ما دفع الأهالى إلى تحمل مشقة تركيب الشبكة بأنفسهم، واشتروا كابلات الكهرباء وحفروا بمعداتهم مساراتها تحت الأرض ودفنوها بأنفسهم، وأدخل كل مزارع الكهرباء لمنزله بنفسه.
ركّب الأهالى عداد «الكارت» لكل منزل، وعدادًا آخر لمحول الكهرباء، ويدفع الأهالى ثمن شحن كروت الكهرباء لتشغيل التلفاز وإضاءة المنزل ليلًا، وهذا ما عليه معظم منازل القرية للحصول على احتياجاتها من الكهرباء، يتم تحصيل فواتير الكهرباء مرة ثانية، بإجمالى الكهرباء المسحوبة من عداد القرية الكبير حتى يومنا هذا؟!!
معصرة الزيتون
بعد تخطى مصاعب الزراعة ودفع فواتير الكهرباء، وغيرها من الصعوبات، يواجه أهالى البسايسة معاناة من نوع آخر، فبعد جمع الزيتون يتوجه المزارعون إلى المعصرة الوحيدة بمدينة رأس سدر، التي تعانى من بعض القصور، ما يكلفهم جزءًا لا يُستهان به من إنتاجهم الموسمى للزيوت.
يجمع أهالى «البسايسة الجديدة» محصولهم من الزيتون منتصف شهر أكتوبر، حتى تتحمل الثمرة بنسبة كافية من الزيت للعصر. في عام 2006 خُصصت أرض على مساحة 10 آلاف متر لتشغيل أول معصرة للزيتون بالمدينة بتكلفة 5 ملايين جنيه بتمويل من الاتحاد الأوروبى، وتم بناؤها بمدينة رأس سدر بناءً على إنتاجها الكبير من الزيتون.
يمر الزيتون في خطوات عصره بمرحلة مهمة «مرحلة العجن»، وتتطلب طحن الزيتون وخلطه لتخرج منه كل قطرة من الزيت، وهو عادة ما لا يحدث في معصرة رأس سدر، ما يؤدى إلى فقد نسبة من زيت المزارعين، «من يوم ما زرعته وإحنا عارفين إن الطن يجيب 20% من حجمه زيت»، ولكن ما يحدث أن المزارع يجد طن الزيتون يأتى ب15% فقط زيتًا بدلًا من 20%، أي أنه يفقد 50 كيلو من الزيت لكل طن زيتون، ليتأكد أنه يوجد خطأ في التشغيل داخل المعصرة حتى تحدث كل تلك النسبة من الفقد.
اضطر المزارعون إلى استخدام معاصر مختلفة بمحافظتى السويس وشمال سيناء وفى مدينة العريش، ما يضطرهم للسفر مسافة 300 كيلو للبحث عن معصرة، وتزيد تكلفة النقلة الواحدة على 1000 جنيه، إلا أن هذا بالنسبة لهم الاختيار الأفضل عن استخدام معصرة رأس سدر، التي أكد المزارعون أنهم يفقدون الكثير من الإنتاج داخلها بسبب كثرة الأعطال وأنها ليست بها معدات ذات جودة.
تعمل معصرة رأس سدر ثلاثة أشهر في السنة فقط خلال موسم الحصاد، إلا أنها تمر بأعطال فنية وفقًا للأهالى، ويحكى أمجد، «اسم مستعار»، عن تعطل ماكينات المعصرة في إحدى المرات بينما كان الزيتون في الخلاط والشكائر في انتظار عصرها، وبسبب عدم وجود قطع غيار في المعصرة وبطء وتيرة إصلاح الأعطال، بالإضافة إلى وجود خط سير واحد فقط يتعطل عمل المعصرة في حالة انقطاعه، واستغرق التصليح عشرة أيام تعطلت خلالها المعصرة، وانتهت صلاحية الزيتون الخاصة ب«أمجد»، الذي فقد محصوله السنوى، فلا يستطيع الزيتون النجاة في درجات الحرارة المرتفعة أو الأماكن الضيقة مثل الشكائر لمدة تزيد على ثلاثة أيام، ولم يتم تعويضه عن الزيتون المهدر.
وقال جمعة محمد، فنى وعامل بمعصرة رأس سدر، منذ افتتاحها، إن المعصرة لم يحدث بها أعطال دامت لأيام، «هو السير بس ممكن يتقطع أو حاجات خفيفة تتصلح في يومها أو تانى يوم الصبح مش أكتر».
يعمل في معصرة رأس سدر ثلاثة أفراد فقط: محاسب، وفنى، وعامل تشغيل، يؤكد جمعة أن الخبرة التي اكتسبها ثلاثتهم مع الوقت جعلتهم فنيين قادرين على التشغيل بأنفسهم، لافتًا إلى تحديد أسعار العصر للمزارعين من قبل الجمعية الزراعية كى تراعى أحوال المزارع، وفى العام السابق كان سعر عصر الطن الواحد 600 جنيه، وهو أغلى من الأعوام السابقة بسبب ارتفاع فواتير الكهرباء على المعصرة، ما تسبب في رفع سعر زجاجة زيت الزيتون من 70 إلى 120 جنيهًا.
وقالت المهندسة سحر إسماعيل، مديرة إدارة الجمعية الزراعية برأس سدر: «هناك 17 ألف فدان في رأس سدر مخصصة لزراعة الزيتون، ولكن لا توجد أرقام بإنتاجية المحاصيل بسبب اختلافها من عام لعام، ما يؤدى لارتفاع الزيتون ومشتقاته من الزيت».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.