الأقصر أرض «العنابى».. الياقوت يُزهر فى «وادى الملوك»

منذ آلاف السنين برع المصرى القديم فى زراعة النباتات الطبية التى تشفى من الأمراض وتحافظ على الصحة، وتم استخدامها فى الوصفات العلاجية والتجميلية، ومن هذه النباتات نبات الكركديه الذى لا يستخدم كمشروب فحسب بل يستخدم لضبط الضغط ومستوى السكر بجانب وقاية الكبد والجلد من الأورام السرطانية، ورسم المصرى القديم العديد من اللوحات لهذا النبات على جدران المعابد والمقابر الفرعونية.
موسم حصاد الكركديه
هنا على بعد 860 كيلو جنوب القاهرة، وتحديدًا غرب الأقصر، تحولت مئات الأفدنة لزراعة الكركديه، الملقب منذ عهد الفراعنة بالياقوت، واكتست الأرض باللون الأحمر، وانطلق المزارعون فى حصاد المحصول خلال الشهر الحالى، ونجحت الأقصر فى أن تكون منافسا قويا لمحافظة أسوان فى تصدير «الكركديه» للأسواق العالمية.
موسم حصاد الكركديه
المهندس على قناوى، نقيب الزراعيين السابق بالأقصر، قال إن حصاد الكركديه يبدأ المزارعون فيه خلال شهرى نوفمبر وحتى منتصف ديسمبر، ويتم جمعه بكف اليد والمقص الصغير لضمان المحافظة عليه، ثم يتم وضعه على مشمع وتغطيته من الندى ويقلب يوميا حتى لا يصاب بالعفن، لافتًا إلى أنه بعد ذلك يتم فصل الزهور بالغربلة لفرز البذور، والزهور التى يتم جمعها لتوريدها للتجار وطرحها للبيع، ويتحول لمشروب الكركديه بعد وضعه فى الماء الساخن، ومشروب «العناب» المنقوع فى الماء البارد، وهو من أشهر المشروبات لأهل الصعيد صيفا وكذلك على مائدة رمضان.
وأضاف أن زراعة الكركدبه انتشرت من خلال السودان قديما لمختلف البلدان سواء العربية أو الأجنبية، مؤكدًا أنه تمت زراعته قديما فى بلاد النوبة، ويتم تسويقه حاليا للمحافظات المختلفة والأسواق الخارجية حيث يدر دخلا كبيرا للمزارعين، وهو من أبرز الهدايا لأهل الجنوب والوافدبن لزيارة المناطق الأثرية بالأقصر وأسوان، حيث يحرص السياح والمصريون على شرائه وإهدائه للأهل والأصدقاء.
وأوضح أنه تتم زراعة سلالتين بالأقصر، البلدى ذو اللون الأحمر الفاتح، والسودانى ولونه احمر غامق، موضحا أنه تم استنباط صنف جديد يسمى «صبحية 17» والذى يتميز بالتبكير فى النضج عن أصناف الكركديه المتداولة محليًا، لافتا إلى أن طول الساق بصل من 1.5 متر إلى مترين، بلون أخضر داكن، وتتم الزراعة بعد إعداد الأرض وحرثها وتسويتها وتخطيط المساحة المراد زراعتها بمعدل 12 خط / قصبتين، ويتم زراعة البذور بالخط الواحد ويكون اتجاه البذور، حسب اتجاه الخط، وتكون المسافة بين الجورة والأخرى 30 سم تقريبا، حيث يتم وضع نحو 4 بذرات فى الجورة، وريها بعد 5 أيام، وبعد اكتمال الإنبات يتم تخفيفها حتى لا يتأثر الساق وتخرج الثمار مكتملة النمو.
وأشار إلى أن نبات الكركديه يبدأ فى الإزهار أواخر شهر سبتمبر وأول أكتوبر، ونبدأ فى جمع السبلات خلال شهرى نوفمبر وديسمبر، ويتم تفصيص السبلات من الثمار وتنشر فى طبقات رقيقة، على مفارش أو غرابيل من السلك أو الخيش فى الشمس على أن تغطى ليلاً حتى الساعة 10 صباحاً، وبعد تطاير الندى نعرضه للشمس ويتم التقليب يومياً ونترك الثمار حتى تمام الجفاف حتى لا تتعرض للعفن لأن نسبة الرطوبة فى السبلات تصل من 85 إلى 90%، حتى يتم جفاف السبلات وتنزل نسبة الرطوبة 12%، كذلك تؤخذ بقية الثمار، وتترك بالشمس حتى تجف تماماً ثم تفصل البذور من الثمرة التى تشبه الكبسولة ثم تغربل لفصل البذرة عن الثمار.
ولفت إلى أن الفدان ينتج ما يقارب من 250 /300 كجم من الألياف، كما ينتج كمية من السبلات تقارب 350/ 400 كجم للفدان.
وقال بهيج عبدالله، مزارع، بقرية الضبعية بمركز ومدينة القرنة غرب الأقصر، إن هناك مزارعين اتجهوا لزراعة الكركديه، الذى تبدأ زراعته فى شهر مايو، ثم يبدأ موسم حصاده خلال شهر نوفمبر وأول ديسمبر، حتى يبدأ المزارعون فى تجهيز الأرض لزراعة محصول القمح والاستفادة من تعدد المحاصيل الزراعية التى تدر دخلا طوال العام.
وأضاف أنهم طوال فترة حصاد المحصول يبدأون يومهم عند السادسة صباحا حتى أذان الظهر، لجمع المحصول وفرز البذور والثمار، الذى يتم بيعه بنظام الجملة للأسواق المحلية داخل الأقصر وباقى المحافظات وهناك أماكن يتم تصدير المحصول من خلال المحطات المخصصة لعدد من الأسواق الخارجية، موضحا أن الموسم الحالى يشهد ارتفاعا ملحوظًا فى أسعاره، مقارنة بالموسم الماضى. وأوضح الباحث أيمن أبوزيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية بالاقصر، أن الكركديه يعتبر من النباتات الهامة نظراً لاستخداماته العديدة، حيث إنه يستخدم فى الصناعات الغذائية والدوائية، ويستعمل كمشروب منعش فهو يفيد فى حالة الصفراء ومرطب ويسبب إدرار البول ولهذا المشروب تأثير ملين، كما يعمل كمطهر للأمعاء وخافض لضغط الدم المرتفع. وأضاف أن الكركديه يتواجد طوال العام فى المنازل والمقاهى، ويتم شرب الكركديه ساخنا أو باردا، حيث يتم نقع الكركديه على البارد فى حال الضغط المرتفع وضبط مستوى السكر فى الدم.