«الحمد لله.. الحمد لله».. رددتها «دعاء» وهى ساجدةً على الأرض أمام بوابة المستشفى، حين أوهمها الأطباء: «جوزك رجع له النبض تانى»، لتكتشف زوجة «عمرو»، سائق تاكسى: «دول خرجوه من باب تانى علشان يروحوا بيه لمشرحة زينهم»، لتصدمها تفاصيل قتل الزوج، «سواق زيه ضربه بالكوريك على دماغه»، ترتعش شفتاها وهى تقول: «حصل بينهم خناقة بسيطة، يكون جزاؤه يتقتل؟!»، متسائلة: «مين هيربى عيالى ال5؟.. بيتى اتخرب!». الصغار كانوا يجهزون حقائبهم كى يسافروا مع والدهم لقضاء إجازة مصيف، والدتهم اتصلت على زوجها لتطمئنه إنهم جهزوا أنفسهم، وبعد اتصالات متكررة فوجئت بشخص غريب يجيب: «حضرتك صاحب العربية عامل حادثة فى مصر الجديدة»، سألته غير مصدقةً: «حادثة إيه؟، أنت بتهزر؟، إحنا مسافرين كلنا!». الزوجة تلقت اتصالًا آخر، «إحنا نقلنا جوزك على المستشفى»، تحركت «دعاء» وجدت سيارة الإسعاف متوقفة، وهى تسأل: «هو فين عمرو؟»، باغتتها طبيبة شابة: «اللى جاى فى حادثة التاكسى؟، دا مات»، لم تعطها فرصةً أو تمنحها أملًا: «هو واصل ميت أصلًا». «دعاء»، وشقيقة زوجها، لم تصدقا مع سمعتاه لتوهما، طالبتا الأطباء: «عاوزين نشوفه»، بعد إلحاح تمكنتا من الدخول إلى مكان تواجده على سرير تروللى، تقولان: «كان مبتسما، ملامحه جميلة وهادئة». شقيقة السائق «عمرو» كانت تظنه يُمازحها، صرخت: «إصحى.. هتعمل أغمى عليك؟»، بينما تقولها، سقط من يده جهاز لقياس نبضات القلب، «مراته حطته تانى بإيده، كانت فاكره هيقوم تانى»، توضح: «وأنا بقلب بجسمه لقيت دم نازل من راسه». الزوجة انهارت وهى تذكر أمام الجميع: «دا عيالى بيجهزوا للسفر»، كانت تسأل عن سبب التعدى على زوجها مستنكرةً: «مش بتاع مشاكل، دا بيجيب لينا إيراد العربية خمسات وعشرات، بقوله: إيه الفلوس دى؟.. يقولىّ: دول بركة.. بيركب معايا طلاب وشباب صغير بقولهم: هاتوا اللى معاكم». ابنة «عمرو»، عمرها 9 سنوات، قالت لأمها بعدما طالعت جثته «يا ماما خلى بابا يرجع لنا.. خليه يدفن قريبه اللى مات»، لتبكى الأم: «دا كان بيودعنا يا حبيبتى، وصلنى لحد بيت أخته وقعد يتصل على كل أقاربنا ويسلم على الجيران، لأول مرة ميعدنيش الطريق كأنه بيقولىّ: إتعودى تمشى لوحدك». بينما كانت «دعاء» تنتظر معجزة، إذ أوهمها طبيب: «رجعنا له النبض»، فخرجت سيارة إسعاف بجثمانه للمشرحة، وحضر شاب قال للزوجة: «إحنا لقينا جوزك بيتخانق مع سواق زيه، علشان أولوية المرور، ونزل له من العربية بيهدى فيه، وهو راجع يركب تانى كان السواق التانى بيضرب جوزك بالكوريك على راسه». شاهد العيان حكى أمام زوجة المجنى عليه: «ركبت معاه العربية علشان أوصله للمستشفى، تحرك بالسيارة خطوتين حلاوة روح، وفاضت روحه، بس طلبناله الإسعاف وخدته وقالوا: دا ميت». الزوجة المكلومة، رددت: «جوزى مات على عجلة القيادة، شهيد لقمة العيش، كان بيجرى على كوم لحم». أجهزة الأمن ألقت القبض على المتهم، وتحفظت النيابة العامة على كاميرات المراقبة بمحيط الواقعة.