مجلس طب قصر العيني يوافق على إنشاء أقسام تخصصية دقيقة في الجراحة    بورصة الدواجن اليوم.. استقرار أسعار الفراخ البيضاء عند 63 جنيها    محافظ أسيوط يعلن انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد الحمى القلاعية    العالم يترقب قرار الفيدرالي الأمريكي بشأن سعر الفائدة.. تفاصيل    «مدبولي»: محافظة السويس تحظى بنصيب مهم من أولويات استثمارات الدولة    هل تغير سعر الفائدة على شهادات بنك مصر؟ وما الشهادات المتاحة؟    خطوط وزارة التضامن الساخنة تستقبل 149 ألف اتصال خلال شهر واحد    عمل الإسكندرية تتابع الدورات التدريبية المجانية للشباب بمعهد الساليزيان "دون بوسكو"    حزب العمال الكردستاني يعلن سحب جميع قواته من تركيا إلى شمال العراق    الرئيس الفنزويلي يطلب من المحكمة العليا سحب جنسية زعيم المعارضة ليوبولدو لوبيز    مسئول أمريكي: الولايات المتحدة والصين تعملان على التفاصيل النهائية لاتفاق تجاري    بوتين: قوات الردع النووي الروسية في أعلى مستوى وتتفوق على الدول الأخرى    «واشنطن بوست»: ترامب يصعد التوترات مع كندا برفع الرسوم الجمركية    سيراميكا يسعى لمواصلة الانتصارات في الدوري أمام كهرباء الإسماعيلية    مراسم تتويج مصطفى عسل وهانيا الحمامي ببطولة أمريكا المفتوحة للاسكواش    كلاسيكو الأرض.. تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام برشلونة    بتروجت: وافقنا مبدئيا على انتقال حامد حمدان للزمالك في يناير    تشكيل لجنة من المرور لتحديد أسباب حادث طريق السويس    درجة الحرارة اليوم.. الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس وأهم الظواهر الجوية    عدم إعادة الاختبار للغائب دون عذر.. أبرز تعليمات المدارس للطلاب مع بدء امتحانات أكتوبر    تحريات لكشف ملابسات مصرع شخص خلال مشاجرة فى الحوامدية    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة افتتاح المتحف المصرى الكبير    القومي للترجمة يقيم صالون "الترجمة وتحديات التقنية الحديثة" في دورته الأولى    بعد تصدره التريند.. التفاصيل الكاملة لمسلسل «كارثة طبيعية» بطولة محمد سلام    روزاليوسف.. قرن من الصحافة الحرة وصناعة الوعى    الدكتور خالد عبدالغفار يتابع اللمسات النهائية للمؤتمر العالمي للسكان والصحة    قصر العينى تدشن أقساما أكاديمية جديدة للتخصصات الدقيقة لجراحة الأوعية الدموية والأطفال    أطعمة تعزز التركيز والذاكرة، أثناء فترة الامتحانات    موعد بدء شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيام الصيام    بعد قفزته 800 جنيه.. كم سجل سعر الحديد والأسمنت اليوم الأحد 26-10-2025 صباحًا؟    بمشاركة 135 متدربًا.. انطلاق الأسبوع التدريبي ال12 بمركز سقارة| اليوم    وكيل "تعليم الفيوم" يتفقد المدارس لمتابعة انضباط العملية التعليمية    نظر محاكمة 50 متهما بقضية الهيكل الإدارى للإخوان اليوم    الأنبا كيرلس في مؤتمر مجلس الكنائس العالمي: وحدانية الكنيسة راسخة في قداستها وجامعيتها ورسوليتها منذ مجمع نيقية    رغم ارتفاع أسعاره.. ما هي الأبراج التى تحب الاستثمار في الذهب؟    «لأول مرة من 32 سنة».. ليفربول يسجل رقمًا كارثيًا بعد سقوطه أمام برينتفورد    صابر الرباعي يحيي ذكرى محمد رحيم بأغنية «وحشني جدًا» في ختام مهرجان الموسيقى العربية    النائب خليل: مصر بقيادة السيسي منارة للسلام وصوت للحكمة    مصرع وإصابة 6 أشخاص في حادث تصادم بالمنيرة الغربية    ضبط صانعة محتوى لنشرها فيديوهات رقص خادشة للحياء    هشام عباس وميريهان حسين وياسر إبراهيم يشاركون أحمد جمال وفرح الموجى فرحتهما    من «كارو» ل«قطار الإسكندرية».. مباحث شبرا الخيمة تعيد «محمد» لأسرته    اشتباكات بين الجيش السوري و"قسد" شرق دير الزور    مواقيت الصلوات الخمس في مطروح اليوم الأحد 26 أكتوبر 2025    سلوت عن هدف محمد صلاح: لقد كان إنهاء رائعا من مو    ندوة بمطروح تناقش التقنيات الحديثة في الحشوات الضوئية للأسنان    مدرب إيجل نوار: الأهلي كان قويا رغم الطرد    الانتخابات.. تحية للأغلبية وكشفٌ لواقع المعارضة    غادة عبد الرحيم تدعو وزارة التعليم لتبني حقيبة "سوبر مامي" لدعم أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه    محمد الغزاوى: أخدم الأهلى فى جميع المناصب ونمتلك أقوى لاعبى اسكواش بأفريقيا    بداية شهر من الصلابة.. حظ برج الدلو اليوم 26 أكتوبر    صلاح يسجل أمام برينتفورد وليفربول يخسر للمرة الرابعة تواليا في الدوري الإنجليزي    «الداخلية» تكشف ملابسات اعتداء قائد سيارة على سائق أجرة بمدينة نصر    رئيس جامعة المنيا يشارك الاحتفالية العالمية «مصر وطن السلام» بمدينة الفنون بالعاصمة الإدارية    يوسف زيدان: قصة أبرهة الحبشي غير دقيقة.. واستخدام الفيل لهدم الكعبة تصور غير عملي    خالد الجندي: لو تدبرنا إعجاز القرآن لانشغلنا بالخير عن الخلاف    فتح باب التقديم للأجانب بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 25 أكتوبر 2025 في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا ما أريده من الحوار الوطنى
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 08 - 2022

لابد لنجاح أي حوار من الاتفاق على محددات سابقة له، ووضع إطار نتحدث داخله. وأقترح أن يكون ذلك هو الدستور ورؤية مصر 2030، التي أعلنها رئيس الجمهورية في 2015.
ولنبدأ بمبادئ الدستور الذي جاء في ديباجته التالى: «نحن الآن نكتب دستورًا يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة، حكومتها مدنية».
«يقوم النظام السياسى على أساس: 1- التعددية السياسية والحزبية. 2- التداول السلمى للسلطة. 3 الفصل بين السلطات والتوازن بينها. 4 تلازُم المسؤولية مع السلطة. 5 احترام حقوق الإنسان وحرياته، على الوجه المبين في الدستور».
هذه هي مقدمة الدستور والمادة الخامسة منه، والذى وافق عليه الشعب المصرى بأغلبية ساحقة عام 2014، ولم تلحق بهذه المقدمة ولا المادة الخامسة تعديلات في 2019. إذن الدستور هو مرجعيتنا في إدارة مصر والحفاظ عليها.
توجد في الدستور مواد علينا الحفاظ عليها، ومواد لم تُطبق، علينا وضعها في إطار التطبيق، مثل الشكل السياسى لإدارة البلاد لا مركزيًّا، وأغلب ما يخص الفصل بين السلطات والتوازن بينها، وطريقة تطبيق العدالة واحترام الحريات.
إذن الأساس هو بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، التي بتعريفها لها حكومة تحافظ وتحمى كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية، وتحمى الخصوصية، وحرية التعبير. وهناك عدة مبادئ ينبغى توافرها في الدولة المدنية، والتى إن نقص أحدها فلا تتحقق شروط تلك الدولة، أهمها أن تقوم تلك الدولة على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، واحترام التعاقدات، بحيث تضمن حقوق جميع المواطنين، ليس كهبة من الحاكم ولكن كحق من واجبه الحفاظ عليه، ولا تسمح لبعض أفراد المجتمع بأن يفرضوا أنفسهم مُطوعين، ولا يقبلون الاختلاف والتعدد، ويفرضون ثقافتهم على الآخرين تحت عباءة دينية.
وتعالوا نفكر فيما ذُكر في ديباجة الدستور، ونجعله أساسًا للحوار، ونسأل أنفسنا بصراحة: كيف يمكننا أن نحقق ذلك؟. ولماذا لم تتحقق مواد من الدستور حتى الآن؟، وهل نحتاج إعادة مناقشة، أم محاسبة للحكومة؟؟.
إذا لم نتفق على المظلة الحامية للمجتمع التي جاءت في الدستور، فسيكون الحوار عشوائيًّا وفوضويًّا يفرض الرأى فيه الأعلى صوتًا والأكثر تنظيمًا. وعلينا الحذر من حماية الحوار من البعض الذين يرون، وقد يكون بحسن نية، ولكن بخطأ، أن الاستقرار وسلامة المجتمع يأتيان بالسكون وعدم التغيير وتجنب فتح أبواب التعددية.
الأسهل لمَن لا يملك القدرة على إقناع الآخرين أن يسعى للفكر الواحد وفرض الطاعة، وتضييق الاختيارات.
حوار بهذا التوجه سيكون هدفه دعم بقاء الحال كما هو عليه، وكأن التغيير معناه أنهم كانوا على خطأ.
الحقيقة أننى أتفهم فلسفة تدخل الدولة في المرحلة الانتقالية التي تلت مأساة الحكم الدينى لملء الفراغ السياسى خشية الفوضى. وأتفهم أيضًا بحكم الخبرة السياسية أن سلب سلطة بعض مَن تمتعوا بسلطات واسعة في المرحلة الانتقالية لن يكون سهلًا، وسيتمسك الكثيرون منهم بما كان لديهم من سلطات، وهى طبيعة البشر لأنهم مستفيدون من الواقع.
نفس المنطق والفلسفة سيحكمان رجال الدين عندما نطلب منهم أن يغيروا منهج الخطاب الدينى، وهم المستفيدون من وجوده.
التغيير لن يأتى من هؤلاء وهؤلاء أو برضاهم، وهو دور قيادة البلاد السياسية، التي كما استجابت لنداء الشعب في 30 يونيو، فعليها أن تستجيب لحق المواطنين في ترسيخ إرساء قواعد الجمهورية الجديدة المدنية الحديثة، وهو ما أراه في موقف الرئيس بدعوته إلى الحوار.
إن أعمدة الدولة الحديثة تقوم على مبدأين، أولهما العدالة والتطبيق غير الانتقائى للقانون، وثانيهما هو التنمية الإنسانية المستدامة.
إذا كان ذلك مدخلنا للحوار فأهلًا به، إما إن كنا سندور ونلف بهدف الفوز في جدال أو تحقيق أهداف تمكين فئة أو مؤسسة على أخرى أو بقاء الوضع كما هو عليه، فلن ينجح الحوار.
قال لى شاب نابه: إذن أنت تعتبر أن جوهر الحوار سياسى يا دكتور!.
قلت: نعم، نظام الحكم يحدد كل شىء يا بنى.. وإدارة الدولة هي وظيفة حكومتها، ولو فكرنا فيما رسخته الحضارة من خلال التعليم والتجربة، فهو أن تداول السلطة بشكل سلمى وقبول المحاسبية من ممثلى الشعب هو ما يجب أن نتحاور حول كيفية تطبيقه.
وقد علمتنى الخبرة أنه لابد من تحديد التحديات التي تقف أمام قدرتنا على بناء هذا المستقبل، وأعتقد أن ما سيقوض مسار الدولة المدنية الحديثة التي نسعى إليها هو التسلل السلفى الرجعى، الذي سمحنا له أن يحاسب أفراد المجتمع على خصوصياتهم وعلاقتهم بربهم ويفرض عليهم ثقافته بدون تدخل من إدارة البلاد بشكل حاسم وقاطع لحماية أفراده.
إننى أرصد فئتين في المجتمع يعلو صوتهما بضجيج، وتجعلاننا نظن أنهما أغلبية، وهما ليسا كذلك. الإخوان والسلفيون، الذين ثار عليهم المجتمع بعد عام واحد من الحكم الدينى، والناصريون (رغم محبتى واحترامى لأشخاصهم) واليساريون، الذين مازالوا ينادون بمبادئ أُغلق مصنعها في الاتحاد السوفيتى وما زالوا وكلاء له في مصر.. ويريدون العودة بالمجتمع إلى ملكية الدولة لأدوات الإنتاج ونفى القطاع الخاص من المعادلة الاقتصادية واتهامه وتجريمه بصفة دائمة.
لماذا أذكر ذلك في إطار مقال حول الحوار الوطنى، لسببين: أولهما تصدر الناصريين للمشهد فجأة، وجلبهم إلى منصة الحوار بشكل واضح لا يخفى على العين، وثانيهما عدم ذكر الحقيقة الأساسية في فحوى الدعوة إلى الحوار. إن الإسلام السياسى هو المناهض الرئيسى للدولة المدنية الديمقراطية الحديثة.
إن المعاكس للحكم المدنى هو الحكم الدينى، الذي يستخدم الدين والعقيدة لتحقيق سلطات سياسية، ولا يعترف بالمواطنة إلا لمَن يدين بدينه، فهو حكم ديكتاتورى متسلح بالدين.
والمعاكس الآخر هو الحكم الديكتاتورى، الذي يتسلح بأيديولوچيا إنسانية تفرض على الشعب كما كان الحكم الشيوعى الذي فشل فانهار وسقط.
والمعاكس الثالث هو أي نظام حكم ديكتاتورى يتسلح بتخويف الشعب لفرض إرادة فئة منه بالحكم، ويشترك الثلاثة في شىء واحد، هو عدم تداول السلطة سلميًّا إلا بثورات وانقلابات وهدم واغتيالات وهزائم.
كلها نظم حكم تمنع المدنيين بشكل مباشر أو غير مباشر من المشاركة السياسية، وتجهض العمل الحزبى والسياسى حتى لا تكون للقوى المدنية قيمة في أي انتخابات، ويختل التوازن بين السلطات، وتُهمش كافة مؤسسات الدولة.
والخطير أنه بمرور الوقت تصبح حجة البقاء في الحكم وإيقاف تداول السلطة مرتبطين بغياب البديل أو عدم كفاءته، وهو النتيجة الطبيعية لتهميش مؤسسات الدولة المدنية.
قد يحدث كل ذلك في دولة ما أو بعضه، وقد تؤدى الأحداث إليه، ولكن التاريخ يقول إن جميع النظم الديكتاتورية، مهما أنجزت في لحظات، فهى كمَن يبنى قصرًا من رمال على الشاطئ، تنتهى في الأغلب إلى انتهاكات لحقوق المواطنين، وتهدم ما تم إنجازه، وتعود بالبلاد إلى نقطة الصفر مرة أخرى في كل حلقة تطور، وهو ما يجب أن نتجنبه، بل نمنعه في الجمهورية الجديدة.
تكلمت عن الدستور والسياسة، وأعود إلى رؤية مصر 2030، التي أرى أنها يجب أن تكون محور الحوار وإطاره في التنمية المستدامة.
إننى أؤكد أن المعرفة هي عماد هذه التنمية، وهى بوابة العبور إلى مستويات التقدم التي ننشدها، فالمعرفة تنعكس على تطور الاقتصاد والسياسة والمجتمع بأسره وعلى كافة جوانب النشاط الإنسانى، ولقد لعبت المعرفة على مر العصور دورًا حاسمًا في صعود الأمم وهبوطها وصياغة توجهات الحاضر والمستقبل.
محور رؤية البلاد يجب أن يكون إتاحة أفضل الفرص الممكنة لاستغلال الطاقات البشرية من أجل تحقيق مستوى رفاهية أفضل للأفراد.
الإنسان المصرى هو الهدف، وهو أيضًا الأداة الأساسية لتحقيق هذه التنمية. إننى أؤكد أن التنمية بهذا المعنى لا تعنى فقط زيادة الثروة أو الدخل للمجتمع أو حتى الأفراد، وإنما النهوض بأوضاعهم الثقافية والاجتماعية والصحية والتعليمية وتمكينهم رجالًا ونساء، شبابًا وكبارًا، وتفعيل مشاركتهم في المجتمع وحسن توظيف طاقاتهم وقدراتهم لخدمة أنفسهم ووطنهم.
ولا ننسى المواءمة بين التوازنات البيئية والسكانية والطبيعية، والاستخدام الأمثل وبشكل منصف للموارد بحيث تعيش الأجيال الحالية دون إلحاق الضرر بالأجيال المستقبلية.
قلب ما أقول هو أن التعليم هو بوابة المعرفة، والمعرفة هي أساس التنمية وبناء القدرات وتوفير الفرص.
الحوار الوطنى سياسى من الدرجة الأولى، ونظام الحكم هو ما يجعل التنمية، إذا وضعناها أساسًا، ممكنة ومستدامة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.