قائمة المنقولات الزوجية.. عُرف يهودي يتبعه المصريون

يتميز المجتمع المصري بعادات وتقاليد غير متعارف عليها في باقي البلدان العربية خاصة فيما يتعلق بالزواج، ولعل أهم هذه العادات هي «قائمة المنقولات»، التي يعتبرها البعض من أهم أساسيات الزواج، ومن الممكن أن تنهي زيجات بعد أن أوشكت على الإتمام بسبب الاختلاف عليها، فأصبحت عادة تتناقلها الأجيال تُبنى على إثرها بيوت أو تهدم علاقات لم تبدأ بعد، دون أن نعرف أصل قائمة المنقولات ومن الذي أدخلها في المجتمع المصري.
قائمة المنقولات عرف يهودي
في إحدى حلقات برنامج «الجمعة في مصر» الذي كان يذاع على فضاية «MBC مصر»، من العام الماضي، قال الدكتور أشرف تمام، رئيس مركز المعلومات واتخاذ القرار الأسبق بمجلس الوزراء، إن قائمة المنقولات الزوجية يرجع أصلها في مصر منذ ما يقارب 850 عامًا، إذ كان اليهود يعيشون في مصر، مشيرًا إلى أن هذا العرف انتقل بين المصريين مع مرور القرون حتى وصل إلى زمننا هذا.
وأضاف «تمام» أن قائمة المنقولات الزوجية ظهرت عندما كانت تتزوج اليهوديات من المسلمين، ولا يجوز للمرأة اليهودية أن ترث من زوجها حال وفاته وفقًا للشريعة اليهودية، لذا لجأن إلى وضع قائمة المنقولات الزوجية.
أصل القصة
ذائع بين المجتمع المصري أن قائمة المنقولات الزوجية ظهرت تزامنًا مع تمسك عدد كبير من الرجال بحق التعدد، فكان يجوز للرجل الزواج من مسلمة وأخرى يهودية في آن واحد، بينما لم يكن هذا ما تنص عليه الشريعة اليهودية، وهذا ما كان يمثل تهديدًا لاستقرار الحياة الزوجية للمرأة اليهودية حال اعتراضها على زواج الرجل مرة أخرى.
لم تجد الزوجة اليهودية حلًا لما يؤرق دوام حياتها الزوجية سوى إجبار الزوج على كتابة قائمة منقولات زوجية تضمن جميع المنقولات والمشغولات الذهبية الخاصة بها، ويحق لها أن تستردها حال طلاقها عند رفضها التعدد، فأصبحت تلك الورقة هي الحائل بين الرجل والزواج مرة أخرى.
وانتقل هذا العُرف من العائلات اليهودية إلى المسلمين الذين كانوا يقطنون مع بعضهم البعض وتجمعهم الجيرة، ولم يندثر مع رحيلهم عن مصر عام 1952 بل صارت هذه الورقة التي ابتدعتها طائفة صغيرة جزءًا أساسيًا تتوقف عليه زيجات داخل مجتمع بأكمله.
قائمة المنقولات الزوجية في الإسلام
يقول الشيخ عبدالعزيز النجار، أحد علماء الأزهر الشريف، إن قائمة المنقولات هي أمر جديد وحديث لم يكن موجود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة أو التابعين، إذ كان الرجل يعطي المرأة التي يريد نكاحها مهرًا يحدده ويتراضى عليه الطرفان كاملًا، ويقوم هو بتأسيس بيته وتذهب الزوجة إليه بدون منقولات، فلم يكن هناك ما يعرف بقائمة المنقولات الزوجية.
وأضاف في تصريحات ل«المصري اليوم»، أنه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك توثيقًا بالكتابة لا لعقد الزواج ولا قائمة المنقولات ولا قسيمة الطلاق، لأن الناس حينها كانوا يؤتمنون على الأموال والأعراض، أما الآن بعد أن تعود الناس على الإفتراء وأكل أموال الناس بالباطل، صار الضامن الحقيقي لحقوق كل من الرجل والمرأة هو الكتابة والتوثيق، خاصة حقوق النساء المعنوية والمالية.
وأوضح «النجار»، أن الإسلام جعل للمرأة ذمة مالية خاصة بها وفرض لها الصداق أو ما يسمى بالمهر، وهي الوحيدة صاحبة الحق بالتصرف به، ولكن اختلف الوضع الآن، إذ تشارك الزوجة في تأسيس منزل الزوجية، لذلك يصبح كل ما جاء به الزوج من أثاث وأدوات، بالإضافة إلى كل ما جلبته هي من مالها الخاص أو مال أبيها، حق لها دون غيرها ولابد أن يكتب ويوثق هذا حتى نحافظ على حقوق المرأة، إذ تعتبر المنقولات التي آتى بها الزوج هي مهر لها.
وأكد عضو الأزهر الشريف، إنه من حق الزوج أن لا يكتب قائمة منقولات زوجية، ولكن في حالة واحدة فقط وهى أن يقوم هو بتأسيس منزله كاملًا من ماله، وأن يعطي الزوجة مهرًا خالصًا لها، وفي هذه الحالة لا يحق لها أن تطلب شيئًا لأنها حصلت على حقها الشرعي من المهر كما أنها لم تنقل من مالها أو مال أبيها إلى منزل الزوجية شيئًا.
وأشار في نهاية حديثه إلى أن الإسلام لم يمنع ميسور الحال أن يعطي مهرًا للزوجة حتى إن كان قنطارًا من الذهب، ولكن أيضًا حث الشباب على التيسير حتى لا تنتشر العنوسة أو تشيع الفاحشة في المجتمع، مستدلًا في حديثه على أن الرسول الذي لم يحدد نهاية للمهر هو الذي زوج شاب على ما معه من القرآن وهو الحد الأدنى للزواج، فإذا كان الرجل ميسور الحال فلا بأس بأن يعطي المرأة ويرضيها فهى شريكة حياته، أما إذا كان شخص على خلق ودين ولكن لا يلمك المال فعلى الزوجة مراعاة ظروفه والتنازل عن أشياء من الممكن الاستغناء عنها.
دار الإفتاء توضح حكم الشرع في قائمة المنقولات الزوجية
ورد سؤال إلى دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي، يقول صاحبه: «ما هو حكم الشرع في قائمة المنقولات المنزلية داخل منزل الزوج، وما هو بيان شرعية إمضاء الزوج على هذه القائمة التي سوف يحضرها أهل العروس؟».
أجابت الأمانة العامة لدار الإفتاء المصرية، على السؤال السابق قائلة: «لا ححرج شرعًا في الاتفاق على قائمة العفش عند الزواج، ولا بأس بالعمل بها، فهي مما تعارفت عليه الناس في بلادنا، والعرف أحد مصادر التشريع الإسلامي ما لم يَتعارض مع نص من كتاب أو سنة أو إجماع، مع التنبيه على عدم إساءة استخدامها.
عقوبة تبديد المنقولات الزوجية في القانون
تنص المادة 341 من قانون العقوبات على أنه: كل من اختلس أو استعمل أو بدد مبالغ أو أمتعة أو بضائع أو نقودا أو تذاكر أو كتابات أخرى، مشتملة على تمسك أو مخالصة أو غير ذلك إضرارًا بمالكيها أو بأصحابها أو واضعي اليد عليها، وكانت الأشياء المذكورة لم تسلم له إلا على وجه الوديعة أو الإجازة أو على سبيل عارية الاستعمال أو الرهن أو كانت سلمت له بصفة كونه وكيلًا بأجره أو مجانًا بقصد عرضها للبيع أو استعمالها في أمر معين لمنفعة أو المالك لها أو غيره، يحكم عليه بالحبس ويجوز أن يزداد عليه غرامة لا تتجاوز مائة جنيه مصر.
ووفقًا للمادة 341، فإنه يعاقب بالحبس لكل من بدد قائمة منقولات، لمدة قد تصل إلى 3 سنوات وبالغرامة، كما تنقضي الدعوة الجنائية في الجنح بمرور ثلاث سنوات من واقعة التبديد، كذلك يسقط حكم تبديد المنقولات بمرور 5 سنوات من وقت حكم العقوبة.