تنسيق الجامعات.. دليلك لاختبارات القدرات بكلية الفنون الجميلة بالزمالك    القضاء الإداري يتلقى 40 طعنا ضد المرشحين فى انتخابات مجلس الشيوخ    «قائمة المفاجآت» فى انتخابات الشيوخ    القصة الكاملة لانسحاب المعونة «الأمريكية» من مصر    «حسم» وسرايا أنصار السنة عودة الأجندات المشبوهة    تراجعت جنيهين، أسعار الدواجن اليوم الأحد 13-7-2025 في محافظة الفيوم    اتحاد الشركات يرصد أهمية وتغطيات التأمين على المباني والمنشآت ضد الحريق    الفقاعة الكروية تزيد جراح الرياضة المصرية    البكالوريا «المُعدلة برلمانيًا»!    حريق سنترال رمسيس ليلة «خارج الخدمة»    المهرجان القومي للمسرح يعلن تشكيل لجنة تحكيم مسابقة التأليف    عبد الحليم حافظ يرفض العالمية بسبب إسرائيل    ختام ناجح لدورة جمعت بين الجرأة الفنية والتنوع الإقليمى    النسوية الإسلامية.. (الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ): خاتم الأنبياء.. وهجرة الرجال والنساء! "131"    الرعاية الصحية: تكلفة تشغيل التأمين الشامل بمحافظات الصعيد تجاوزت 27.5 مليار جنيه حتى الآن    الإسماعيلية تكثف فعاليات 100 يوم صحة تزامنا مع اليوم العالمي للأمراض المزمنة (صور)    مباحثات لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي بين جامعتي القاهرة وجنوب الصين الزراعية    وزارة العدل الأمريكية تقيل 20 موظفا عملوا على تحقيقات ضد ترامب    مستوطنون يحرقون بركسا زراعيا في دير دبوان شرق رام الله وسط الضفة    طقس الإسكندرية اليوم.. شديد الحرارة ونشاط للرياح مع ارتفاع موج البحر    البحيرة.. فريق طبي بمستشفى وادي النطرون ينجح في إصلاح اعوجاج انتكاسي بالعمود الفقري لمريضة    كامل الوزير يترأس الجمعية العامة القابضة للنقل ويعلن: 24.5 مليار جنيه إيرادات مستهدفة    10 شهداء بينهم أطفال في مجزرة إسرائيلية استهدفت منزلا جنوب النصيرات    تأجيل الانتخابات المحلية ودمجها مع التشريعية والرئاسية في إفريقيا الوسطى    الغربية تتصدر مشهد التميز في التعليم الفني.. ثلاث طالبات من عروس الدلتا يحصدن المراكز الأولى على مستوى الجمهورية    اسعار الدولار اليوم الاحد 13 يوليو 2025.. بكام النهاردة ؟    نهائي كأس العالم للأندية.. التشكيل المتوقع لمباراة تشيلسي و باريس سان جيرمان    كوريا الشمالية تزود روسيا ب12 مليون قذيفة مدفعية    مصرع شخصين إثر تصادم سيارة ربع نقل ودراجة بخارية بقنا    حدث وسط غزة .. سقوط 10 شهداء بينهم أطفال فى مجزرة إسرائيلية استهدفت منزلا جنوب النصيرات    موعد طرح فيلم «روكي الغلابة» بطولة دنيا سمير غانم    في جولة ليلية مفاجئة.. محافظ الغربية يتفقد شوارع طنطا لمتابعة النظافة والإشغالات    "سيتجه للتدريب".. لاعب الأهلي السابق يعلن اعتزاله كرة القدم    مأساة نص الليل.. غرق سيارة ملاكي في نكلا بالجيزة- صور    إتحاد عمال الجيزة يطلق حوارا مباشرا مع اللجان النقابية لبحث التحديات    أسعار البيض اليوم الأحد 13 يوليو    نصف ساعة تأخير في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية»    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الأحد 13-7-2025 بعد هبوطه الأخير في 7 بنوك    والده يعشق الكاراتيه وأزمة بسببه.. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة وسام أبو علي    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    وكالة فارس: الرئيس الإيراني أُصيب في هجوم إسرائيلي استهدف اجتماعا سريا للأمن القومي في 16 يونيو    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    أونانا خارج حسابات مانشستر يونايتد في جولة أمريكا استعدادًا للموسم الجديد    اللقب الثالث تواليا يضيع.. الشرطة بقيادة مؤمن سليمان يودع كأس العراق بركلات الترجيح    تامر أمين يهاجم مظاهر التباهي الفارغ في الساحل الشمالي: المجتمع المصري عمره ما كان كدا    23 متهمًا للمحاكمة في خلية اللجان النوعية| اليوم    نجاح فريق الجراحة بمستشفى الفيوم العام في إنقاذ طفل بعد انفجار بالأمعاء الدقيقة    مغلق من 13 عامًا.. عمرو سمير عاطف: غياب قصر الثقافة حرم أجيالًا من الفن والمسرح    رسالة جديدة من مودريتش بعد رحيله عن ريال مدريد    «زي النهارده».. وفاة كمال الدين رفعت أحد الضباط الأحرار 13 يوليو 1977    ضرورة إصلاح الأمم المتحدة في عامها الثمانين    انفراجة حقيقية في الأوضاع المالية.. حظ برج الدلو اليوم 13 يوليو    عمائم زائفة    يمنع امتصاص الكالسيوم.. خبيرة تغذية تحذر من الشاي باللبن    بتهمة تجارة المخدرات.. المشدد 6 سنوات لسائق توك توك في الوراق    هل الوضوء داخل الحمام صحيح؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إمبراطورية الميكروباص: بين التحديث والتطويع
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 11 - 2021

تشير الإحصائيات إلى أن نسبة مشاركة الميكروباص فى نقل حركة الركاب فى القاهرة الكبرى تتراوح ما بين 45 و50 فى المائة من مجموع الرحلات اليومية، التى تُقدر بحوالى 22 مليون رحلة، وتصل نسبة إسهامه فى نقل الركاب فى عواصم المحافظات إلى مستويات أعلى من ذلك بكثير، نتيجة انخفاض ملكية السيارات وقلة وسائل النقل العام.
وخدمة الميكروباص بوضعها الحالى تقع ضمن خدمات النقل الجماعى غير المنظم بالشكل الكافى، والذى
تسعى الحكومة إلى تطويعه والسيطرة عليه وتحديثه، وهناك تقدير كبير لمجهودات الحكومة فى مشروع تحديث أسطول الميكروباص، وإدخال وحدات جديدة تعمل بالغاز الطبيعى لتحل مكان الوحدات القديمة المتهالكة، التى يزيد عمر بعضها على أربعين عامًا.
وتكمن المشكلة فى أن محافظات كثيرة، ومنذ أكثر من عشرين عامًا، قد حددت الأعداد القصوى لما يمكن ترخيصه من المركبات الجديدة، لتبقى الوحدات القديمة هى الغالبة، وتبقى عملية الاحتفاظ باللوحات المعدنية سارية، مهما طال عمر المركبة، وبحيث تلغى فقط مع وصول المركبة إلى حالة الانهيار الكامل، حيث لم تُتِحْ القواعد وقتها أن تتم إعادة استخدامها مع سيارات جديدة، بموتور مختلف.
ومع الوقت، تقادم عمر الأسطول، فى المدن الرئيسية، وداخل المحافظات، وفيما بينها، ولم تَنْجُ القاهرة الكبرى والإسكندرية من هذه الظاهرة، التى ألقت بظلالها على المشهد العام، والذى أضحى يموج بأسطول قديم ومتهالك، وغير آمن، من المركبات كثيرة الأعطال، التى ترتع فى طرقات المدن الرئيسية والمحافظات.
أدركت هذه المشكلة عندما كنت محافظًا للفيوم فى عام 2008، وقررت مواجهتها، فاتحًا الباب لأصحاب الميكروباصات القديمة لامتلاك أخرى جديدة، استثناءً من قرار حظر إعادة الترخيص، من أجل السماح، وبضوابط مالية تتماشى مع القانون، بإضافة مركبات إلى الأسطول الحالى، الذى كان أكثر من نصفه قد تهالك تمامًا وتوقف بالفعل، وللأسف فإن نجاح التجربة لم يستمر طويلًا، فقد داهمتنا أحداث يناير 2011 وانتهى المشروع، بعد مظاهرات ووقفات مستمرة، ضمن مظاهرات ووقفات فئوية عديدة أخرى، مطالبة بفتح الباب للترخيص الجديد، ودون أى ضوابط، وهو ما تعذَّر تنفيذه.
مع بداية مسؤولياتى، محافظًا للقاهرة فى عام 2013، عاد اهتمامى بظاهرة تهالُك أسطول الميكروباص، والمشكلة كانت أضخم بكثير فى القاهرة، وتحتاج إلى تعامل مختلف، وتكاتف أكثر من جهة فى تنفيذ المشروع، ولحسن الحظ، حظى المشروع باهتمام كبير من الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة البيئة حينئذ، ومن الدكتور خالد فهمى، الذى حل محلها وزيرًا للبيئة عندما تم تكليفها هى بملف آخر، هو مواجهة العشوائيات، وكان هناك اهتمام مشابه من الصندوق الاجتماعى، برئاسة الصديقة النشيطة، غادة والى، وعندما تولت حقيبة التضامن الاجتماعى حل محلها فى الصندوق الاجتماعى، وبنفس القدر من النشاط، السيدة سهى الدماطى، وتلتهما الدكتورة نيفين جامع، قبل أن تترك الصندوق وتصبح وزيرة للتجارة والصناعة.
ومؤدَّى ما توصلنا إليه هو أن المطلوب مساعدة الراغبين فى المشاركة فى مشروع تحديث الأسطول، والتخلِّى عن سياراتهم المتهالكة، وأن ذلك يمكن أن يتحقق إذا تم الحصول على أسعار منخفضة للشراء المُجمَّع من المُورِّدين، والاحتفاظ بأرقام السيارات، والتأكد من التخلص الآمن من المُحرِّكات القديمة، وتقديم دعم عينى من المحافظة، ومن وزارة البيئة، ويزداد الدعم حال كان الموتور الجديد يعمل بالغاز، وإتاحة قروض بشروط مُيسَّرة لمَن يرغب، وبضمان المركبة، وانطلق المشروع بطيئًا فى بداياته، ومُحقِّقًا تسارعًا ملحوظًا، وتم تسليم مئات السيارات الجديدة إلى المشتركين من أصحاب السيارات المتهالكة، التى حرصنا على تقطيعها تمامًا، والتخلص من محركاتها، خوفًا من عودتها مرة أخرى.
الانطباع الذى أشعر به الآن هو أن المشروع قد أصبح من المشروعات التى تحظى باهتمام كبير، وتخطَّى، وبوضوح، مرحلة المبادرات الاسترشادية لمسؤول هنا أو مسؤول هناك، وأصبح من المشروعات المهمة للحكومة ككل، وتجرى متابعته بشكل دورى ومؤسَّسى، وبخبرتها السابقة فى الصندوق الاجتماعى، ترعى الوزيرة نيفين جامع المشروع وتهتم به، كما تهتم به المحافظات، ويسير بخطوات متميزة، مُخلِّفًا مظهرًا حضاريًّا جديدًا للقاهرة الكبرى والمدن الرئيسية، وعلى مستوى كل المحافظات.
وقد يكون من المفيد فى النهاية إعادة طرح مبادرة أخرى، سبق تداولها، من أجل تطويع خدمات الميكروباص والسيطرة عليها، ومن شأنها أن تسهم فى تحسين الخدمة التى يقدمها الميكروباص فى المدن الكبرى، والقاهرة على رأسها، وتتلخص فى إصدار تشريع مؤدّاه ضرورة تكوين شركات مساهمة تضم مُلاك هذه الميكروباصات كمساهمين فيها، وبحيث تتناسب حصة كل منهم مع حجم ما يمتلكه من أسطول، وتكون لهذه الشركات مجالس للإدارات، وإدارات فنية محترفة ومسؤولة. إن تنفيذ هذا المقترح من شأنه أن تتعامل الجهات المنظمة والمراقبة للنشاط الذى تقدمه الميكروباصات مع كيانات محدودة العدد وتدرك مسؤولية الدور المنوط بها، ومن السهل فى هذه الحالة إدخال هذه الشركات والاعتماد عليها فى وضع خطط لدور هذه الأنماط من المركبات فى تقديم خدمة النقل الجماعى المنظم ومراقبة التعريفة والسيطرة على عشوائية الأداء، وكلها ظواهر نعانى منها حاليًا.
وفيما يخص القاهرة الكبرى والإسكندرية تحديدًا، من المفيد الإشارة إلى أن تحجيم دور الميكروباصات يتأتى كلما تمت إتاحة خدمات نقل عام منظم وسريع وعالى السعة مثلما هو الحال فى المشروعات الجارى تنفيذها فى القاهرة، وتتمثل فى إضافة خطوط جديدة لمترو الأنفاق (الخطوط من الرابع حتى السادس)، وتحسين خطوط المترو الحالية، (الخطوط من الأول حتى الثالث)، وتنفيذ مشروع خطَّىْ المونوريل إلى أكتوبر والعاصمة الجديدة، وكذلك مشروعات تطوير شبكة النقل العام، وبالمثل وفى الإسكندرية، فإن التحديث الكامل لخط أبوقير، وإعادة إنشاء ترام الرمل، وتطوير أسطول هيئة النقل العام الحالى، كل ذلك من شأنه أن يخصم من رصيد أحجام الحركة على خطوط الميكروباص، ويقل تأثيرها فيما يخص الارتباك الذى تُحدثه فى الشارع المصرى.
الخلاصة هى أن السيطرة الممكنة على إمبراطورية الميكروباص أساسها تحديث الأسطول من ناحية، وتطويع وتطوير الخدمات من حيث التوسع فى المشروعات الضخمة التى تتيح وسائل نقل عام حديثة، ومنظمة، وعالية السعة، وهو التوجه الذى من شأنه تقليل الطلب على خدمات الميكروباص، ومن ثَمَّ إمكانية السيطرة على توحشه الحالى، وكذلك إدماج المركبات الحالية ذات الملكيات المُفكَّكة والمنفلتة فى كيانات أكبر، مثلما هو الحال فى انضمامها إلى عدة شركات مساهمة ذات إدارات مسؤولة، تتعامل معها الجهات المنظمة وتنظم أعمالها بشكل أفضل، ويُغنى عن آلية التعامل مع كيانات فردية غير منظمة وغير مسؤولة، ثبت أن السيطرة عليها دون تنظيم مؤسَّسى هو أمر شبه مستحيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.