فشلت محافظة الإسكندرية في اختبار «نوّة المكنسة» التي ضربت بعنف على مدار الأيام الماضية، وأغرقت شوارع المدينة العريقة رغم إنفاق مليار جنيه على مشروعات الصرف الصحى طبقا للبيانات الرسمية، وتنتظر الإسكندرية 13 نوة أخرى ما بين متوسطة وشديدة، فيما كشف خبراء ونواب برلمان أن الوضع بالمحافظة «مأساوى للغاية»، مطالبين بضرورة التدخل العاجل لإنقاذ البنية التحتية. ورغم تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من هطول الأمطار بشكل كثيف على عدد من المحافظات، من بينها القاهرةوالجيزة ومطروح وعدد من محافظات الدلتا، إلا أن الوضع كان مأساويا في أسوان، التي شهدت سيولا أدت لانهيار عشرات المنازل وسقوط الأشجار وأعمدة الإنارة وتضررت عشرات الأسر، كما ضربت مياه الأمطار مدن وشوارع 8 محافظات أخرى، وساهم انتشار سيارات شفط المياه والكساحات التابعة لوحدات التنمية المحلية في تقليل حجم الأزمة. وكشفت أرقام وزارة الإسكان عن تنفيذ 256 مشروعاً لمياه الشرب، وصرف صحى بتكلفة استثمارية 17.5 مليار جنيه بمحافظاتالقاهرة- الجيزة- القليوبية- الإسكندرية، وذلك خلال الفترة من 2014 وحتى 2021، موزعة كالتالى 29 مشروعاً للصرف الصحى، ومشروع لمياه الشرب، بالقاهرة، و45 مشروعاً للصرف الصحى، و12 مشروعاً في الجيزة، و121 مشروعاً للصرف الصحى، و28 مشروعاً للقليوبية، وأخيرا 13 مشروعاً للصرف الصحى، و7 مشروعات لمياه الشرب بالإسكندرية بتكلفة حوالى مليار جنيه للمحافظة الأخيرة. من جهته، أكد حسن الفار، رئيس الجهاز التنفيذى لمياه الشرب والصرف الصحى، أن الإسكندرية كان لديها شبكة قديمة لتصريف مياه الأمطار، لكن تم غلقها منذ فترة، بالتزامن مع التجديدات التي حدثت في الكورنيش والشوارع الرئيسية، ويجرى دراسة إعداد شبكة جديدة، وأضاف «الفار» ل«المصرى اليوم» أن جميع شبكات الصرف الصحى مصممة لمعالجة مياه الصرف الصحى، وغير مخصصة لاستقبال مياه الأمطار، إذ إن زيادة معدل تساقطها ودخولها شبكات الصرف الصحى يمثل عبئًا على الشبكات ويؤدى إلى إهلاكها، خاصة أن الشبكة مخصصة لتحمل حجم مياه محدد فقط، ولا يمكنها تحمل أي عبء إضافى. وأشار «الفار» إلى أنه حال تراكم الأمطار بشكل متزايد تضطر شركة الصرف الصحى إلى قطع المياه بهذه المناطق حتى تسمح بمرور كميات المياه إلى شبكة الصرف، وهذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع الأمر، رغم أن ذلك يضر بالشبكة، مؤكدًا أن «النوّات» وحجم المياه التي تسقط على المحافظات، خاصة «الإسكندرية والبحيرة»- الأكثر تضررًا، زادت بشكل كبير خلال السنوات ال5 الماضية، لذا يتم إعداد دراسة لإنشاء شبكة خاصة للمطر بالإسكندرية، بعيدًا عن شبكات الصرف الصحى، موضحا أن الشركة حصلت على مليار جنيه لزيادة خطوط الشبكة، ووضع العديد من «الترمبات» خلال العام الجارى. في الإسكندرية، ربما كان مفاجئا مشاهد غرق المحال والسيارات جراء مياه الأمطار، فضلا عن التكدس المرورى، وإغلاق الشوارع، وتعطيل المدارس، نتيجة تراكم كميات كبيرة من المياه في الشوارع الرئيسية والأنفاق، خاصة في وقت الذروة، تزامنًا مع خروج العاملين من المؤسسات والمصالح الحكومية. بدوره، قال محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، إن كميات الأمطار المتساقطة كانت أكثر من المنسوب المعتاد عليه كل عام في «نوة المكنسة»، لافتًا إلى أن الأجهزة التنفيذية تواصل العمل لنزح المياه من جميع الشوارع والميادين والأنفاق. وأضاف أن الرئيس السيسى خصص، في مارس الماضى، 300 مليون جنيه لعمل الإصلاحات المؤقتة لشبكات الصرف الصحى للمناطق التي تضررت من النوّات في هذا الوقت، مؤكدًا أن الطاقة الاستيعابية لشبكات الصرف الصحى بالمحافظة مليون و900 ألف متر مكعب. في المقابل، أكد د. أسامة عقيل، أستاذ الطرق والكبارى بكلية هندسة عين شمس، ل«المصرى اليوم»، أن تراكمات المياه تحدث نتيجة عدم قدرة مواسير الصرف على استيعاب كمية الأمطار المتساقطة، حيث لا يوجد مواسير، خاصة في أي من مدن الجمهورية لتصريف مياه الأمطار، فالنظام المستخدم في جميع الطرق هو النظام المشترك، أي أن بلاعات الصرف الصحى ومحطات الرفع هي التي تتولى مهمة التصريف، وفى بعض المناطق تكون بلاعات الصرف مسدودة أو غير موجودة أو تحتاج إلى صيانة. وأضاف «عقيل» أنه تم اللجوء إلى هذا النظام، نظرا لزيادة تكلفة إعداد شبكة خاصة لتصريف الأمطار، وبالتالى في أيام النوات يهطل المطر بشكل متزايد وغير متوقع ولا تتمكن شبكات الصرف ومحطات الفرع من استيعاب هذا الكم من المياه، وتابع: «كذلك لم يتم الأخذ في الاعتبار إعداد شبكات صرف خاصة للأمطار في إنشاء الطرق الجديدة أو المدن الجديدة، وذلك لأن هذه الشبكات عالية التكلفة، وتحتاج إلى تواجد دائم للمياه فيها، وفى حالة عدم وجود مياه في المواسير يحل محلها الفئران التي تتغذى على المواسير وبالتالى تتعرض للتلف، لذا فإن الحل يكمن في رفع كفاءة محطات رفع الصرف الصحى وتدعيمها». ووصف «عقيل» الوضع في الإسكندرية بالمأساوى، لذا يجب توفير بديل لتصريف مياه الأمطار إلى البحر وذلك من خلال إنشاء بلاعات خاصة لهذا الأمر، مثلما كان معمولًا به في السابق، حيث إن وزارة البيئة ترفض هذه الآلية. وقال النائب عمرو درويش، أمين سر لجنة التنمية المحلية، إنه ستتم مساءلة المسؤولين في الجهات المحلية عن المشاهد التي تم تداولها بخصوص تراكم المياه في الإسكندرية، ولفت إلى أنه طالب في عدة اجتماعات بإعادة فتح شبكة تصريف المياه، خاصة أن هناك خرائط لدى الجهات التنفيذية بموقع هذه المصارف.