وسط ترحيب إفريقى وإقليمى ودولى، مثّل توقيع رئيس مجلس السيادة الانتقالى بالسودان، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء السودانى، الدكتور عبدالله حمدوك، على الاتفاق السياسى، انفراجة فى الأزمة السياسية التى يشهدها السودان منذ 25 أكتوبر الماضى، عقب قرارات حل مجلسى «السيادة والوزراء»، وتجميد الوثيقة الدستورية، وفرض حالة الطوارئ فى أنحاء البلاد. وأبدى عدد من القوى السياسية السودانية وحركات التحرر المسلح ترحيبها بالاتفاق الذى تم أمس الأول، فيما ترفضه قوى أخرى على رأسها المجلس المركزى لقوى الحرية والتغيير، وحزب الأمة القومى السودانى. وشدد «البرهان»، خلال لقاءٍ مع نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية الكونغولى، كريستوف أبالا، بالقصر الجمهورى، على ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لاستكمال عملية السلام، وإنجاح الفترة الانتقالية والتحول الديمقراطى، وكذا أهمية عودة السودان للأسرة الإفريقية، وإزالة الفهم المغلوط عن الخطوات الأخيرة التى وضعت الثورة فى مسارها الصحيح. ونقل «أبالا» تحية الرئيس الكونغولى، رئيس الدورة الحالية للاتحاد الإفريقى، فيليكس تشسكيدى، لرئيس مجلس السيادة، وقال فى تصريحات عقب اللقاء: «ما حدث اليوم هو تحول تاريخى للشعب السودانى بعد الخلل البسيط الذى أصاب مسار الانتقال الديمقراطى، وقد تم إصلاحه بالتوقيع على الاتفاق السياسى التاريخى المهم الذى وضع حلاً للأزمة ووضع المسار الصحيح لعملية الانتقال تحت رعاية الاتحاد الإفريقى». وأعلن التحالف الديمقراطى للعدالة الاجتماعية ترحيبه بالخطوة التوافقية التى توصلت لها مكوّنات المرحلة الانتقالية، ممثلة فى القوات المسلحة السودانية والقوى السياسية، للخروج من الأزمة السياسية وحالة الانسداد التى مرّت بها البلاد، وفقدت خلالها أرواحًا عزيزة من أبناء الوطن. بدوره، أشار الأمين السياسى لحركة العدل والمساواة، سليمان صندل، إلى أن الأزمة التى نشأت بين أطراف إدارة الفترة الانتقالية، تم طيها، بمجرد التوقيع على الاتفاق السياسى، ليصبح الوطن هو الرابح فى النهاية. وأوضح نائب أمين إعلام «العدل والمساواة»، حسن إبراهيم فضل، أن الحركة تتقدم بخالص التقدير لكل الذين بذلوا الجهد وسعوا بجد فى تقريب وجهات النظر، للوصول إلى اتفاق سياسى واحد، يأمل الجميع أن يكون نقطة جامعة للمضى قدمًا فى إصلاح مسار الانتقال الذى يفضى إلى إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تُؤسس لحكم راشد، ودولة مؤسسات. وفى سياق ردود الأفعال الرافضة للاتفاق، أكد تجمع المهنيين السودانيين، فى بيان، أن الاتفاق الموقع بين «حمدوك والبرهان» مرفوض جملة وتفصيلًا، ولا يخص سوى أطرافه، فهو مجرّد محاولة باطلة لشرعنة قرارات رئيس مجلس السيادة، وسلطة المجلس العسكرى، وانتحار سياسى لرئيس الوزراء. وتابع التجمع: «نقاط اتفاق الخنوع- على علاتها وانزوائها بعيدًا دون تطلعات شعبنا- فإنها لا تعدو كونها حبرًا على ورق، فقد جرّب شعبنا عهود الانقلابيين الكاذبة، وخبر خسّتهم ونقضهم لها، وطريقه أصبح أكثر وضوحًا من أى وقت مضى، لإسقاط شراكة الدم وكل من يلتحق بها، ومواصلة المقاومة السلمية ببناء قواعده المقاوِمة فى لجان الأحياء والكيانات النقابية، وتنويع أدوات الفعل المقاوم بلا توقف وصولًا للدولة المدنية الديمقراطية وسلطتها الثورية الخالصة.. وهذا الاتفاق الغادر هو تلبية لأهداف معلنة فى إعادة تمكين الفلول، وخيانة لدماء شهداء ثورة ديسمبر قبل وبعد انقلاب 25 أكتوبر، يقيننا أن شعبنا سيبطله وسيواصل وقوفه الصامد بوجه عواصف القمع والانتكاس، التى تحاول إعادته للوراء، منصوب الشراع. وأكد التجمع تمسّكه بمقترح الإعلان السياسى الذى تقدم به لقوى الثورة، ودعا فى الوقت ذاته كل قوى الثورة لإعادة قراءته على ضوء المستجدات، وأضاف: «فثورة شعبنا ليست رهنًا لأفراد». وفى سياق ردود الأفعال الدولية، أعلن وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، أن بلاده ترحب بخارطة الطريق التى أعلنها رئيس الوزراء السودانى لحماية التحول الديمقراطى فى بلاده. ورحبت دول الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) والاتحاد الأوروبى وسويسرا، بالاتفاق الذى تم بموجبه إعادة «حمدوك» رئيسًا لوزراء الحكومة الانتقالية، وكذا تجديد الالتزام بالإعلان الدستورى لعام 2019، بوصفه أساس الانتقال نحو الديمقراطية. فى سياق متصل، أكد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو، تقديم كل الدعم والمساندة لقوات الشرطة لتمكينها من أداء دورها باحترافية ومهنية، بسطاً للأمن وحفاظاً على أمن وسلامة المواطن ومنعًا للجريمة وترسيخًا لسيادة حكم القانون. وقال دقلو خلال لقائه مع ضباط الشرطة السودانية من رتبة عميد فما فوق إن الشرطة تعرضت لضغط كبير خلال الفترة الماضية، غير أنها ظلت صامدة تؤدى دورها المنوط بها، وحيّا سيادته الضباط وضباط الصف والجنود من قوات الشرطة المنتشرين فى ربوع البلاد كافة.
