رغم استمرار مفاوضات الدوحة… الاحتلال الصهيونى يخطط لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة    غزة: الاحتلال يشن حرب تعطيش ممنهجة ويرتكب 112 مجزرة بحق طوابير تعبئة المياه    الأهلي يبدأ اليوم الاستعداد للموسم الجديد من ملعب التتش    بالميراس يرفض العروض الأوروبية ويتمسك ب30 مليون يورو لبيع ريوس    ضبط 5482 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    ضبط 10 أطنان من الدقيق في حملات لشرطة التموين خلال 24 ساعة    مهرجان للفنون والحرف التراثية في قنا    رئيس المركز الكاثوليكي للسينما يكشف تطورات حالة الفنان لطفي لبيب الصحية    فيديو.. طبيب مصري يتحدث عن أصعب حالة قابلها في غزة    حزب الوعي: مشاركة مصر في القمة التنسيقية الإفريقية تؤكد ريادتها    مفاوض أوروبي: الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على واردات الاتحاد الأوروبي ستعيق التجارة    وزير الدفاع الألماني يبحث في واشنطن دعم أوكرانيا والتعاون في الناتو    قرار جديد من جامعة حلوان بشأن تنظيم حفلات التخرج    انخفاض العدس.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق اليوم (موقع رسمي)    "النادي اتخطف".. نجم الزمالك السابق يفجر مفاجأة: رئيس القطاع أهلاوي    قبل الإعلان الرسمي.. تسريب صفقة الأهلي الجديدة من ملعب التتش (صورة)    فليك يبدأ الإعداد للموسم الجديد ببرنامج بدني مكثف في برشلونة    التضامن: صرف "تكافل وكرامة" عن شهر يوليو بالزيادة الجديدة غدًا    ميكنة المدفوعات.. بروتوكول بين البنك الأهلي ووزارة التربية والتعليم    "مقيد اليدين ومربوط بحجر".. الكشف عن هوية قتيل كفر الطراينة بالمنوفية    ضبط سائق بشركة نقل ذكي بتهمة التعدي على سيدة وصديقتها بالسب والضرب بالقاهرة    وزير الخارجية والهجرة يلتقي بممثلى كبرى الشركات الخاصة وأعضاء الغرفة التجارية في مالابو ويبحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وغينيا الاستوائية    مصروفات مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا 2026 -تفاصيل    هشام جمال: "سمعت صوت حسين الجسمي أول مرة وأنا عندي 14 سنة"    الأوبرا تعلن المحاور البحثية لمؤتمر مهرجان الموسيقى العربية في دورته 33    موعد شهر رمضان المبارك 2026: فاضل فد ايه على الشهر الكريم؟    أستاذ بالأزهر: الشائعة قد تفرق بين زوجين.. وقد تصل إلى سفك الدماء    محافظ سوهاج يوجه بخفض مجموع القبول بمدارس التمريض بنات مع بدء التنسيق    الصحة توزع 977 جهاز أكسجين منزلي لمرضى التليف الرئوي    بعد استيرادها.. ماذا تعرف عن منطقة أم صميمة السودانية؟    بنسبة نجاح 70.47%.. نتيجة الدبلوم الصناعي دور أول برقم الجلوس 2025 (الرابط والخطوات)    افتتاح السوق الحضري الجديد ب ميدان المجذوب بحي غرب في أسيوط    ب350 مليون جنيه.. رفع كفاءة محطة معالجة الصرف الصحي بدهب لتصبح معالجة ثلاثية    الاثنين 14 يوليو 2025.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع اليوم    استعلم عن لجنتك الانتخابية إلكترونيًا بالرقم القومي قبل انتخابات الشيوخ 2025 (رابط مباشر)    تفاصيل زيارة المدير التنفيذي للأكاديمية الوطنية للتدريب لدمياط لمتابعة تنفيذ برنامج «المرأة تقود»    بعد غياب 4 أعوام.. محمد حماقي ونانسي عجرم يجتمعان في حفل غنائي بمهرجان ليالي مراسي    "شباب الأحزاب" تشارك في الاجتماع التنسيقي الثالث للقائمة الوطنية من أجل مصر لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 14-7-2025 للمستهلك الآن    كم سجل سعر الريال السعودي اليوم الاثنين 14-7-2025 بداية التعاملات الصباحية؟    نتنياهو يرفض إقامة مدينة إنسانية جنوب غزة ويأمر بإعداد خطة بديلة    لماذا يجب أن تتناول الشمام يوميًا خلال فصل الصيف؟ (تفاصيل)    استشاري طب وقائي: الالتهاب السحائي يصيب الأغشية المحيطة بالمخ والنخاع الشوكي    وزير الخارجية: أبناء مصر بالخارج ركيزة أساسية لتعزيز مكانة مصر إقليميًا ودوليًا    الري تطلق ثورة رقمية في إدارة المياه| التليمتري وتطوير الترع لترشيد الاستهلاك    عمرو يوسف يروّج ل"درويش" بصور من التريلر الثاني والعرض قريبًا    حميد الشاعري يتألق في افتتاح المسرح الروماني (فيديو)    بعد بيان الأهلي.. إبراهيم المنيسي يكشف مصير بيع إمام عاشور.. وجلسة حاسمة    ترامب يتهرب من الرد على سؤال حول العقوبات الجديدة ضد روسيا    أجواء حارة وشبورة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين 14 يوليو    أفضل عشاء لنوم هادئ وصباح مفعم بالطاقة    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    محمد صلاح: المجلس الحالي لا يقدّر أبناء الزمالك وفاروق جعفر "أهلاوي"    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    هل يجوز المسح على الحجاب أثناء الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق الإنسان.. وماذا بعد إطلاق الاستراتيجية؟
نشر في المصري اليوم يوم 19 - 09 - 2021

بعد ترقب لنحو عام كامل، أنجزت اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان باقتدار وتميز وثيقة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان 2021- 2026، والتى حظيت بقوة دفع هائلة نتيجة إطلاقها برعاية رئيس الجمهورية بحضور لفيف متنوع لم يهمل مشاركة العشرات من ممثلى المجتمع المدنى، وخاصة غالبية ممثلى منظمات حقوق الإنسان، ما كان له دلالة إيجابية مهمة على تجاوز عثرات الماضى والانفتاح الكامل على تصويب الأخطاء التى شابت العلاقة بين الدولة المصرية وجماعات حقوق الإنسان المحلية.
تكلل هذا التطور بإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2022 عامًا للمجتمع المدنى، وهو الإعلان الذى يعكس إرادة سياسية جلية صوب إنهاء الأزمة التى واجهتها البلاد لنحو خمس سنوات، ويتزامن عام 2022 مع اكتمال فترة تكييف الأوضاع لمؤسسات العمل الأهلى فى 10 يناير المقبل وانطلاق التطبيق الكامل لقانون تنظيم العمل الأهلى 149 لسنة 2019.
ولم يأتِ هذا الإعلان الرئاسى لعام المجتمع المدنى نوعًا من الترويج السياسى للاستراتيجية، ولكن تأكيدًا لما تضمنته الوثيقة من الشراكة الثلاثية بين اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان التابعة لمجلس الوزراء وكل من المجلس القومى لحقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدنى، وهو ما وفر مؤشرًا قويًا على الجدية وعلى إرادة سياسية فاقت التوقعات.
ومن أبرز الشواهد الإيجابية أيضًا تركيز رئيس الجمهورية على قضية المشاركة السياسية فى مقدمة القضايا النوعية التى نالت الاهتمام فى كلمته الرسمية، وتأكيد هذا النهج عبر التكليفات التى وجهها للجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان فى ختام كلمته، ومن بينها التكليف الثانى الذى دعا فيه الرئيس «الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدنى للاهتمام بإثراء التجربة السياسية المصرية، وبناء الكوادر المدربة من خلال توسيع دائرة المشاركة والتعبير عن الرأى فى مناخ من التفاعل الخلاق والحوار الموضوعى».
ولهذا الأمر دلالة مهمة على صعيد توافر الإرادة السياسية بجلاء لتعزيز الحريات العامة والسياسية، فخلال السنوات السبع الماضية نالت الحقوق الاقتصادية والاجتماعية قوة دفع كبيرة ضمن مسار التنمية الناجح، وهو مسار بُنى على منظور تخطى الأزمة واستعادة العافية.. بينما لم تحظ الحقوق السياسية بقوة الدفع ذاتها، ففيما عدا قضية المواطنة وضمان المساواة ونبذ التمييز والتدخلات المباشرة لرئيس الجمهورية فى تحقيق ضمان تكافؤ الفرص، تراجعت الحريات العامة، بما فى ذلك حريات التعبير والاجتماع والتنظيم والمشاركة، وكان هذا الأمر تعبيرًا عن اختلال يستوجب المعالجة.
لا يمكن نفى وجاهة الرأى السائد بأن تحديات الإرهاب والاضطراب الإقليمى والحاجة لبناء مقدرات القوة الشاملة للدولة شكلت عائقًا فى السابق لتحقيق ذلك. كما لا يمكن نفى وجاهة الرأى المخالف الذى يرى أن حماية التقدمات فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومعالجة الفجوات المتخلفة عن مسار الإصلاح الاقتصادى هى أمر لا يمكن تحقيقه، أو ضمان استدامة النجاحات المتحققة بمعزل عن توافر الحريات العامة التى تسمح برصد الفجوات واقتراح الحلول وضمان التشاور المجتمعى وانخراط أصحاب المصلحة وشعور المجتمع بملكيته للتقدمات والمنجزات.
نالت الاستراتيجية قبل وبعد إعلانها وإطلاقها جدلًا كبيرًا، لم يكن ممكنًا حسمه بالاكتفاء بمساهمة ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدنى المتخصصة فى مجال حقوق الإنسان فى جهود الإعداد، وهى المساهمة التى توسعت وتكثفت بمرور الوقت بعد تشكيل الهيئة الاستشارية للاستراتيجية وخلال جلسات التشاور الثلاث مع قيادات جماعات حقوق الإنسان، فرغم التقدمات المحرزة فى الإفراج عن رموز المعارضة السياسية وتبرئة ذمة غالبية نشطاء حقوق الإنسان فى إطار ما يُعرف ب«القضية 173» الممتدة لعشر سنوات، لاتزال التطلعات نحو معالجة وضع معارضين لايزالون قيد الاحتجاز للتحقيق أو المحاكمة، ولاتزال القضية 173 مفتوحة بحق بعض نشطاء حقوق الإنسان، وهذه التطلعات تحولت إلى استحقاقات منشودة بعد إطلاق الاستراتيجية.
إن الأثر المطلوب تحقيقه خلال السنوات الخمس لتطبيق الاستراتيجية لا يتوقف على بعض التطلعات والاستحقاقات، لكنه يتعلق بمستوى التنفيذ المأمول للأهداف والغايات، ويترقب الجميع إعلان اللجنة العليا الدائمة جدولًا زمنيًا للتنفيذ وتحقيق الأهداف، مع تحديد الشركاء بين الجهات المسؤولة وبين أصحاب المصلحة من المجتمع المدنى بمفهومه الواسع من مؤسسات أهلية ومراكز بحث أكاديمية ومجالس وطنية ونقابات عمالية وأهلية، بالإضافة إلى المجتمع السياسى ممثلًا فى الأحزاب التى قفز عددها إلى 106 أحزاب سياسية.
ومن ضمن الشروط الجوهرية لترجمة الإرادة السياسية للمضى قدمًا فى تعزيز واحترام حقوق الإنسان «إعداد الكوادر الفنية فى مؤسسات الدولة المعنية» لامتلاك المعرفة والمهارات التقنية الضرورية لإنجاز المهمة، لاسيما أن الأداء الرسمى فى مجال حقوق الإنسان انطلق طوال السنوات الماضية من فلسفة التحفظ وأولوية الاعتبارات الأمنية، وهو أمر يستوجب إعادة نظر عاجلة لأخذ كل الاعتبارات الأمنية والسياسية والمصالح المجتمعية فى حزمة موضوعية متوازنة لبناء السياسات اللازمة.
وبينما لا يمكن إغفال تحديات التراكم الزمنى المنشود لإحداث الأثر والفارق، فإن قضايا ذات أولوية تتقدم على ما دونها، خاصة المعالجة الفورية للجمود الحاصل فى تعديل قانون الإجراءات الجنائية وفقًا للمشروع المقدم من مجلس الوزراء إلى البرلمان فى مايو 2017، مع ضرورة الأخذ بملاحظات مجلس الدولة ومقترحات جماعات حقوق الإنسان لإثراء هذه التعديلات، لاسيما أن هذه التعديلات التى تشمل 54 مادة من القانون تبقى استحقاقًا متأخرًا بموجب الدستور، ومن شأنها أن تعالج العديد من بواعث القلق الكبرى، وأهمها التوسع فى استخدام تدابير الحبس الاحتياطى.
يأتى تاليًا فى الأولوية إطلاق حوار مجتمعى لمراجعة وتحديث قانون العقوبات الصادر فى العام 1937 فى ضوء المتغيرات الكبرى الحاصلة فى الفلسفات العقابية ومفهوم الردع، لاسيما نحو تطوير النصوص القانونية التى تشكل بواعث قلق، وتتضمن أهمية الحد من العقوبات المغلظة، والحظر المطلق للتعذيب، والاحتجاز غير القانونى، وتبنى العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحريات بما يجنب الدولة الأعباء الاقتصادية الهائلة التى يتجلى أبرزها فى قضايا الغارمين والغارمات.
إن إيلاء الاهتمام بهذه القضايا لن يشكل فقط المدخل لتطبيق الاستراتيجية، ولكن أيضًا يضمن أن تكون الاستراتيجية محققة للصالح العام، وملبية للأولويات التى تثير اهتمام المواطن المصرى.
وغنى عن القول أن هذه القضايا ذات الأولوية تتسق بصورة كاملة مع الجهود البارزة لوزارة العدل والنيابة العامة لتعزيز الحق فى التقاضى وتحديث وعصرنة مرفق العدالة وتبنى آليات التحول الرقمى.
محامٍ، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وعضو الهيئة الاستشارية للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.