عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص كلمة الرئيس السيسي بفعاليات إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان
نشر في اليوم السابع يوم 11 - 09 - 2021

قال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إن مصر تؤكد مجددًا احترامها لجميع التزاماتها التعاهدية ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، فإن ما تنشده هو ضمان تمتع المجتمع المصري بحقوقه كاملة، بما يضمن للوطن أمنه واستقراره، الأمر الذي يستلزم بذل مزيد من الجهد الصادق والعمل الدءوب من أجل تعزيز مسيرة حقوق الإنسان، فأبناء مصر يستحقون الأفضل دائمًا، وستواصل المؤسسات المصرية الحكومية والمدنية سعيها الوطني تحقيقًا لتلك الغاية، فلم تغفل مصر وهي على أعتاب تأسيس "جمهورية جديدة" أن تبدأ حقبة مستقبلية في تاريخها الممتد دون إعداد استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان إيمانًا بأهميتها في استمرار وتجدد الدولة الوطنية، وكذا تعزيز الجهود المتواصلة لضمان صون كرامة المواطن المصري.

جاء ذلك في كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى، خلال فعاليات إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان (2021-2022)

وإلي نص الكلمة..


بسم الله الرحمن الرحيم

السيدات والسادة.. الحضور الكريم

يطيب لي في مستهل حديثي إليكم اليوم بمناسبة إطلاق الاستراتيجية الوطنية الأولى لحقوق الإنسان أن أرحب بكم جميعًا سواء كنتم مساهمين في إعداد تلك الاستراتيجية أو من المصريين والضيوف الأجانب الذين يشاركوننا تلك اللحظة المضيئة في تاريخ مصر المعاصر والتي أعتبرها خطوة جادة على سبيل النهوض بحقوق الإنسان في مصر أخذًا في الاعتبار ما يحظى به هذا المجال الحيوي من أهمية في تقييم رقي المجتمعات وتقدمها.

وأود في هذا السياق أن أشير إلى أن مصر كانت من أولى الدول التي ساهمت في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 حيث لم تتوقف مساهمتها في هذا المجال عند هذا التاريخ بل استمرت وإلى الآن بإيمان عميق واقتناع وطني ذاتي بأهمية اعتماد مقاربة شاملة وجدية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وها نحن اليوم حيث تطلق الحكومة المصرية استراتيجيتها الوطنية الأولى لحقوق الإنسان والتي تعد نتاجًا لجهود حثيثة بذلتها اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان على مدار أكثر من عام، وأود أن أثمن المنهجية التي تم بها إعداد تلك الاستراتيجية والتي قامت على نحو تشاركي وتشاوري موسع يستجيب لطموحات وآمال الشعب المصري.

كما أتوجه بالشكر إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان وممثلي المجتمع المدني من مختلف المحافظات وأعضاء الهيئة الاستشارية على مساهمتهم البناءة في بلورة تلك الاستراتيجية.

السيدات والسادة،

إن الرؤية المصرية لحقوق الإنسان تستند على عدد من المبادئ الأساسية، أبرزها:

أن كافة الحقوق والحريات مترابطة ومتكاملة، وأن ثمة ارتباطًا وثيقًا بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، مع أهمية تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وبين حق الفرد والمجتمع وضرورة مكافحة الفساد لضمان التمتع بالحقوق والحريات.

كما أن الالتزام بصون الحقوق والحريات وتعزيز احترامها يتحقق من خلال التشريعات والسياسات العامة من جانب، ومن خلال ما تقوم به مختلف المؤسسات والآليات الوطنية من إنفاذ لتلك التشريعات والسياسات من جانب آخر، وهي الجوانب التي اهتمت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بمراعاتها جميعًا، فعلى صعيد التشريعات والسياسات العامة تستند جهود الدولة إلى المبادئ والالتزامات الدستورية والقانونية، ولقد حقق الدستور نقلة نوعية كبيرة في هذا الخصوص، إذ رسخ مبادئ المواطنة والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات دون أي تمييز وجعل تكافؤ الفرص أساسًا لبناء المجتمع.

كما يكفل الدستور استقلال السلطة القضائية باعتبارها وسيلة الإنصاف الأساسية التي تضمن الإنفاذ الفعلي لكافة الحقوق وتزخر البنية التشريعية المصرية بالعديد من الضمانات اللازمة لتعزيز واحترام حقوق الإنسان "فالجميع أمام القانون سواء".

كما تؤكد الدولة المصرية التزامها باحترام وحماية الحق في السلامة الجسدية والحرية الشخصية والممارسة السياسية وحرية التعبير وتكوين الجمعيات الأهلية، والحق في التقاضي فمصر ترحب دومًا بتعدد الآراء، بل واختلافها ما دامت تراعي حريات الآخرين، وتهدف من خلال نقد بناء وتشاركي إلى تحقيق ما هو أفضل لصالح مصر وشعبها.

ولطالما تبنت مصر وما تزال حرية الفكر والإبداع والتعبير، مما أثمر عن مساهمة مصرية رائدة في محيطها الإقليمي "فنًا وأدبًا وثقافة"، بل أضحى هذا المجال يحظى بدعم مباشر من قيادة الدولة لتشجيع الكوادر العاملة به.

كما يتوافر لدينا على التوازي اقتناع راسخ بأهمية تعزيز جهود تحقيق العدالة الناجزة وكذا ضمانات المحاكمات العادلة وتبذل الدولة جهودًا حثيثة ومستمرة للتأكيد على قيم المواطنة والتسامح والحوار ومكافحة التحريض على العنف والتمييز.

كما تمتلك مصر بنية مؤسسية وطنية ثرية تعمل على تعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان، وتخضع للتطوير المستمر، ولقد جاء إنشاء اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان كإضافة مهمة من شأنها دعم وتعزيز العمل الوطني المنسق في هذا المجال، وإلى جانبها توجد وحدات وإدارات مختصة بحقوق الإنسان في كافة الوزارات والمحافظات والجهات ذات صلة، وتضطلع المجالس القومية للمرأة وللطفولة والأمومة وللأشخاص ذوي القدرات الخاصة وأصحاب الهمم بأدوار رائدة في مجال تعزيز حقوق تلك الفئات.

كما أن المجلس القومي لحقوق الإنسان باعتباره المؤسسة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان وفقًا لصلاحياته في إطار الدستور يقوم بدور محوري وفاعل في مجال ترسيخ المبادئ ذات الصلة ونشر الوعي بها، ويقدم تقاريره السنوية للدولة.

ويأتي المجتمع المدني كشريك أساسي مهم في عملية تعزيز وحماية حقوق الإنسان بكافة أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونشر الوعي بحقوق الإنسان في المجتمع، وتشجيع ثقافة العمل التطوعي والإسهام في جهود مكافحة التطرف والتوجهات المناهضة لقيم مجتمعنا المصري

ومما لا شك أن إسهامات وإنجازات المجتمع المدني واضحة وشراكته مع الدولة لا غنى عنها.

ومن هنا كان توجيهي للحكومة بإعادة النظر في قانون الجمعيات الأهلية السابق وهو ما أثمر عن إصدار قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي الجديد بما يتضمنه من تيسيرات وضمانات تعزز العمل الأهلي بعد حوار مجتمعي ضم ألفًا وثلاثمائة منظمة غير حكومية مصرية وأجنبية، ومع إصدار اللائحة التنفيذية لهذا القانون تبدأ مرحلة جديدة من الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني تقوم على أسس من التعاون واحترام القانون.

وعلى صعيد الحقوق المدنية والسياسية فإننا نولي اهتمامًا خاصًا لتعزيز الحق في المشاركة في الحياة السياسية والعامة باعتبار ذلك مكونًا مهمًا للنهوض بجميع مجالات حقوق الإنسان ويسهم في ترسيخ دعائم الديمقراطية وسيادة القانون، ولتعزيز هذه الحقوق تم وضع وتحديث العديد من التشريعات الوطنية، وإنشاء عدد من الهيئات والكيانات المستقلة لتنظيم ممارسة هذه الحقوق وضمان التمتع بها.

ولقد شهدت الحياة السياسية والعامة في مصر نشاطًا مكثفًا خلال الفترة الماضية تكلل بإنجاز كافة الاستحقاقات الدستورية التي كفلت تعبير الشعب عن إرادته الحرة من خلال انتخابات رئاسية ونيابية واضطلع ممثلو الشعب بمسئولياتهم في التعبير الحر عن رؤيتهم لإنجاز المسيرة الوطنية، وتقييم أداء السلطة التنفيذية من خلال دورة برلمانية حافلة بالتفاعلات والانتماءات السياسية سعيًا نحو تحقيق الصالح العام.

كما تم استكمال مؤسساتنا التشريعية باستحداث مجلس الشيوخ، وإجراء انتخاباته لكي يقوم بدوره جنبًا إلى جنب مع مجلس النواب وتم إنشاء الهيئة الوطنية للانتخابات ككيان مستقل ودائم يختص دون غيرة بإدارة الانتخابات والاستفتاءات في كافة مراحلها بما يضمن نزاهتها ويشجع على المشاركة السياسية.

كما تم أيضًا وضع وتحديث العديد من التشريعات التي تضمن للمواطن المصري ممارسة حقوقه السياسية ومن بينها قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الأحزاب السياسية وقانون مجلس النواب وقانون مجلس الشيوخ وقانون الانتخابات الرئاسية وقانون تقسيم الدوائر الانتخابية وقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي، وقد مثلت هذه القوانين نقلة مهمة ونوعية نحو تكريس وضمان ممارسة الحقوق والحريات السياسية.

أما على مستوى حرية الدين والمعتقد فمصر الدولة ذات التراث الديني الثري مستمرة في بذل جهودها الحثيثة للتأكيد على قيم المواطنة والتسامح والحوار ومكافحة التحريض على العنف والتمييز، ولقد حققت الدولة المصرية تقدمًا مشهودًا لها في هذا المجال ضمانًا للمساواة بين أبناء الوطن الواحد في الحقوق والواجبات، وليس أدل على ذلك من إصدار قانون بناء وترميم الكنائس الذي تم بموجبه تقنين أوضاع نحو ألف وثمانمائة كنيسة ومبنى تابع لها، كما يتناغم وقوف كل من مسجد "الفتاح العليم" جنبًا إلى جنب مع كاتدرائية "ميلاد المسيح" بالعاصمة الإدارية الجديدة كشاهدين على تلك الجهود والإنجازات.

وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ترتكز الرؤية التنموية المتكاملة للدولة "مصر 2030" على مفاهيم النمو الشامل والمستدام والمتوازن، بما يتيح التوزيع العادل لفوائد التنمية، وتحقق أعلى درجات الاندماج المجتمعي لكافة الفئات وضمان حقوق الأجيال الحالية والقادمة في استخدام الموارد.

ويعكس حجم الإنجازات التي حققناها خلال السنوات السبع الماضية من خلال المشروعات القومية الكبرى في كل ربوع مصر القدرات الوطنية سواء على مستوى التخطيط أو التنفيذ، فضلًا عن حسن توجيه وإدارة الموارد المتنوعة للوصول إلى أعلى مستويات التنمية، وهو ما انعكس بشكل مباشر على مستوى إنفاذ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خاصةً فيما يتعلق بالحق في السكن الملائم، وفي الرعاية الصحية المناسبة، وفي العمل المنتظم، وفي الغذاء الصحي، وفي مياه الشرب النقية والصرف الصحي المتطور، وفي التعليم الجيد.

ولقد اهتمت الدولة بشكل خاص بتدابير الحماية الاجتماعية لدى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي بهدف تخفيف أثره على محدودي الدخل والفئات الأكثر احتياجًا وذلك من خلال تبني العديد من السياسات والبرامج والمبادرات أبرزها مبادرة "تكافل وكرامة"، ومبادرة "حياة كريمة" لتنمية وتطوير قرى الريف المصري الذي يسكنه أكثر من نصف تعداد مصر وغيرهما من المبادرات القومية العديدة.

واستطاعت مصر خلال السنوات الماضية أن تخطو خطوات كبرى نحو تحقيق المساواة وتمكين المرأة، حيث حصلت على 128 مقعدًا من مقاعد مجلس النواب في انتخابات عام 2021 بنسبة تجاوزت 28٪، بل أضحت المرأة المصرية قاضية ووزيرة بمجموع ثماني وزيرات في الحكومة الحالية بنسبة تقترب من "25٪" فضلًا عن مساواة المرأة بالرجل في الأجر دون تمييز على أساس النوع.

ومضت الدولة المصرية في وضع استراتيجية 2030 الخاصة بتمكين المرأة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا ولم يقف اهتمام الحكومة المصرية عند هذا الحد، بل أولى العناية الواجبة لتعزيز حقوق الطفل والأشخاص ذوي القدرات الخاصة وأصحاب الهمم فلدينا إرادة سياسية قوية داعمة لقضايا تلك الفئات الأولى بالرعاية ولا ندخر جهدًا في سبيل تحقيق آمالهم وطموحاتهم، وهو ما تجلى أثره في ترجمة الحقوق الدستورية المكفولة لهم إلى قوانين واستراتيجيات وسياسات وبرامج تنفيذية عديدة.

أما الشباب فلقد حرصت الدولة على رعايتهم وتنمية قدراتهم وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة وتوفير فرص العمل لهم وانطلاقًا من أهمية انفتاحهم على الآخر، والتعرف على الثقافات المتعددة، فلقد حرصنا على توفير المحافل المناسبة لذلك، ويأتي في القلب منها "منتدى شباب العالم" الذي تحرص مصر على تنظيمه بشكل سنوي ونأمل في استئنافه قريبًا عقب انقضاء جائحة "كورونا" وما تفرضه من إجراءات احترازية.

كما اهتمت الدولة أيضًا بإعداد الكوادر الشابة القادرة على المساهمة في تحمل المسئوليات الوطنية فجاء إنشاء "الأكاديمية الوطنية لتدريب الشباب" عام 2017، حيث أصبح الشباب يشاركون في صياغة خطط التنمية وتنفيذها، بل أضحى بعضهم نوابًا للوزراء والمحافظين وممثلين للشعب بالبرلمان، وذلك من خلال ما تتخذه الأكاديمية من برامج تأهيلية لصقل مهاراتهم وإعدادهم.

السيدات والسادة،

يهمني أن أؤكد مجددًا أن تلك الاستراتيجية الوطنية الأولى نابعة من فلسفة مصرية ذاتية تؤمن بأهمية تحقيق التكامل في عملية الارتقاء بالمجتمع، والتي لا يمكن أن تكتمل دون استراتيجية وطنية واضحة لحقوق الإنسان تعني بالتحديات والتعاطي معها مثلما تراعي مبادئ وقيم المجتمع المصري، ومن ثم فقد اهتمت بمختلف محاور حقوق الإنسان من منظور متكامل ومفهوم شامل لتلك الحقوق، وإيمانًا بأن العبرة تكمن دومًا في التنفيذ، فإنني أوجه اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان بمواصلة تنفيذ التكليفات الموكلة لها، كما أكلف الحكومة باتخاذ جميع الخطوات التي من شأنها تعزيز ذلك، وعلى رأسها ما يلي :

أولًا:

مواصلة جهود دمج أهداف ومبادئ حقوق الإنسان في السياسات العامة للدولة، وفي إطار تنفيذ "استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030".

ثانيًا:

دعوة الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدني للاهتمام بإثراء التجربة السياسية المصرية، وبناء الكوادر المدربة من خلال توسيع دائرة المشاركة والتعبير عن الرأي في مناخ من التفاعل الخلاق والحوار الموضوعي.

ثالثًا:

ضمان التوزيع العادل لثمار التنمية وحق كل شخص في التمتع بمستوى معيشي ملائم له ولأسرته، بما يوفر لهم ما يفي باحتياجاتهم الأساسية.

رابعًا:

تعزيز التواصل مع مختلف مؤسسات المجتمع المدني، وتقديم كل التسهيلات للتنفيذ الفعال لقانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي ولائحته التنفيذية، لإتاحة المناخ الملائم لهم للعمل كشريك أساسي لتحقيق التنمية ونشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع.

خامسًا:

الحرص لدى تنفيذ الرؤية المتكاملة للإصلاح الإداري على بناء جهاز إداري كفء وفعال يتبع آليات الحكم الرشيد ويخضع للمساءلة وينال استحسان المواطنين لمستوى الخدمات المقدمة لهم ويتسم بالكفاءة والعدالة وعدم التمييز.

سادسًا:

تطوير منظومة تلقي ومتابعة الشكاوى في مجال حقوق الإنسان للاستجابة السريعة والفعالة لأية شكاوى والتواصل الفعال مع جهات الاختصاص بشأنها.

سابعًا:

تكثيف الجهود الوطنية لبناء القدرات والتدريب في مجال حقوق الإنسان.

ويطيب لي قبل أن أختتم خطابي إليكم أن أعلن عام 2022 "عامًا للمجتمع المدني"، والذي أدعوه إلى مواصلة العمل بجد واجتهاد جنبًا إلى جنب مع مؤسسات الدولة المصرية، لتحقيق التنمية المستدامة في كافة المجالات، ونشر الوعي بثقافة حقوق الإنسان، مساهمة في تحقيق آمال وطموحات الشعب المصري العظيم.

السيدات والسادة.. الحضور الكريم

تؤكد مصر مجددًا احترامها لجميع التزاماتها التعاهدية ذات الصلة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، فإن ما تنشده هو ضمان تمتع المجتمع المصري بحقوقه كاملة، بما يضمن للوطن أمنه واستقراره، الأمر الذي يستلزم بذل مزيد من الجهد الصادق والعمل الدءوب من أجل تعزيز مسيرة حقوق الإنسان، فأبناء مصر يستحقون الأفضل دائمًا، وستواصل المؤسسات المصرية الحكومية والمدنية سعيها الوطني تحقيقًا لتلك الغاية، فلم تغفل مصر وهي على أعتاب تأسيس "جمهورية جديدة" أن تبدأ حقبة مستقبلية في تاريخها الممتد دون إعداد استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان إيمانًا بأهميتها في استمرار وتجدد الدولة الوطنية، وكذا تعزيز الجهود المتواصلة لضمان صون كرامة المواطن المصري.

شكرًا لكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.